الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
رحلة الإنسان إلى الفضاء.. من عبادة الكواكب إلى المحطات الفضائية

كيوبوست
لطالما كان الفضاء بنجومه وكواكبه، لغز الإنسان الأكبر، فعدّه من المستحيلات. وتشير المصادر التاريخية إلى أنّ الإنسان منذ القدم، قدّس الكواكب والأجرام السماوية وعبدها، خصوصاً الأكثر سطوعاً وإشراقاً منها، مثل الشمس، والقمر، والزهرة، والمشترى.
فمن حضارة بلاد ما بين النهرين، حيث عبد الإنسان كوكب الزهرة، والتي هي الآله “عشتار” عند الأكَّاديين.. وصولاً إلى العرب القدماء الذين عبدوا القمر؛ ظلّت الكواكب لغز الإنسان، حتى اعتبرها المؤنسة له، والمؤثرة عليه، والهادية لقوافله وزرعه وحركته على كوكبه الأم.
اقرأ أيضاً: الفضاء عبر 50 عاماً من الآن.. حلول جديدة أم مشكلات إضافية لكوكبنا؟
ولعل اهتمام الإنسان بما فوقه، وعبادتهِ للكواكب، كانت أول خطوة لخلق علم الفلك، فقد عاش الإنسان جلَّ حياته على الكوكب يحاول تفسير ظواهر الفضاء، ويؤسطرها، حتى وصل لها أول مرة قبل أكثر من ستين عاماً، واحتفاء بالذكرى السنوية الخمسين للرحلة البشرية إلى الفضاء، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011م، 12 نيسان/إبريل يوماً دولياً للرحلة البشرية إلى الفضاء، ليكون بمثابة احتفال سنوي ببداية عصر الفضاء للبشرية.
الوصول الأول إلى الفضاء
حصلت أولى محاولات الوصول إلى الفضاء في فترة الخمسينيات، ضمن ما عُرف بالحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وكان تطوير التقنيات الفضائية على أشدِّه.

كانت الخطوة الأولى باتجاه الفضاء من نصيب الاتحاد السوفيتي، عندما أطلق السوفييت القمر الصناعي “سبوتنيك” المحمول آنذاك على أول صاروخ بالستي عابر للقارات “R7” من تصميم الروسي “سيرجي كوروليف”، ودار سبوتنيك حول الأرض دورة كاملة مدتها 96 دقيقة.
لم يكتفِ الاتحاد السوفيتي بتلك الخطوة المبهرة، فقد أكمل ما بدأه، عندما أطلق القمر الصناعي “سبوتنيك2” في 3 نوفمبر 1957م، وعلى متنه الكلبة “لايكا”، التي بقي مصيرها غيرَ محسومٍ، نتيجة للتكتم السوفيتي، إذ روَّجت الصحافة السوفيتية أن لايكا صمدت لمدة أسبوع في الكابينة، لكن فيما بعد ظهرت تقارير تفيد بغير ذلك.
اقرأ أيضاً: الإمارات تحلق عالياً في الفضاء بمشاريع عربية طموحة
وفيما كان الاتحاد السوفيتي يثبت قدراته في غزو الفضاء، كانتِ الولايات المتحدة تستشعر الخطر، لكنها لم تقف متفرجة، فقد نجحت بإطلاق قمرها الصناعي “Explorer” في 31 يناير 1958، بعد محاولتين فاشلتين، وكان القمر Explorer محمولاً على الصاروخ جوبيتر المطوّر بأيدي مهندسين ألمان، عملوا سابقاً لصالح ألمانيا النازية.

أول إنسان إلى الفضاء
كانت الخطوة التالية الأكثر جرأة ومغامرة، عندما أطلق الاتحاد السوفيتي مركبة الفضاء “فوستوك 1” التي حملت أول إنسان إلى الفضاء؛ رائد الفضاء السوفيتي “يوري جاجارين”، الذي قام برحلة مدتها 108 دقائق، دار خلالها حول الأرض لمرة واحدة، في 12 أبريل 1961.

ولأن الوصول إلى الفضاء كان من أبرز جوانب المنافسة بين القطبين، أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من رحلة السوفيتي جاجارين، رائد الفضاء الأمريكي “آلان شيبرد” في رحلةٍ غير مدارية إلى الفضاء (لا تكمل خلالها المركبة الفضائية دورة مدارية كاملة حول الأرض)، استغرقت أكثر من 15 دقيقة بقليل.
ومع أن الولايات المتحدة كانت تعمل بالباع والذراع على مشروعها الفضائي، فإن الاتحاد السوفيتي بقي خلال الخمسينيات في الصدارة، فقد أطلق المركبة “لونا 2″، التي هبطت على القمر عام 1959، كما حقق الاتحاد السوفيتي أيضًا أول عملية سير في الفضاء (خروج رائد الفضاء من المركبة خلال وجوده بالفضاء)، وأطلق مهمة فوستوك 6، التي كانت تحمل رائدة الفضاء “فالنتينا تيريشكوفا”، وهي بذلك أول امرأة تسافر إلى الفضاء.
اقرأ أيضًا: لوحة شمسية في الفضاء تجمع طاقة يمكن بثها إلى أي مكان على الأرض
أول إنسان على سطح القمر
الولايات المتحدة من جهتها، تبنّت التحدي الفضائي، وذلك عندما عزم الرئيس الأمريكي “جون كينيدي” في 25 مايو 1961م، على إنزال رجل على سطح القمر، وإعادته بأمان إلى الأرض قبل نهاية عقد الستينيات.
وتحقيقًا لتحدي إنزال إنسان على سطح القمر، بدأت وكالة ناسا إجراء تجارب واختبارات عبر برنامج يسمى مشروع “الجوزاء” لاختبار مدى إمكانية ذلك، في حين دار رواد فضاء أمريكيون حول القمر ضمن مشروع “أبولو”، وخلال المشروع وطئت قدما أول إنسان سطحَ القمر؛ “نيل أرمسترونج” في 11 سبتمبر عام 1969م، والتي وصفها بأنها “خطوة صغيرة، ولكنها عملاقة للإنسانية”.

ومن العلامات الفارقة في تاريخ استكشاف الفضاء، كان الهبوط على المريخ، فقد نجح السوفييت بالهبوط على سطحه بمسبار Mars” 3″ أول مرة عام 1971م.
المحطات الفضائية
بعد نجاح إطلاق الأقمار والمركبات الفضائية، بدأت المرحلة التالية؛ المحطات الفضائية، المصممة بطريقةٍ تسمح ببقاء البشر بداخلها لفترة طويلة نسبياً، وكان الاتحاد السوفيتي سبّاقاً مرة أخرى، فقد أطلق أول محطة فضائية في مدارٍ حول الأرض عام 1971م، وكان اسمها محطة “ساليوت 1″، تلتها وكالة ناسا التي أطلقت محطة ناسا الفضائية “Skylab”.
اقرأ أيضًا: “إكسبو دبي” يطلق أسبوعاً لاستكشاف الفضاء بشكلٍ مثمر
في عام 1975 تم إطلاق مشروع “أبولو-سويوز” التجريبي المشترك بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، في خطوة مفادها؛ انطفاء لهيب التنافس الفضائي بين الطرفين.
ومن أبرز الشراكات الفضائية؛ محطة الفضاء الدولية، وهي مختبر أبحاث في مدارٍ أرضي منخفض في الفضاء أُطلق عام 1998، يضم عدة دول شاركت في تصميم وبناء المحطة وصيانتها ومراقبتها.