الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةصحة
ريادة سعودية عالمية في مجال فصل التوائم.. فمتى بدأت؟
كيوبوست
يُصنَّف الطب على أنه واحد من أنبل المهن؛ نتيجة طبيعة وظيفته المتمثلة في إنقاذ حياة الناس وتخليصهم من آلامهم، خصوصاً إذا كانت الآلام مستمرة ولا نهاية لها؛ كحالات التوائم الملتصقة، والتي تعتبر ظاهرة نادرة وفرص بقائها على قيد الحياة أكثر ندرة.
اقرأ أيضاً: اليوم العالمي للتبرع بالأعضاء.. يستطيع المتبرع إنقاذ حياة ثمانية أشخاص
والتوائم الملتصقة (السيامية)؛ توائم متطابقة لا تنفصل أجسادها داخل الرحم، وتلتصق بعضها مع بعض من مناطق مختلفة من الجسد، وقد تشترك بأعضاء داخلية وخارجية، ما يرافق التوأم من أخطار؛ مثل قبل الولادة وبعدها، كأن يولد أحدهما أو كلاهما بعد الولادة بفترة قصيرة، إضافةً إلى مشكلات صحية حادَّة للتوائم فور ولادتهم -كصعوبة التنفُّس أو مشكلات في القلب- وفي وقت لاحق في الحياة؛ مثل الشلل الدماغي أو صعوبات التعلُّم.
وبالتوازي مع خطورة الحالة، تضاعف اهتمام المملكة العربية السعودية، منذ بداية التسعينيات، في مجال فصل التوائم وإنجاز عشرات العمليات مجاناً، متجاوزةً الدين واللون والعرق والجنسيات.
وكان آخر عمليات فصل التوائم التي أنجزتها المملكة، عملية للتوأم الطفيلي اليمني “عائشة”، في بداية شهر أغسطس 2021م، والتي عانت وجود حوض وأطراف سفلية إضافية مزدوجة ومتطفلة عليها.
اقرأ أيضاً: بعد سنواتٍ من الإغلاق.. الأسواق السعودية تفتح أبوابها للزبائن في أوقات الصلاة
تاريخ عام
يعود أقدم دليل على ولادة توأم ملتصق إلى نحو ثلاثة آلاف عام، في قرية “تلاتيلكو” المكسيكية؛ حيث عُثر على منحوتات طينية لوجه وجباه ملتصقة، إضافة إلى تماثيل لإناث بأجزاء مشتركة من الجسد.
وقبل تطور الطب إلى مرحلة عمليات فصل التوائم، كان الذين يبقون على قيد الحياة منهم يضطرون إلى العيش ملتصقين؛ وأشهرهم التوأم الملتصق التايلاندي تشانغ وإنغ بانكر، اللذان ولدا في تايلاند عام 1811م، في الوقت الذي كان اسمها “سيام”.
انتقل التوأم في مرحلة عمرية ما إلى أمريكا وعملا في السيرك هناك، وأُطلق عليهما “التوأم السيامي” نسبة إلى سيام (تايلاند حالياً) التي جاءا منها، ومن هناك اعتمد اللقب على التوائم المتطابقة.. تزوج التوأم الملتصق من أختَين، وأنجبا 21 طفلاً وتوفيا عام 1874م في غضون دقائق بعضهما مع بعض عن عمر ناهز 63 عاماً.
اقرأ أيضاً:أستاذ لغة فرنسية يمد جسور الحوار بين السعودية وفرنسا
أما محاولات فصل التوائم السيامية، فقد حدثت أول محاولة معروفة في ألمانيا عام 1495م بالفأس؛ لكنها فشلت. وفي عام 1689م، تم إجراء أول عملية فصل توأم ناجحة، على يد الجراح السويسري جوهانس فاشيو.
تجربة سعودية رائدة
تعتبر التجربة السعودية في فصل التوائم، واحدة من أكثر التجارب ريادية، فوفقاً لرئيس الفريق الطبي والجراحي المسؤول عن عملية فصل التوأم، د.عبدالله الربيعة، فإن المملكة وصلت إلى العملية 50 من عمليات فصل التوائم؛ وهو الرقم الأكبر عالمياً، وبذلك تتصدر دول العالم في عدد عمليات فصل التوائم السيامية.
ويأتي ذلك ضمن البرنامج الطبي السعودي لفصل التوائم السيامية، الذي بدأ منذ عام 1990م، عندما نجحت كوادر طبية في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، في فصل توأم سعودي ملتصق من منطقة البطن، ثم تتالَت العمليات على مدار 3 عقود، حتى وصلت مؤخراً إلى العملية رقم خمسين.
وتتميز التجربة السعودية في هذا المجال بشقها الإنساني، فإلى جانب تكفُّل المملكة بنفقة العملية والعلاج، التي تتراوح بين 80 ألف دولار- 266 ألف دولار، والتأهيل ما بعد العملية، فإنها أيضاً تتجاوز كل الاختلافات بين البشر، وتشمل الحالات التي تعالجها كل الجنسيات والأعراق والديانات.
اقرأ أيضاً: السعودية توازن بين قيادتها للمسلمين وأولوياتها الداخلية
كما قامت المملكة بدراسة 117 حالة توأم سيامي، من 22 دولة في ثلاث قارات حول العالم، بمجموع عدد ساعات وصل إلى قرابة 570 ساعة، وأجرت أطول عملية لفصل توأم، استغرقت 23 ساعة ونصف الساعة، بينما يصل عدد الفريق الطبي والجراحي في بعض العمليات إلى 35 مختصاً من الأطباء والجراحين والفنيين وكادر التمريض، وذلك في “مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني”، التي انتقلت إليها عمليات فصل التوائم؛ نظراً لمدى جهوزيتها وتطور إمكاناتها وأجهزتها الطبية.
وتهتم الممكلة بمشاركة خبرتها الواسعة مع جميع الجهات المعنية؛ لذلك يجري نقل تفاصيل العمليات عبر الإنترنت مباشرةً من غرفة العمليات، إلى مختلف المراكز الطبية والجامعات العالمية، كما تسمح للكوادر الطبية المتخصصة أو للخريجين حديثاً من داخلها بالمشاركة في عمليات فصل التوائم؛ لكسب الخبرات والمهارات الطبية.
ولا يمكن الحديث عن التجربة السعودية في مجال فصل التوائم، دون التطرق إلى الدكتور عبدالله ربيعة، وزير الصحة الأسبق، والمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي أجرى تلك العمليات في المملكة، بينما لما يرِد بعد أن جراحاً آخر في العالم تخطى عدد العمليات التي أجراها الربيعة في هذا المجال، وفقاً لتقرير قناة ABC News الأمريكية، الذي استعرض جهود الفريق الطبي السعودي، في عمليات فصل توائم قائمة على العلم والإنسانية “لا علاقة لها بالجغرافيا أو الدين أو السياسة…”؛ مثل عملية أُجريت لفصل توأمين من بولندا، وللتوأمين (فرح وحنين) من فلسطين، والطفلين (أحمد ومحمد) من ليبيا… إلخ.
أما في ما يخص رؤية السعودية، فقد صرح وزير الصحة السعودي توفيق الربيعة، في وقت سابق، بأن “المملكة تسعى لمضاعفة العمل البحثي المعني بفصل التوائم، وتدريب مزيد من الكوادر الوطنية؛ لزيادة عدد المتخصصين في مثل هذه العمليات”.
