الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون عربية

رحيل مهندس “سلاح النفط” أحمد زكي يماني

لُقب يماني بـ"عراب الذهب الأسود" لدوره في تطوير قطاع النفط والطاقة السعودي.. وتحريره من هيمنة الدول المستهلكة

كيوبوست

توفي صباح يوم الثلاثاء وزير النفط السعودي الأسبق؛ أحمد زكي يماني، في العاصمة البريطانية لندن، عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد أن قضى جل عمره في تحقيق الاستقلالية لقطاع الطاقة السعودي، وقلب المعايير ما بين الدول المنتجة والمستهلكة للذهب الأسود.

الوزير الراحل في أحد المؤتمرات – أرشيف

مسيرته العلمية

ولد يماني في مكة المكرمة عام 1930، لأب كان عالماً في الدين وقاضياً في الحجاز، ثم أصبح مفتياً في إندونيسيا ثم ماليزيا، في حين كان جده مفتياً في تركيا.

ودرس يماني الحقوق في جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1952م، وحصل على منحة لدراسة القانون بمعهد نيويورك للقانون في عام 1955م، ونال شهادة الماجستير في الحقوق من جامعة هارفارد في عام 1956م، وبعدها حصل على درجة الدكتوراه من جامعة إكستر البريطانية.

التحرر من الهيمنة الغربية

لُقِّب يماني بـ”عراب الذهب الأسود”؛ لما كان له من فضل على تطوير قطاع النفط والطاقة السعودي وتحريره من هيمنة الدول المستهلكة، خلال مسيرته المهنية، التي بدأت عام 1958م، عندما شغل منصب المستشار القانوني لمجلس الوزراء السعودي، وبعد أربع سنوات أصبح يماني وزيراً للبترول والثروة المعدنية عام 1962م، وبقي في منصبه حتى عام 1986م.

اقرأ أيضاً: السعودية توازن بين قيادتها للمسلمين وأولوياتها الداخلية

ويعتبر يماني أول أمين عام لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، وخلال فترة توليه المنصب، طوَّر القوانين التي اعتبرت مفصلية في تاريخ المنظمة؛ في محاولةٍ لإخراجها من دائرة التحكم الغربية، والسيطرة على أسعارها وسياساتها الإنتاجية.

أحمد زكي يماني في مراسم افتتاح الدورة 59 في الجلسة الأخيرة من مؤتمر أوبك عام 1980- “getty images”

كما كان يماني من المساهمين في تأميم شركة “أرامكو”، شركة الزيت العربية، التي تعمل في مجالات النفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والأعمال المرتبطة بها عام 1988م، بعد أن كانت ملكيتها مشتركة بين السعودية وأمريكا، وفي نفس العام أنشأ “مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي” التابعة لـ”مؤسسة يماني الخيرية”؛ بهدف حفظ الأعمال الإسلامية التاريخية، وتقديمها للعالم.

وفي عام 1990م، أسس يماني “مركز دراسات الطاقة العالمي” في لندن، الذي يعمل على تحليل ودراسة الأسواق؛ لرصد معطيات ومعلومات عن الأمور والتطورات الخاصة بموضوع الطاقة.

سلاح النفط

عمل يماني وزيراً لمدة ربع قرن، شهد خلاله أحداثاً مهمة وتفاعل معها، وكان واحداً من أجرأ المواقف التي تبناها هو حظر تصدير النفط إلى الدول الغربية الداعمة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر عام 1973، وعلى رأسها أمريكا، وبقي القرار سارياً حتى مارس 1974، في أول استخدام للنفط العربي كسلاح بدلاً من كونه سلعة.

وفي إحدى المقابلات الصحفية، أجاب يماني، الذي كان يتقن الإنجليزية والفرنسية إلى جانب لغته الأم العربية، عن سؤال حول احتمالية شن الولايات المتحدة ضربة ضد السعودية إثر قرار الحظر، قائلًا: “المناطق المهمة في إنتاج النفط في السعودية ستُنسف على الفور من قِبل السعوديين”، وكأنه اعتمد في تلك اللحظة الحاسمة المثل القائل “عليَّ وعلى أعدائي!”.

أمريكيون يفترشون طريقاً سريعاً خلال أزمة 1973- “Historic Photographs”

وأدى قرار الحظر إلى ركود اقتصادي في الولايات المتحدة دام منذ 1973-1975م، وعانت الأخيرة حينها تضخماً اقتصادياً بعد ارتفاع أسعار النفط، واضطرت إلى اعتماد نظام الحصص للسائقين حسب أيام الأسبوع، وبالمقابل تمكنت “أوبك” من إدارة إمدادات النفط العالمية والحفاظ على استقرار الأسعار، من خلال زيادة وخفض العرض.

الناجي من الاختطاف

خلال مسيرته المهنية، حكم المملكة العربية السعودية أربعة ملوك في أربع فترات زمنية مختلفة، وأبرز الأحداث التي شهدها يماني كانت اغتيال الملك فيصل بن عبدالعزيز عام 1975م.

وفي ديسمبر من العام نفسه، تعرَّض يماني مع 10 وزراء نفط آخرين إلى الاختطاف، خلال اجتماعٍ لـ”أوبك” في فيينا من قِبل عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الفنزويلي إلييتش راميريز سانشيز، الملقب بـ”كارلوس الثعلب”، الذي طالب حينها حكومة النمسا ببثّ بيان داعم للقضية الفلسطينية، وتوفير طائرة وحافلات مليئة بالوقود؛ لنقل الرهائن.

اقرأ أيضاً: رحيل الكابتن توم مور.. أكبر جامع للتبرعات لمواجهة كورونا

استمرت عملية الاختطاف 46 ساعة تقريباً، وتم نقل الرهائن؛ بمَن فيهم الوزراء إلى مطارٍ مهجور، ومنه إلى الجزائر، وهناك تم الإفراج عن جميع الرهائن والوزير الجزائري، مع الاحتفاظ بباقي الوزراء، ومَن ينوب عن الدول، ثم توجهت الطائرة إلى ليبيا، وهناك أطلق سراح الوزير الليبي، بعدها عادت الطائرة إلى الجزائر؛ حيث تم الإفراج عن الوزراء، بعد مفاوضات بين الخاطفين ومسؤولين جزائريين، مقابل 50 مليون دولار.

وكان يماني، ووزير النفط الإيراني حينها، جمشيد أموزغار، آخر من تم الإفراج عنهم.

بعد إعلان خبر رحيله، ذكرت وسائل إعلام محلية سعودية، أن جثمان يماني سيوارى الثرى في مقابر المعلاة بمكة المكرمة، مسقط رأسه.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة