الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دوليةشؤون عربية

رحلة ناظم الزهاوي من بغداد إلى داونينغ ستريت

صحيفة "الإندبندنت" تستعرض حياة السياسي البريطاني الكردي منذ خروجه من بغداد إلى تبوئه آخر مناصبه الرسمية في المملكة المتحدة

كيوبوست- ترجمات

كيم سينغوبتا♦

بعد قرار رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إقالة رئيس حزب المحافظين البريطاني ناظم الزهاوي، من منصبه الوزاري في حكومة المملكة المتحدة، قامت العديد من الصحف البريطانية باستعراض مسيرة الرجل. كتب كيم سينغوبتا، محرر الشؤون العالمية في صحيفة “الإندبندنت”، مستعرضاً حياة السياسي البريطاني الكردي، منذ خروجه من بغداد إلى تبوئه آخر مناصبه الرسمية في المملكة المتحدة.

ولد ناظم الزهاوي لأُسرة كردية ثرية، ونشأ على ضفاف دجلة في حي الوزيرية ببغداد، وسمي على اسم جده الذي كان محافظ بنك العراق المركزي. انتقل الزهاوي إلى بريطانيا عندما كان في الحادية عشرة من عمره، ليلتحق بوالده الذي فر قبل عامَين هرباً من بطش مخابرات صدام حسين. وبعد سقوط نظام صدام حسين، قامت مجموعة التطوير العقاري التي يمتلكها والده بتوقيع عقود كبيرة مربحة في إقليم كردستان، وتمكن ناظم الزهاوي من بناء شبكة علاقات واسعة في مختلف أنحاء البلاد.

اقرأ أيضاً: لا تنخدعوا برمزية رئاسة ريشي سوناك للوزراء في بريطانيا!

وفي بريطانيا، شارك الزهاوي في حملة كبيرة لدعم اللاجئين الأكراد؛ حيث التقى جيفري آرتشر، الكاتب والقيادي في حزب المحافظين. وسرعان ما لاحظ آرتشر القدرات التنظيمية للشاب الزهاوي، فقام بتعيينه مساعداً له إلى جانب كردي عراقي آخر يُدعى بروسك صائب. وفي وقت لاحق، أقام آرتشر حفلاً موسيقياً خيرياً بالاشتراك مع الصليب الأحمر، شارك فيه فنانون مشهورون؛ من بينهم رود ستيوارت وبول سيمون وستينغ وغلوريا ستيفان، تمكن خلاله من جمع مبلغ تجاوز 57 مليون جنيه إسترليني. شجع نجاح الحفل رئيس الوزراء، آنذاك، جون ميجر، على التوصية بمنح آرتشر رتبة “نبيل”؛ ولكن اللجنة المختصة بذلك رفضت التوصية.

ولكن سرعان ما ظهرت تساؤلات كثيرة حول الأموال التي تم جمعها، وتبين أن نحو 3 ملايين جنيه إسترليني قد جاءت من الحفل الموسيقي، و10 ملايين من حكومة المملكة المتحدة. أما المبلغ المتبقي فقد جاء من مشروعات المساعدات الحكومية في الخارج. وفي وقت لاحق، كتب صندوق الكوارث الكردي إلى آرتشر يشكو: “يجب أن تشعر بالقلق لأن اللاجئين الأكراد لم يروا شيئاً من المبالغ الضخمة التي تم جمعها باسمهم”، وأن المنظمات الكردية في العراق لم تتلقَّ أكثر من 250 ألف جنيه إسترليني. نفى الزهاوي أية مخالفات في ما يتعلق بأموال الحفل الموسيقي، وفتحت الشرطة البريطانية تحقيقاً؛ ولكن لم يتم توجيه أية تهم. وبعد ذلك بعامين أُدين آرتشر بالحنث باليمين في قضية تشهير في إحدى الصحف في الثمانينيات؛ تركزت على علاقته بعاهرة، وسجن لمدة أربع سنوات.

