الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
رغم نجاته من سحب الثقة.. انحدار في زعامة الغنوشي

تونس – وفاء دعاسة
أسقط البرلمان التونسي لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، رغم تصويت 97 نائباً لصالحها، بعد جلسة استثنائية عاصفة.
وخصَّص البرلمان التونسي جلسة الخميس 30 يوليو 2020، للتصويت على طلب سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعد أن تقدم العشرات من النواب بطلب ذلك، غير أن الخلاف بشأن طريقة التصويت أشعل التوتر مع بدء أشغال الجلسة، واضطر رئيس الجلسة إلى رفع أشغالها قبل أن تُستأنف مرة أخرى، ليبدأ النواب في الإدلاء بأصواتهم عبر الاقتراع السري.
وجاءت هذه الجلسة استجابة لطلب تقدمت به عدة كتل نيابية لسحب الثقة من الغنوشي؛ بسبب سوء إدارته للبرلمان، ومحاولته توسيع صلاحياته على حساب صلاحيات رئيس الجمهورية، إضافة إلى تحركاته المشبوهة لخدمة أجندة تنظيم الإخوان المسلمين وحلفائه في الخارج، من بينهم تركيا وقطر.

سقوط مدوٍّ
ورغم نجاة رئيس البرلمان راشد الغنوشي، من سحب الثقة بشق الأنفس، وتمكنه من الاحتفاظ بمنصبه كرئيس لمجلس النواب بصعوبة؛ فإنه خسر بريق الزعامة وصورة الرجل القوي داخل الساحة السياسية التونسية.
ويرى مراقبون أن الأهم في مسعى سحب الثقة من رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، قد تحقق؛ وهو إظهار أن الرجل لا يحظى شخصياً بالقبول داخل البرلمان وخارجه؛ بسبب تراكمات تاريخية ترسم صورة له تقوم على التشدد وتحصره في الفضاء الإخواني؛ كونه شخصية تاريخية مهدت لدخول الفكر الإخواني في تونس، كما لعب لسنوات أدواراً قيادية في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
اقرأ أيضاً: مقترح أمام البرلمان التونسي لتصنيف “الإخوان” تنظيماً إرهابياً
واعتبرت عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر، الذي حرك لائحة سحب الثقة من الغنوشي في البرلمان، في تصريحاتٍ أدلت بها إلى وسائل إعلام محلية، أن الغنوشي “سقط سياسياً، وحركة النهضة كقوة مستقلة بذاتها انتهت”، مضيفة: “هناك خيانة وصفقة من جهةٍ معينة سيتم كشفها لاحقاً، وهو ما يؤكد أن المشهد السياسي في تونس مريض”.
من جهته، طالب حزب التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، في بيانٍ له، راشد الغنوشي، بالاستقالة.
وأفاد خليل الزاوية؛ رئيس الحزب، أن مردود رئيس البرلمان كان دائماً دون المطلوب، ولم يتمكن من جمع طيف النواب في العمل.

وأضاف الزاوية، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، أن الغنوشي قد تجاوز حدوده في ما يخص مفهوم الدولة؛ خصوصاً في مسألة العلاقات الخارجية، ولم تكن تصريحاته ولا بياناته جامعة، وآخرها بيانه بمناسبة عيد الجمهورية، وهو بيان يدعو إلى تقسيم التونسيين وليس تجمعهم، وفيه نية لتصفية حسابات مع التاريخ. فللغنوشي هاجس لتصفية حسابات، وبالتالي أصبح وجوده على رأس البرلمان عاملاً لتعطيل نشاط البرلمان.
ويرى مراقبون أن حالة البرلمان ووضع الحكومة المستقيلة، أفضيا إلى أزمة حكمٍ حقيقية في البلاد؛ حيث أوغلت مؤسسات الحكم (رئاسة الجمهورية، والبرلمان، ورئاسة الحكومة) في المناكفات والصراع على الصلاحيات على حساب المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد في السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضاً: خلافات داخل شورى “النهضة” وغضب حيال سياسات رئيس الحركة
ويرى الكاتب الصحفي هادي يحمد، أن الغنوشي خسر معركته في البقاء على رأس البرلمان حتى قبل يوم التصويت، معتبراً أنه حتى ولو لم تتوفر الـ 109 أصوات المطلوبة لسحب الثقة منه فقد خسر الغنوشي معركته.

وأضاف يحمد، في تدوينة له عبر صفحته على “فيسبوك”: “لو كنتُ مكانه لقدمت استقالتي ولزمت بيتي. صحيح أنه لم يأتِ على ظهر دبابة وانتخبه النواب وقبلها ناخبوه؛ ولكن نتائج بقائه على رأس البرلمان ستكون أكثر من كارثية على وجوده السياسي والمعنوي”.
وتابع الكاتب الصحفي: لن يحتمل الغنوشي أربع سنوات أخرى من “الإهانة” و”المحاسبة المستمرة”.. قبل آثار بقائه نفسه على رأس البرلمان سيكون هو ذاته الخاسر الأكبر.. الغنوشي، وهو يعلم ذلك، ليس شخصية توافقية ولا يمكن أن “يُجمِّع”، وأصبح جزءاً من المشكل.. من صالح البرلمان وفي مصلحة البلاد أن يذهب في حال سبيله. لو كنت مكانه لسبقت ساعات التصويت.. وعُدت إلى بيتي كريماً لأتفرغ لذكرياتي وذاكرة الجماعة وعلاقتها بالوطن.