الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون دولية
رمضان في شرق إفريقيا 2
تحضيرات "احتفالية" وحضور واسع للأطباق اليمنية في القرن الإفريقي

كيوبوست- عبد الجليل سليمان
ما إن يعلن مفتي الديار ثبوت رؤية هلال رمضان حتى يتبادل مسلمو إريتريا التهاني والتبريكات، قبل أن يتناولوا سحورهم الأول، الذي يتكون، غالباً، من طبق العصيدة بالزبادي والسمن وشطة الدليخ، بينما ينصتون لطبول وأصوات المسحراتية وهم يرددون: “سحورك يا صايم، ونعمتك يا دايم، الله وليِّك ومحمد نبيّك، قوم يا نايم سحورك يا صايم”.
يشرح الصحفي الإريتري محمود أبوبكر لـ”كيوبوست” بأن الاحتفال بشهر رمضان في إريتريا لا يختلف كثيراً عن الدول الإسلامية الأخرى، حيث يبدأ الاستعداد للشهر الفضيل قبل قدومه ربما بشهر. تعمل النساء على إعداد الشعير وتحميصه، ثم طحنه يدوياً، حيثُ تعتبر الشوربة (شوربة الشعير تحديداً) طبقا رئيسياً على مائدة رمضان.
اقرأ أيضاً: “طبول وإنشاد”… أهازيج وإيقاعات السحور في السودان
ثمّة أطباق أخرى حسب المناطق؛ وفقاً لأبو بكر، ففي حين يميل مسلمو المرتفعات الإريترية إلى تناول الأطباق الحارة مثل “الزقني”، الذي يُطهى باللحم أو الدجاج، ويحتوي على صوص الطماطم والبصل والفلفل الأحمر الحار، فإن سكان المنخفضات -حيث ترتفع درجات الحرارة- يفضّلون أطباق الملوخية والبامياء والويكا؛ لتكون الأكثر حضوراً على مائدة الإفطار.

السمبوسة يمنية والمسحراتي يمني
يشير أبوبكر إلى أنّ السمبوسة لا تغيب أبداً عن المائدة الإريترية في رمضان، إلى جانب “لقمة القاضي”، وبعض الحلويات الأخرى بحسب اختلاف المناطق، ففي المناطق الساحلية كمدينة مصوع يتم إعداد المُخبازة (المعصوب) بينما في المناطق الأخرى هناك أنواع أخرى من الحلويات كـ “المشبك” مثلاً.
وكغيرها من الدول، عرفت إريتريا في فترة سابقة وظيفة المسحراتي، خاصةً في مدينة كرن ومدن الغرب الإريتري، حيث ظلت هذه الوظيفة قائمة، ولعل من المفارقة أن من مارس هذه الوظيفة معظمهم من أصول يمنية، لكنهم يمثلون جزءاً من النسيج الإريتري بحكم الميلاد والإقامة في إريتريا لفتراتٍ طويلة، خاصة في مدينة كرن ثاني أكبر مدن البلاد.

ويختم أبوبكر حديثه بالإشارة إلى أنّ النشاط الديني في المساجد في شهر رمضان يتركز على قراءة القرآن الكريم في الفترة ما بين صلاتّي العصر والمغرب -تمهيداً لختمه في نهاية الشهر- حيث يقرأ المصلون بشكلٍ جماعي كل يوم؛ حزباً من المصحف الشريف، ليختموا القرآن في اليوم الأخير من رمضان، بينما الفترة ما بين الظهر والعصر مُخصصة للشيوخ والدعاة لتقديم مواعظ تتعلق بالشهر الكريم، وكانت تأتي سابقاً بعثات من الأزهر الشريف في مصر للقيام بهذه المهمة.
اقرأ أيضاً: “الضرا” أو إفطار الشوارع.. تقليد رمضاني عريق في السودان

في الصومال.. عانبولو ومعكرونة
من جانبه، يقول الباحث الصومالي محمود حرسي لـ”كيوبوست” إن شهر رمضان في الصومال يشهد العديد من الفعاليات الدينية، من حلقات ذكرٍ وتلاوة ومديح وتدارس وحفظ وندوات دينية.
ويضيف: كما هو الحال في إريتريا وإثيوبيا، فإنّ التأثير اليمني على المائدة الرمضانية الصومالية يبدو واضحاً، فالسمبوسة تُعتبر الوجبة الرئيسية على مائدة الإفطار؛ يتناولها الصوماليون يومياً، حيث يبدأ الصائمون إفطارهم بالتمر والماء، ثم السمبوسة والعصائر، قبل أن يعودوا إلى المائدة مُجدداً عقب أدائهم صلاة المغرب في المساجد، ليجدوا أطباق الأرز واللحم بانتظارهم، إلى جانب طبق “العانبولو” الأكثر شهرة في الصومال، ويتكون من فاصولياء مخلوطة بالزبد والسكر. أما وجبة السحور فتتكون غالباً من أطباق الشعيرية والمعكرونة.
اقرأ أيضاً: العصيدة والحلو مر يتسيدان المائدة الرمضانية السودانية

إنجيرا وقات
تشهد الأيام الأخيرة من شعبان سباقاً محموماً لتجهيز مستلزمات الشهر الكريم، وما إن يُعلن عن ثبوت هلال رمضان حتى يستقبله الإثيوبيون بضرب الدفوف ونفخ الأبواق وإطلاق أعيرة نارية احتفاء بحلوله واستبشاراً به.
وعلى الرغم من أن السمبوسة لا تزال حاضرة على المائدة الرمضانية الإثيوبية، فإن خبز الإنجيرا لا يغيب عنها، فضلاً على الشوربة، والمشروبات الباردة المصنوعة من الحلبة والفاكهة.
في العاصمة أديس أبابا والمدن الكبرى؛ يبدأ ليل رمضان بصلاة التراويح، ثم تبدأ السهرات إن في المساجد لتلاوة وختم القرآن، أو في المنازل لمشاهدة البرامج التلفزيونية، أو في “مجالس القات” حيث حلقات المضغ والونس.

تتحدث الصحفية الإثيوبية شاكيرا آدم، عن مظاهر شهر رمضان في إثيوبيا. وتتجلى هذه المظاهر في حياة الإثيوبيين منذ استقباله والإعداد له، حيث تكثر الصدقات وينشط علماء الدين والدعاة في الريف والحضر، وتتزين المساجد بالإضاءة والألوان ويتم تنظيفها وصيانتها قبل أسابيع من حلول رمضان، تهيئة لها لاستقبال المصلين والذاكرين.
وتقول آدم لـ”كيوبوست” إن المدائح النبوية التي يطلقون عليها تسمية “المنظومة”، وهي نوع من الابتهالات الدينية تشبه الأناشيد الصوفية، تُعدُّ سمةً رمضانية بارزة.
كما أن هناك إفطار الشوارع، الذي يُنظَّم خارج المساجد، بحيث يجتمع المصلّون على مائدةٍ واحدة، خاصةً ذاك الذي ينظمه مسجد أنور في أكبر مساجد البلاد في العاصمة أديس أبابا، والذي يؤمه عشرات آلاف المصلين، حيث تضطر الشرطة إلى إغلاق الطرق الرئيسية ليتمكن الجميع من أداء صلاتهم خارج المسجد.