توجه الزهاوي للعمل في شركة والده العاملة في العراق، وحصل على عقد تقديم خدمات التنظيف والخدمات اللوجستية للحكومة العراقية المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة. وفي تلك المرحلة التقى بوريس جونسون، الذي كان وقتها رئيس تحرير مجلة “ذا سبيكتيتر”؛ عندما كلف شركة يمتلكها الزهاوي بالقيام باستطلاع رأي في بغداد. تمكن الزهاوي من الحصول على مقعد في مجلس العموم، ثم أصبح نائب رئيس المجموعة البرلمانية لعموم الأحزاب للشؤون الكردية، وزار كردستان خمس مرات في أربع سنوات، وكانت هذه الزيارات مدفوعة التكاليف من قِبل حكومة الإقليم.

ناظم الزهاوي وزوجته لانا صائب- أرشيف

وهناك أسس الزهاوي مع زوجته شركة “زهاوي آند زهاوي” الاستشارية المتخصصة في مجال النفط، وحصل على عدة عقود مع الشركات النفطية العاملة في الإقليم، ورافق كبار قادة الإقليم في اجتماعاتهم مع المسؤولين البريطانيين، ومع بوريس جونسون عندما كان يشغل منصب عمدة لندن ورئيساً للوزراء. وأصبح مساهماً رئيسياً في شركة “جينيل إينيرجي”؛ وهي شركة تركية- بريطانية تعمل في التنقيب عن النفط ويديرها رئيس شركة “بريتيش بتروليوم” السابق توني هايوارد. وعمل كذلك مع شركة “آفرين” للنفط ومقرها في المملكة المتحدة لمدة أربع سنوات؛ ولكن علاقته بالشركة انتهت بعد أن بدأ مكتب مكافحة الاحتيال الخطير، بالتعاون من وزارة العدل الأمريكية، تحقيقاً في جرائم غسيل الأموال؛ أدى إلى إدانة وسجن اثنين من المديرين التنفيذيين للشركة بتهمة غسيل أموال وعمليات احتيال تجاوزت قيمتها 35 مليون جنيه إسترليني. ولكن لم يكن هنالك ما يشير إلى تورط الزهاوي شخصياً.

وفي عام 2015 أصبح الزهاوي كبير المسؤولين الاستراتيجيين في شركة “غلف كيستون” التي كانت تدير حقل شيكان النفطي؛ الذي يعتبر أحد أكبر حقول إقليم كردستان. وبحلول عام 2017 كان يتقاضى نحو 30 ألف جنيه إسترليني شهرياً، وبلغ مجموع ما حصل عليه من الشركة 1.3 مليون جنيه إسترليني؛ بما فيه المكافأة التي حصل عليها عندما ترك الشركة ليصبح وزيراً في الحكومة البريطانية.

اقرأ أيضاً: سياسيون بريطانيون بارزون يكرمون منظمة إسلامية تدعو إلى الكراهية

قال مسؤول كردي كبير سابق عن أنشطة الزهاوي في المنطقة: “دون أي شك، عمل الزهاوي بجد من أجل الشركات التي كان يمثلها، ومن أجل ضمان حصولها على العقود والتأكد من حصولها على أموالها في الوقت المناسب، وهذا أمر في غاية الأهمية؛ لأن المدفوعات غالباً ما كانت تتأخر. ونحن نتحدث عن مبالغ هائلة هنا”. وأضاف: “بالطبع حقَّق الزهاوي رصيداً كبيراً من كونه سياسياً مهماً في المملكة المتحدة، وفي الوقت نفسه من كردستان. فالرجل لديه شبكة علاقات واسعة، والنفط والغاز هما مجالان معقدان ومربحان للغاية. والزهاوي يعرف الكثير من الأشخاص المهمين في هذا المجال يمكنهم إبرام صفقات مثيرة للاهتمام، والكثير من رجال الأعمال والسياسيين”.

واختتم الكاتب مقاله بقوله: لا شك في أن مذكرات الزهاوي “ولد من بغداد: رحلتي من الوزيرية إلى ويستمينيستر” المزمع نشرها في الخريف المقبل سوف تحتاج إلى بعض التحديث في ضوء أحداث الأيام القليلة الماضية.

♦محرر الشؤون العالمية في صحيفة “الإندبندنت”

المصدر: الإندبندنت

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة