الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

راشد الغنوشي من تركيا: الثورة التونسية إسلامية

ما هي القيم الديمقراطية التي يتحدث عنها؟

كيو بوست –

في ندوة شارك بها رئيس حركة “النهضة” في ولاية أفيون قرة حصار غربي تركيا، صارح راشد الغنوشي الحضور قائلًا بأن تونس حققت ثورتها، “وأسست لنظام ديمقراطي يليق بالقيم الإسلامية”.

واعتبر الغنوشي أن ثورة الشباب التونسي، هي التي أسست لحكم القيم الإسلامية في تونس، على الرغم من أن الأحزاب التونسية شارك معظم شبابها في الثورة، ومعظمهم كانوا من أحزاب علمانية ويسارية وقوى المجتمع المدني. وأصبح هؤلاء بعد الثورة في صفوف المعارضة لحكم “النهضة”، وقادوا ضدها ثورة أخرى، أجبرت المنصف المرزوقي على تقديم استقالته، بعدما استخدمه إخوان تونس جسرًا للعبور لتطبيق الشريعة، وترسيخ حكم الحزب الواحد وأخونة الدولة، عبر إقصاء المعارضين أو اغتيالهم.

اقرأ أيضًا: هل تدعم حركة “النهضة” اقتصاد تركيا على حساب الاقتصاد التونسي؟!

فـ”القيم الإسلامية”، بحسب تصريحات الغنوشي من تركيا، لا معنى لها سوى تطبيق مبادىء الشريعة، التي تتناقض مع علمانية المجتمع التونسي، وهي العلمانية التي حافظت على الثورة ولم تؤدِ لانتشار الإرهاب مثلما حدث في باقي دول الربيع العربي، التي أصبحت قواعد للأحزاب الدينية التي استخدمت الحراكات الشبابية لنشر الإرهاب العابر للقارات.

فالذي حمى الثورة التونسية إلى الآن، ليس شباب حركة النهضة، مثلما تفاخر الغنوشي، بل العلمانيون، الذين قادوا ثورة سلمية، لم يغتالوا فيها، ولم يفجّروا، ولم يدّولوا الأزمة، بعكس ما حصل في كل من ليبيا وسوريا –على سبيل المثال- عندما سيطر الإخوان على زمام الثورة، فانحرفت عن قيمها السلمية، محدثة اقتتالًا داخليًا، حتى تحولت إلى ثورات دولية متعددة الجنسيات، تحركها جماعات الإسلام السياسي قبل غيرها!

وليست قيم حركات الإسلام السياسي -التي تتخذ من تطبيق الشريعة ستارًا للحكم الأبدي- هي التي حافظت على تونس، إنما قيم العلمانية التي أذابت التعصب، وقضت على التطرّف، وترفض إلى الآن أن تكون ثورة الخميني هي النموذج، أو أي ثورة دينية أخرى، ترفع فيها المصاحف على أسنّة الرماح.

اقرأ أيضًا: إخوان حركة “النهضة” يبالغون بالاحتفال بفوز إردوغان!

يقول الغنوشي بأن الديمقراطية تعني التعددية، فهل هناك أحزاب دينية تقبل بالتعددية؟! هل قبلت الدول التي وصل بها الإسلاميون إلى الحكم -مثل السودان وإيران وأفغانستان- التعددية؟! ألم يقل القيادي في حركة النهضة، عبد الفتاح مورو، في جلسة مغلقة مع الإخواني وجدي غنيم، بأن الحركة في طريقها للسيطرة على جميع الوزارات من أجل تغيير هوية المجتمع!

عبد الفتاح مورو في مصر. يتباحث مستقبل الخلافة الإخوانية. في تونس ! مع الوهابي المتشدد "وجدي غنيم" ! … للأسف كنت أحترمك مورو….

Posted by Baset Baset on Sunday, March 19, 2017

يمكن القول إن الخطاب السرّي للنهضة يختلف عن الخطاب العلني، إذ أن التعددية من منظور مورو، هي وصف الخصوم السياسيين بأنهم “أعداء” للنهضة، وهي البذرة الأولى لقيم النهضة التي يدعي الغنوشي من إسطنبول بأنها حافظت على الحريّات في تونس. بينما وصف الغنوشي نفسه “المرتدين” الذين ذُبحوا في زمن الخلافة الراشدية بأنهم “علمانيون”.

إن المعنى المباشر والصريح لذلك هو فتوى شرعية بقتلهم، عندما يساوي بين العلمانيين وبين الخارجين عن الدين، إذ من المعروف أن المرتد -بحسب قيم الشريعة- جزاؤه القتل! فهل هذه هي الحريات التي يناضل من أجلها الغنوشي لاستمرار الثورة التونسية؟! وهل استبدل التونسيون الاستبداد السياسي السابق بالاستبداد الديني المتمثل بأجندة النهضة الإخوانية للسيطرة على مستقبل تونس وأخونتها وحكمها إلى أبد الآبدين؟!

وإذا كان هناك متآمرون على الثورة، بحسب ما ادعى الغنوشي، فهم الذين انقلبوا على ثورة الشباب التونسي الطامح للحرية السياسية والفردية والمجتمعية، والانقلابيون هم الذين انقلبوا على علمانية تونس التي حفظت سلميتها وأمنها.

اقرأ أيضًا: عبد الفتاح مورو: أخونة تونس بالتدريج بدلًا من أخونتها مباشرة

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة