الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
“سبعة فصول شتاء في طهران” ريحانة جباري في دائرة الضوء
يعرض الفيلم الوثائقي مأساة الفتاة الإيرانية التي أُعدمت بعد إدانتها بقتل رجل اتهمته بمحاولة اغتصابها

كيوبوست
في 25 أكتوبر عام 2014، نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام في الشابة الإيرانية ريحانة جباري ملايري، بعد 7 سنوات من احتجازها على خلفية اتهامها بقتل موظفٍ سابق بالاستخبارات الإيرانية “عمداً” بحسب القضاء، و”دفاعاً عن النفس” بعد محاولته اغتصابها، بحسب تصريحات ريحانة التي قالت إن الرجل خدعها، وادعى طلب مساعدتها في ترتيب وتصميم مكتبه، حيث كان عمرها 19 عاماً تقريباً وتعمل كمهندسة ديكور، ليحاول اغتصابها في الشقة، وتحاول الهرب منه بطعنة عبر سكين لمنعه من اغتصابها.

قضية ريحانة عادت للضوء مجدداً لكن هذه المرة سينمائياً من خلال الفيلم الوثائقي “سبعة فصول شتاء في طهران” الذي عرض في الدورة الحالية من مهرجان برلين السينمائي الدولي، للمخرجة الألمانية شتيفي نيدرزول، وهو الفيلم الذي قدمت فيه الممثلة الإيرانية المقيمة في فرنسا زار أمير ابراهيمي، الأداء الصوتي لدور ريحانة، والتي تحولت لتكون رمزاً للكفاح من أجل حقوق المرأة.
على مدار أكثر من 90 دقيقة نشاهد في الفيلم الوثائقي الطويل قصة ريحانة جباري والرسائل التي كانت ترسلها من محبسها إلى عائلتها، بالإضافة إلى العديد من اللقطات المصورة بشكلٍ سري من بينها صور لريحانة وهي داخل السجن، بينما دعمت عائلتها مخرجة الفيلم بعددٍ من اللقطات والرسائل التي لم تنشر من قبل، بينما قرأت ابراهيمي الرسائل التي كتبتها ريحانة.

تقول مخرجة الفيلم شتيفي نيدرزول، في لقاءٍ مع “كيوبوست”، إن فكرة العمل ترجع إلى عام 2014 وتحديداً قبل تنفيذ حكم الإعدام على ريحانة، حيث كانت تسمع الأخبار عنها مع قرب تنفيذ حكم الإعدام عليها، مثل غيرها من القضايا المأساوية التي تعيشها النساء، لكن الأمر بالنسبة لها بدأ يأخذ منحنى آخر من خلال صديقها الإيراني الذي كانت تزوره في تركيا خلال فترة دراسته، وتعرفت خلال تلك الفترة على أفراد من عائلة ريحانة، حيث لمستها القصة عن قرب، وعاشت جزءاً من المعاناة النفسية معهم.
وأضافت أن عائلة ريحانة كان لديها رغبة في تقديم عمل عن قصتها، وما تعرضت له خاصة مع دخولها للسجن، وهي صغيرة في العمر، وعدم تصديق روايتها وما تعرضت له وتصرفها دفاعاً عن النفس، وخلال تلك الفترة كانوا يبحثوا عن من يتولى تقديم العمل إلى أن سألوها ما إذا كان يمكن أن تقوم بهذا الدور أم لا.
تقول شتيفي نيدرزول إنها لم تكن تعرف ماذا يمكن أن تقدم، وكان تفكيرها متركزاً أنه في حال موافقتها على خوض التجربة لا يمكنها التراجع، أو تقديمها بصورة أقل من المتوقعة، لافتةً إلى أنها طلبت أولاً الحصول على نسخة من المحتوى الذي جرى تصويره، والرسائل، وغيرها من المواد المصورة قبل حسم موقفها.

تحديات عدة
ثمة تحديات واجهت المخرجة الألمانية رغم حماسها الشديد، بداية من عدم إدراكها لطبيعة المجتمع الإيراني وتفاصيله، وصولاً لعدم معرفتها اللغة الفارسية وإجادتها، الأمر الذي دفعها للجوء إلى أصدقاء من أجل الترجمة، بجانب الاستعانة بمحرك البحث غوغل في بعض الترجمات، لتبدأ بعدها العمل على المشروع، وبمساعدة شذا شقيقة ريحانا التي تمكنت لاحقاً من السفر خارج إيران، بعد سنواتٍ مُنعت فيها، وجرى خلالها مصادرة جواز السفر الخاص بها.
تشير المخرجة الألمانية إلى سعيها لتقديم الفيلم في أفضل صورة، وشرح التفاصيل كافة التي حدثت مع ريحانة، والظلم الذي تعرضت له لإلقاء الضوء على المعاناة التي تعيشها المرأة في إيران، وحرمانها من حقوقها الأساسية، فدائماً ما يكون مسؤولاً عن إعطائها لحقوقها رجلٌ، سواء كان الأب أو الزوج.
وأضافت أن جزءاً من التحديات التي واجهتها، هو كيفية طمأنة الموجودين في الداخل بإيران ليتعاونوا معها، والتأكيد على أن الأمر لن يسبِّب لهم أي أضرار، خاصة مع تضييق السلطات على عائلة ريحانة بشكلٍ كبير، وهو ما جعلها تعمل لفترة طويلة على الفيلم حتى يخرج بصورته النهائية التي شاهدها الجمهور في برلين.
تعرب شتيفي نيدرزول عن سعادتها برد فعل الجمهور خلال العروض الأولى في المهرجان، لدرجة أن بعض الإيرانيين والعراقيين الذين شاهدوا العروض بكوا تأثراً بما شاهدوه، بل أن بعضهم قدم شهادات عن قصص وحكايات مماثلة لأشخاصٍ يعرفونهم تعرضوا لظلمٍ مماثل، فهناك عشرات القصص الحزينة التي وصلتها بعد عرض الفيلم، متمنية أن يعرض الفيلم بعدة مهرجانات من أجل تسليط الضوء على ريحانة ونضالها.