الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

رغم تناقص التمويل.. مَن هم أكبر المتبرعين لليمن؟

كيوبوست- منير بن وبر

استطاعت الأمم المتحدة الحصول على تعهدات بقيمة 1.2 مليار دولار من المانحين الدوليين لتمويل برامج الاستجابة الإنسانية في اليمن هذا العام، وهو مبلغ لا يصل حتى إلى نصف المبلغ المطلوب، والبالغ 4.3 مليار دولار. لطالما عانى اليمن تناقصاً مستمراً في تمويل البرامج الإنسانية؛ مما يهدد بتفاقم الأزمة السيئة بالفعل.

في العام الماضي، كان التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية 4.27 مليار دولار، بينما لم يتم جمع سوى 2.19 مليار دولار. وقد كانت قطاعات الأطفال من بين أقل القطاعات تمويلاً. هذا العام، يُقدر أن 21.6 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية في اليمن، نصفهم تقريباً من الأطفال.

اقرأ أيضاً: اليمن في قلب أزمة غذاء عالمية.. هل من سبيل للنجاة؟

تعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وبريطانيا من أكبر المتبرعين لليمن، ولا تقتصر تبرعاتها على خطط برامج الاستجابة الإنسانية فقط؛ بل تقدم المزيد من التبرعات خارج برامج الأمم المتحدة. ومع ذلك، على الرغم من كل الجهود؛ فلا تزال الاحتياجات تفوق المساعدات، مما يؤكد ضرورة تغيير نهج المساعدة بحيث تصبح المجتمعات أكثر قدرة على الصمود من خلال التنمية المستدامة وإعادة تفعيل الاقتصاد. 

القتال وحده ليس مسؤولاً

تُوصف الأزمة اليمنية بأنها إحدى أسوأ الأزمات وأكثرها تعقيداً في العالم؛ لكن القتال وحده لم يكن يوماً مسؤولاً منفرداً عن تردي الأوضاع الإنسانية. وعلى الرغم من انخفاض مستوى القتال نسبياً مؤخراً؛ فإن الاحتياجات لا تزال ملحة بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية وعجز السلطات عن تقديم الخدمات الأساسية. 

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو ثُلثَي سكان اليمن اليوم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية؛ نتيجة طول أمد النزاع والنزوح والتدهور الاقتصادي، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية المتكررة. إن استمرار نقص التمويل سوف يدفع وكالات الإغاثة إلى تقليص برامجها؛ بما في ذلك البرامج المنقذة للحياة، كما سيؤثر على استقرار البلاد على المدى الطويل.

مخيم مؤقت للنازحين في مأرب- AFP

تركز خطط الاستجابة الإنسانية على البرامج المنقذة للحياة كأولوية قصوى. ورغم أهميتها غير المشكوك فيها؛ فإن قدرة الناس على الصمود تتناقص، مما يجعل التحديات أصعب، بسبب الانهيار المستمر للخدمات الأساسية والتراجع المدوي للاقتصاد اليمني. من هنا تأتي أهمية منح المزيد من التركيز لبناء الاقتصاد، وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود، وتحسين الحوكمة والإدارة العامة بدلاً عن التركيز المفرط على الجوانب السياسية في مقابل إهمال إدارة البلاد. 

أكبر الداعمين

تعهدت الولايات المتحدة هذا العام بالتبرع بـ444.21 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، لتكون بذلك أكبر المانحين، وتليها المفوضية الأوروبية بمبلغ 204.72 مليون دولار. في عام 2022، كانت الولايات المتحدة وألمانيا والمفوضية الأوروبية والمملكة العربية السعودية أكبر الممولين أيضاً.

أما خارج خطة الاستجابة الإنسانية، في العام الماضي، فقد كان أكبر المتبرعين: المملكة العربية السعودية، ومؤسسة التنمية الدولية، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. تاريخياً، تُعد دول مجلس التعاون الخليجي أكبر المانحين لليمن؛ حيث فاق إجمالي تبرعاتها في الجانب الإنساني لليمن أكثر من 17 مليار دولار، نهايك بالمساعدات الأخرى.

