الواجهة الرئيسيةحواراتشؤون دولية
زاهد شهاب أحمد لـ”كيوبوست”: لا مجال للتفاوض بين الحكومة وطالبان باكستان
تحدث الباحث في جامعة ديكين الأسترالية في مقابلةٍ مع "كيوبوست" عن الاستراتيجية الأمنية المطلوبة لمكافحة الإرهاب في المناطق القبلية الباكستانية

كيوبوست

أكد الدكتور زاهد شهاب أحمد، الزميل الباحث بجامعة ديكين في أستراليا، أن باكستان بحاجة إلى العمل بشكلٍ مكثف لمكافحة التطرف في الداخل والخارج، وبشكلٍ متواز، خاصة وأن حركة طالبان باكستان تنشط في أفغانستان من خلال العلاقات الوثيقة بين قيادات الحركة في البلدين.
وقال زاهد شهاب، في مقابلةٍ خاصة مع “كيوبوست”، بعد تفجير مسجد بيشاور الذي أوقع أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى، إنه في الوقت الذي أنكرت فيه حركة طالبان الباكستانية مسؤوليتها عن الهجوم تبنته جماعة الأحرار، وهي مجموعة منشقة عنها، مرجعاً هذا الأمر إلى أن ارتباط طالبان بتنفيذ مثل هذه العمليات سيضر الحركة التي تستمد شرعتيها من الترويج لتمسكها بالشريعة الإسلامية، معتبراً أن تنفيذ الهجوم يعبر عن عدم التجانس داخل الحركة، ووجود مجموعات عديدة مختلفة بداخلها.

استبعاد التفاوض
يستبعد الزميل الباحث بجامعة ديكين في أستراليا أن تدخل الحكومة الباكستانية مجدداً في مفاوضات مع الحركة، لأن هذا الأمر الآن سيكون بمثابة “انتحار للحكومة”، خاصة وأن الحوار السابق مع الحركة عرض الحكومة لانتقاداتٍ، ومنذ إعلان انسحاب طالبان من اتفاق الهدنة الذي جرى التوصل إليه بينها وبين الحكومة زادت الهجمات داخل البلاد، الأمر الذي يعني بأن إعادة الحديث عن الدخول في مفاوضات أمر ليس في الأفق.
وأضاف أن الحوار مع الحركة يوفر لمثل هذه الجماعات الإرهابية الشرعية والوقت لتجنيد مقاتلين جدد وجمع الأموال، مؤكداً أن الحكومة عليها معالجة الأسباب الهيكلية التي أدت لنشاط الجماعات الإرهابية وحل الأزمات التي تدفع الناس نحو تبني الأيديولوجيات المتطرفة بدلاً من أن تتحول إلى لعبة في أيدي الجماعات الإرهابية تحت شعار الحوار.
يرجع زاهد أحمد نشاط العمليات الإرهابية في باكستان، مؤخراً، لعدة أمورٍ من بينها هشاشة الوضع في أفغانستان منذ سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، وما تبعها من إجراءاتٍ لإطلاق سراح آلاف الإرهابيين المناهضين لباكستان، ومن بينهم أعضاء بطالبان باكستان، وهو ما سبق وأن حذر منه تقريرٌ أممي، تحدث عن وجود 6 آلاف إرهابي داخل أفغانستان مناهضين لباكستان، بحكم العلاقة القديمة التي جمعت بين حركة طالبان بالبلدين، وهو أمرٌ يجعل من غير المستغرب استمرار التعاون بينهما، على أساس روابط القرابة والتقارب الأيديولوجي.
اقرأ أيضًا: آفاق التعاون الأمريكي الباكستاني في مواجهة طالبان باكستان
عودة وتيرة الإرهاب
يقول زاهد شهاب إن وتيرة العمليات الإرهابية عادت للصعود مجدداً عام 2022 بعدما نجحت السلطات في تحقيق تراجع كبير بها خلال العقد الأخير، فانخفضت العمليات الإرهابية من 2347 عملية مسجلة في 2013 إلى 267 عملية فقط في 2021 قبل أن يعود العدد للزيادة مجدداً في 2022 برصد 365 عملية كانت طالبان باكستان مسؤولة عن جزء كبير منها.
يرى زاهد شهاب أنه بالرغم من تطوير خطة باكستان لمكافحة الإرهاب منذ عام 2015 لتركِّز بشكلٍ أكبر على مكافحة الإرهاب بالداخل، عبر مساراتٍ عدة، مما حدَّ بشكلٍ كبير من تحركات الجماعات الإرهابية، وتنفيذ عمليات أمنية محدودة في نطاقها، لكنها تستهدف بشكلٍ انتقائي الجماعات الإرهابية، فإن هذه الخطة تفتقد التعامل مع التدابير الخاصة بمواجهة التطرف الناتج عن تراجع معدلات التعليم، لكن في الوقت الحالي هناك اهتمام متزايد بتعزيز هذا الأمر.

وأضاف أن جزءاً من المشكلة المعاناة التي تعرض لها عدد من السكان في بعض المناطق، بسبب عدم وجود “سلطة الدولة”، خاصة المناطق القبلية التي تنشط فيها هذه الجماعات، نظراً لأن عملية دمج هذه المناطق لم تتم بشكلٍ كامل حتى قبل عام 2019 بالرغم من استقلال باكستان قبل 70 عاماً، لافتاً إلى أن باكستان تركز في الوقت الحالي -بشكلٍ أكبر- على مواجهة حركة طالبان المحلية، وهو ما يتطلب اتباع نهج أوسع فيما يتعلق باقتلاع جذور الإرهاب، واتخاذ اجراءاتٍ ضد جميع المنظمات الإرهابية، وليس قلة مختارة منها فقط.
اقرأ أيضًا: لماذا تفشل استراتيجية باكستان في مكافحة الإرهاب؟
معالجة جذرية
وأوضح أن هذا الأمر يتطلب أن يكون للبلاد رؤية واضحة خاصة بها، تعمل على معالجة التحديات المستمرة لحكم الدولة في المناطق القبلية الاتحادية السابقة، وبلوشستان خاصة، وأن اقتصار جهود مكافحة الإرهاب لن تؤدي إلا لزيادة المظالم بين السكان المحليين، بالإضافة إلى أن انتشار الإرهاب في مختلف أنحاء الدولة بات يحتم تنفيذ نهجٍ شامل.
يلفت زاهد شهاب إلى أنه بالرغم من قدرة الولايات المتحدة على لعب دورٍ في دعم جهود الحكومة بالتصدي إلى الإرهاب لا يبدو أن واشنطن لديها نية للعب هذا الدور بالنظر لتركيزها مع حلفائها بشكلٍ أكبر على الأزمة الأوكرانية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تفعل الكثير منذ انسحابها من أفغانستان بشكلٍ كامل للتعامل مع طالبان، ومعالجة الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي نتجت عن سيطرة طالبان أفغانستان على السلطة.
يختتم الضيف حديثه بالتأكيد على أنه حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى أن حركة طالبان باكستان نفَّذت عملياتٍ إرهابية، بالتعاون مع جماعات إرهابية أخرى، لكن المؤكد أنها أصبحت تشكِّل خطراً على استقرار النظام السياسي بالبلاد، مما يتطلب سرعة التعامل مع التحديات التي تخلفها.