الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا.. حصيلة ونتائج غير متوقعة

صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين على وقع متغيرات إقليمية ستغير خارطة التحالفات في المنطقة

كيوبوست- مصطفى أبو عمشة

شكَّلت زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إلى تركيا، الأربعاء الماضي، نقلة نوعية في العلاقات التركية- الإسرائيلية؛ إذ إنها تمهِّد لعهد جديد في العلاقات السياسية والاقتصادية بين الطرفَين، وذلك بعد سنوات عديدة من تصدعها.

الزيارة التي تعد الأولى منذ 15 عاماً؛ حيث شهدت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب توترات متزايدة بعد الهجوم الذي شنته القوات الإسرائيلية على سفينة “مرمرة الزرقاء” عام 2010، كما تأثرت بالتوترات التي شهدتها الساحة الفلسطينية.

الرئيسان الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ والتركي رجب طيب أردوغان، رحَّبَا في أنقرة بـ”تحول” العلاقات بين البلدَين بعد توتر شديد على مدى السنوات العشر الماضية.

شاهد: ما حجم التجارة الثنائية بين إسرائيل وتركيا؟

وأشار هرتسوغ، وهو أول رئيس إسرائيلي يزور تركيا منذ عام 2007، إلى ما سماه “لحظة مهمة جداً “بين البلدَين، مؤكداً: “لسنا متفقين حول جميع المسائل؛ لكننا نأمل في حل خلافاتنا باحترام متبادل وحسن نية”.

الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال وصوله إلى أنقرة يوم 9 مارس 2022

زيارة مهمة

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي ومدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل، أن زيارة الرئيس الإسرائيلي مهمة؛ فهي الأولى منذ 15 عاماً، مشيراً إلى أن الإسرائيليين كانوا يعولون على حزب العدالة والتنمية، والذي تأسس في 14 أغسطس 2001، الذي تم دعمه من قِبل مسؤوليين أمريكيين من أصول يهودية، وعلى رأس ذلك الدعم الذي قدمه نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق بول وولفويتز، منوهاً بأن الهدف الاستراتيجي من ذلك كان لدعم نموذج ما يُسمى بـ”المعتدل” في مقابل الجماعات السلفية الجهادية “المتطرفة” بكل أشكالها، ولهذا حاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على رضى غير عادي من الدول الغربية ومن الأمريكيين ودعم واسع جداً وتوِّج هذا الدعم بالعلاقات المميزة بين الدول الغربية وأردوغان.

نواف خليل

اقرأ أيضاً: تركيا تستقبل الشيخ محمد بن زايد بحفاوة.. زيارة تاريخية قد تغير وجه المنطقة

ويرى خليل أن هذه الزيارة تأتي بعد القراءة الاستراتيجية الخاطئة لـ”العدالة والتنمية” للمنطقة؛ فحينما بدأ الربيع العربي تصوَّر أردوغان أنه سيتسيَّد العالم العربي والإسلامي وأن فرصته ولحظته التاريخية قد حانت، وتخلَّى عن فكرة “صفر مشكلات” وباتت سياسته مع تلك الدول قائمة على أنها دول تابعة له وليس على مبدأ التعاون والمصلحة السياسية؛ ومنها ليبيا ومصر وتونس، لكن بعد سقوط حكم محمد مرسي في مصر، وصل مشروعه السياسي إلى نهاية المطاف.

زيارة هرتسوغ هي الأولى لرئيس إسرائيلي إلى تركيا منذ 2007 وقد تقررت قبل أسابيع من الغزو الروسي لأوكرانيا

لكنَّ العلاقات مع إسرائيل، حسب رؤية خليل، من الناحية الأمنية والاقتصادية لم تتأثر إطلاقاً، وظلت العلاقات على ما هي عليه. أما في ما يتعلق بالعلاقات السياسية، فتراجعت بسبب العديد من المعارك الكلامية التي دارت بين أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو.

اقرأ أيضاً: “تركيا أردوغان” تتلاعب بعظمة الماضي وتحديات الحاضر وطموحات المستقبل

ويؤكد خليل أن زيارة الرئيس الإسرائيلي تأتي في ظل تراجع الوضع الاقتصادي في تركيا الذي يعتبر البوصلة التي توجه السياسات التركية، وهذه الزيارة تأتي في سياق دعم من إسرائيل وطلب الدعم منها واستخدام مكانتها وعلاقاتها مع الدول الغربية ومع الولايات المتحدة على وجه الخصوص؛ للحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي وتحسين الوضع الاقتصادي الداخلي.

وحول ملف حركة حماس ونشاطاتها على الأراضي التركية، يوضح خليل أن أردوغان لن يطلب من “حماس” إيقاف نشاطها ضد إسرائيل على الأراضي التركية؛ لكن يمكن أن يطلب من الاستخبارات التركية فعل هذا الشيء، وهذا ما فعله سابقاً عبر تجميد نشاطات جماعة الإخوان المسلمين المصرية في تركيا؛ لكنه استطاع الحفاظ على العلاقات معهم.

اقرأ أيضاً: هل يقدم أردوغان حماس قرباناً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل؟

ومن هنا فإن زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا هي محطة لتصحيح وضبط العلاقات واستخدام كل أوراقه لتحسين الأوضاع الاقتصادية، حسب تأكيدات خليل؛ خصوصاً في ظل تداعيات الحرب في أوكرانيا التي تؤثر على ملف الطاقة (الغاز والنفط)، والوضع الاقتصادي الذي يسوء يوماً بعد يوم.

صورة رفع العلم التركي جنباً إلى جنب مع العلم الإسرائيلي من قِبل خيالة أتراك اصطفوا لتحية الرئيس الإسرائيلي.. وخلقت الصورة موجة جدل كبيرة

متغيرات إقليمية

وفي سياق متصل، يرى المحلل السياسي الكردي د.إبراهيم مسلم، والخبير في الشؤون التركية، في تعليق لـ”كيوبوست”، أن تركيا دائماً كانت تسعى إلى تحسين علاقاتها بإسرائيل؛ لما لها من دور في المنطقة، منوهاً بأن أي تحرك تركي في المنطقة يستدعي موافقة إسرائيل؛ لذلك هي كانت دائماً تسعى إلى كسب رضا تل أبيب، معتبراً أن هذه الزيارة كلا الطرفَين سيستفيد منها.

إبراهيم مسلم

ويسير مسلم إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تحدث فيها عن ضرورة البحث عن مصادر بديلة للطاقة (النفط والغاز)، وذلك بعد انعزال روسيا وأوكرانيا، والذي من الممكن أن يقصد به الغاز الإسرائيلي الذي لو تم تصديره إلى أوروبا فإنه سيمر عن طريق تركيا، حيث يؤكد مسلم أن هذه الأخيرة تسعى للاستفادة من المتناقضات والحروب في المنطقة؛ لكنها ستسعى إلى تحقيق التوازن في علاقاتها مع الغرب وروسيا في الوقت نفسه.

ومن هنا، فإن زيارة الرئيس الإسرائيلي تأتي لبحث العديد من الملفات؛ منها ملف الأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى ملف المنظمات الفلسطينية الذي كان حاضراً؛ بل من أهم النقاط التي تمت مناقشتها، حسب ما يكشف عنه مسلم، بالإضافة إلى ملف جماعة الإخوان المسلمين ومستقبل الاتفاق النووي الإيراني.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مصطفى أبو عمشة

باحث وكاتب صحفي فلسطيني مهتم بشأن الشرق الأوسط والإسلام السياسي

مقالات ذات صلة