اقرأ أيضاً: اليمن.. شتاء قارس وملايين النازحين داخلياً

تُعد الولايات المتحدة من بين أكبر المانحين لليمن أيضاً؛ حيث بلغ إجمالي تبرعاتها منذ اندلاع النزاع 5.4 مليار دولار، بينما قدمت المملكة المتحدة أكثر من مليار جنيه إسترليني. وبالإضافة إلى المساعدات الإنسانية الحاسمة، تعمل الولايات المتحدة على بناء قدرات البنك المركزي اليمني ووزارة المالية، وتسهيل تدفق السلع والخدمات التجارية والإنسانية إلى البلاد، وتقديم المساعدة في قطاعات الصحة والتعليم والمنسوجات والزراعة والتصنيع والمشروعات الصغيرة. وعلى الرغم من أهمية ذلك النوع من المساعدات؛ فإنها لا تزال دون الحد المطلوب لإخراج اليمن من أزمته، وهناك حاجة إلى المزيد من دعم بناء القدرات وتحسين الاقتصاد والحوكمة. 

مشروعات تنموية

تُعد البرامج المنقذة للحياة أولوية قصوى لليمنيين، وهو ما يتم التركيز عليه بالفعل من قِبل الأمم المتحدة والمانحين في ظل تناقص مستمر للتمويل. ومع ذلك، لتقليل الأعباء، ينبغي منح المزيد من الاهتمام للمشروعات التنموية وإعادة الإعمار وبناء القدرات وتحسين الحكم المحلي. تحاول كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تقديم مساهمات مهمة في هذا الجانب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يستقبل نائب وزير الدفاع السعودي- (واس)

يُعد البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن إحدى المبادرات الرائدة في الجانب التنموي؛ في عام 2022 على سبيل المثال، أعلنت المملكة حزمة مشروعات تنموية بقيمة 600 مليون دولار في 6 قطاعات مهمة؛ هي: الطاقة، والنقل، والتعليم، والمياه، والصحة، وبناء مؤسسات الدولة. أما دولة الإمارات فقد فاقت مساعداتها لليمن 22 مليار درهم منذ 2015 إلى 2020، وكان القطاع الصحي صاحب النصيب الأوفر من تلك المساعدات. 

إن توفير الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية لمن يحتاجون إليها يمكن أن يعني الفرق بين الحياة والموت؛ وهو ما يجعل الموازنة بين تمويل الأنشطة المنقذة للحياة والمشروعات الإنمائية أمراً بالغ الصعوبة، لكنه حاسم؛ إذ يمكن أن تُسهم المساعدة الإنمائية في بناء البنية التحتية والمؤسسات التي تجعل البلد أكثر استقراراً وقدرةً على تحمل وطأة الصراع بشكل أفضل. كما يمكن أن توفر فرصاً للناس لانتشال أنفسهم من براثن الفقر وتحسين حياتهم. 

الحاجة إلى نهج متعدد

يجادل معظم الخبراء دائماً بأن المساعدات المنقذة للحياة يجب أن تكون لها الأسبقية. ذلك لأنه دون تلبية الاحتياجات الأساسية، فإن الناس ستستمر في المعاناة والموت، حتى مع وجود مشروعات تنمية قيد الإنشاء؛ حيث قد تحتاج مثل هذه المشروعات إلى سنوات قبل أن تظهر جدواها. 

ومع ذلك، لا تعني أسبقية المساعدات الإنسانية التقليل من شأن المساعدات الإنمائية؛ بل تسريع وتيرتها وحجمها، وتبني خطوات مساعدة أخرى، أهمها الحوكمة الرشيدة وحسن الإدارة العامة. فقط من خلال العمل في جميع تلك التوجهات يمكن ضمان قدرة البلاد على التعافي من الصراع ومنع الصراعات المستقبلية. 

حديثاً، أودعت المملكة العربية السعودية مليار دولار أمريكي لدى البنك المركزي للحكومة الشرعية اليمنية؛ في محاولة لمساعدة الحكومة على مواجهة الصعوبات الاقتصادية. في سياق آخر، وقعت دولة الإمارات ثلاثة عقود لإنشاء مشروعات في مجال الطاقة والكهرباء والغاز في محافظة حضرموت، جنوب شرق اليمن. كما من المزمع استئناف مشروع سد حسان الاستراتيجي في محافظ أبين، المتعثر منذ سنوات، والذي تقارب تكلفته 100 مليون دولار.

تُعد جميع هذه المبادرات أساسية لتمكين السكان من الحصول على سُبل عيش أفضل في ظل اقتصاد يُرثى له؛ لكنها لن تكون كافية إذا لم تعمل الدولة ومؤسساتها بفعالية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة