الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي إلى طهران… خطوة أولى يُنتظر ما بعدها

حظيت زيارة الشيخ طحنون بن زايد باهتمامٍ واسع بين المحللين السياسيين في ضوء التصريحات الإيجابية التي صدرت من إيران عن التعاون مع أبوظبي

كيوبوست

حظيت زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد، إلى إيران، بردود فعل واسعة واهتمام واسع إقليمياً؛ كونها الزيارة الأهم لمسؤول سياسي إماراتي خلال السنوات الأخيرة في وقت يشهد اتساع لغة الحوار الدبلوماسي بين الإمارات وجيرانها في المنطقة، وفي وقت قال فيه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، إن الأمن والاستقرار المستديمَين لن يتوفرا إلا عبر التعاون بين بلدان المنطقة، وإن زيارة الوفد الإماراتي تعتبر صفحة جديدة في العلاقات وتمهد لتعزيز وتنمية العلاقات الثنائية في المجالات كافة.

لكن الزيارة التي تنظر إليها إسرائيل بقلق، حسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، التي نقلت عن مسؤول رفيع المستوى قلقه من بوادر التقارب بين طهران وأبوظبي، مؤكداً أن التقارب مع إيران وإسرائيل بالتوازي لا يستويان، بينما نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” آراء متباينة لسياسيين إسرائيليين مع تساؤلات حول قدرة الإمارات على بناء علاقات قوية مع خصمَين متحاربَين في المنطقة؛ هما طهران وتل أبيب.

اقرأ أيضاً: برنامج الصواريخ الإيرانية..التفاوض على “ما لا يقبل التفاوض!”

وجهات نظر مختلفة

داني سيترينوفيتش

تشترك إسرائيل والإمارات في فهم التهديدات الإيرانية، حسب داني سيترينوفيتش، الخبير الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن كلتا الدولتَين لديها وجهات نظر مختلفة في ما يتعلق بطريقة التعامل مع التهديدات الإيرانية القائمة، فترى تل أبيب أن إيران تمثل الشر المطلق الذي يجب أن لا تتحاور معه، وتسعى الإمارات إلى نزع فتيل التوتر كوسيلة لتعزيز أمنها؛ خصوصاً في ضوء إدراك تطلع الولايات المتحدة إلى التمحور في آسيا.

سنام وكيل

وتقول سنام وكيل، كبير باحثين ونائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، إن الإمارات لديها استراتيجية تكتيكية وعملية تجاه إيران، وتضيف لـ”كيوبوست”: إن هذه الاستراتيجية تسعى لتقليل مخاطر التصعيد المستهدف الذي من شأنه أن يضر بالأهداف الاقتصادية التي تسعى أبوظبي لتحقيقها، لافتةً إلى أن الإمارات تدرك جيداً الواقع الجغرافي والديموغرافي للمنطقة.

وكان الكاتب ديفيد إغناطيوس، قد نشر مقالاً في صحيفة “واشنطن بوست”، أكد فيه أن الإمارات غيرت مسار المواجهة مع إيران والأحزاب الإسلامية إلى الحوار، مشيراً إلى أن أبوظبي ترفع اليوم شعار “صفر مشاكل”.

تكتيك إماراتي جديد

عادل مرزوق

على الرغم من أهمية الزيارة ودلالاتها السياسية، حسب رئيس تحرير “البيت الخليجي للدراسات والنشر” عادل مرزوق؛ فإن العلاقات والتنسيق الأمني بين الإمارات وإيران بلا شك لم يكونا منقطعَين في أية فترة من الفترات، وبما في ذلك الفترة التي كانت فيها العلاقات بين طهران وأبوظبي حادة ومتقلبة.

وأضاف مرزوق لـ”كيوبوست” أن زيارة الشيخ طحنون بالتوازي مع حركة ماكينة الدبلوماسية الإماراتية النشطة نحو تركيا وإيران وربما قطر قريباً، وهي ترجمة لتكتيك جديد من اللاعب الإماراتي يعتمد على “ليونة” أكبر في التفاعل والمعالجة السياسية مع الأزمات الراهنة في المنطقة.

عبد العزيز المعمري

يجد الكاتب والمحلل الإماراتي عبدالعزيز سلطان المعمري، في زيارة الشيخ طحنون إلى إيران “الدولة الجارة”، محطة مهمة ضمن محطات التحركات الدبلوماسية الإماراتية التي تعددت مؤخراً، مشيراً إلى أن الأهم في هذا التواصل الدبلوماسي هو وجود مؤشرات إيجابية من الطرف الإيراني للتعاون والعمل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ورغبة للتواصل مع دول المنطقة.

وأضاف أنه لا بد من الاستفادة من هذه الرغبة/ الفرصة والبناء عليها لتحقيق الفائدة المرجوة من التعاون والتكاتف بين الجميع؛ لإبعاد المنطقة عن المخاطر المتوقعة والمحيطة بها وضمان استمرار الأمن والازدهار لها، مشيراً إلى أن التحولات الإيجابية التي تحدث تعمل على حل الأزمات المتفجرة في ليبيا والعراق وسوريا؛ وهو ما يبدو أنه نتيجة لرغبة الدول كافة، ولن يكون مستغرباً بالتالي أن تبادر الإمارات بتقديم رؤيتها الخاصة في ملفات المنطقة مع الحوار أو إبداء حسن النية؛ وهي مسألة مهمة في العلاقات بين الدول.

يُنظر باهتمامٍ وترقب للعلاقات الإماراتية- الإيرانية – وكالات

علاقات بناءة

محمد الصوافي

“الزيارة لا تخرج عن التحركات الدبلوماسية لدولة الإمارات الأخيرة، والتي سَعَت من خلالها لاتباع سياسة (تصفير المشاكل)”، مشيراً إلى أن الشيخ طحنون سبق أن زار تركيا، والتقى الرئيس التركي في زيارة مهدت لزيارة الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، مؤخراً، والتي تمخضت عنها اتفاقيات استثمارية بقيمة 10 مليارات دولار، وكذلك جاءت زيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، إلى سوريا بمثابة “نقلة نوعية” في العلاقات بين أبوظبي ودمشق، وبما يعني الكثير في مسألة “تنشيط التواصل العربي”، حسب المحلل الإماراتي محمد الصوافي.

أحمد الباز

يشير مدير مركز “الإنذار المبكر” للدراسات السياسية الدكتور أحمد الباز، إلى أن الضغوط التي تواجهها إيران والعقوبات المفروضة عليها لم تجعل أمامها بديل سوى أخذ خطوة للوراء وخطب ود دول الجوار الخليجي، في ضوء الترتيبات الإقليمية؛ سواء في انفضاض الأزمة الخليجية أو العودة التدريجية للعلاقات مع تركيا، وهي أمور من شأنها جعل طهران وحيدة؛ خصوصاً إذا انفضت حالة التأزيم التي تستطيع إيران الاستثمار فيها لصالحها.

وذكرت صحيفة “سوزجو” التركية، أن سعي الإمارات هو لتأكيد موقفها كضامن للسلام؛ ليس فقط مع تركيا ولكن في الشرق الأوسط، وأن زيارة طحنون بن زايد هدفها حل النزاعات طويلة الأمد وزيادة التعاون بين البلدين في إطار التحركات الحاسمة التي تتخذها أبوظبي واحدة تلو الأخرى.

 

تحقِّق إيران مكاسب كبيرة من علاقاتها الاقتصادية مع الإمارات- وكالات
مسعود الفك

يؤيد هذا الرأي الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني مسعود الفك، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن الإمارات بشكل عام لديها الآن تحرك جديد في علاقتها مع الدول التي يوجد خلافات معها في الفترة السابقة، وهو ما يتضح في تحسين العلاقات مع تركيا، ومن قبلها المصالحة الخليجية، ومن ثمَّ يمكن النظر إلى التقارب مع إيران انطلاقاً من هذا الأمر؛ خصوصاً في ظل وجود علاقات اقتصادية قوية بين الجانبَين.

وأضاف أن الإمارات تعتبر إحدى البوابات الإيرانية المهمة أمام الاقتصاد الإيراني، ومن ثمَّ فطهران بحاجة شديدة إلى تحسين علاقاتها مع أبوظبي؛ وهو ما يجعل الأمور كافة مطروحة على طاولة المفاوضات في ظل وجود سياسة دبلوماسية واضحة من أبوظبي تعمل على حل الخلافات مع دول الجوار.

يؤكد مسعود الفك أن الإمارات لديها موقف واضح تجاه إيران، وهذا الموقف يمكن التعامل معه ضمن ثلاثة محاور مهمة؛ مسألة الجزر الثلاث، واليمن، والسياسة الإقليمية الإيرانية، مشيراً إلى أن الإمارات قد لا تتفق مع إيران بهذا الخصوص ومختلفة معها؛ ولكن الحوار كما يبدو للسياسة الإماراتية سيد الموقف لحل جميع الخلافات مع دول الجوار.

يؤكد عادل مرزوق أن الإمارات تحتاج إلى علاقات طيبة مع إيران أكثر من أي وقت مضى؛ خصوصاً بعد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، مشيراً إلى أن التوازن في العلاقات بين طهران وتل أبيب ضرورة استراتيجية لأبوظبي تحاول العمل عليه.

اقرأ أيضاً: القنبلة ستأتي بنتائج عكسية وإيران ستندم على امتلاكها

وأشار إلى أن طهران تحتاج أيضاً إلى هذه العلاقة؛ لأنها تستطيع مساعدتها في حلحلة عدة ملفات سياسية عالقة، ولأن الإمارات هي أهم شريك تجاري لها بعد الصين، مرجحاً استعداد إيران في سبيل علاقات جيدة مع الإمارات أن تتغاضى عن علاقات أبوظبي مع تل أبيب.

يشير أحمد الباز إلى أن الفاعل الاقتصادي حاضر وبشدة في هذا التحول؛ خصوصاً لدى الجانب الإيراني الذي يعاني اقتصادياً، إلا أن الجانب الإماراتي، ومع إيران على وجه الخصوص، لا يفصل الأمني والسياسي عن الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: رسائل إسرائيلية خلف استهداف منشأة “نطنز” النووية الإيرانية

“حلحلة الأزمات في المنطقة أمر الجميع مشترك فيه، وإن كانت الإمارات تبدو هي الأكثر نشاطاً كونها محط أنظار المراقبين والمكان الذي يستقبل السياسيين وصناع القرار في العالم من أجل التوسط في الخلافات بين الدول”، متوقعاً أن نشاهد تغيراً كبيراً في أسلوب معالجة الملفات المفتوحة في الإقليم؛ وهو ما تظهره المؤشرات الحالية، كما يقول الصوافي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة