الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

رابطة علماء المغرب تواجه التطرف العنيف.. حوارات خلفية وخرائط ذهنية

الأمين العام للرابطة المحمدية في حديث مع "كيوبوست" يؤكد على أهمية علم النفس في الحيلولة دون الوصول إلى التطرف

المغرب- حسن الأشرف

لتعزيز وتكريس سمات الوسطية والاعتدال والاتزان التي يتصف بها الدين الإسلامي الحنيف، تعقد حالياً الرابطة المحمدية للعلماء، دورات علمية تنتهي في نهاية شهر يوليو تموز 2022، وذلك في مجال بناء القدرات للحماية من التطرف وخطاب الكراهية.

وتجري هذه الدورات العلمية التي تنظمها وتشرف عليها الرابطة المحمدية للعلماء تحت عنوان “التمنیع من التطرف العنیف: أي وظیفة للحوارات الخلفیة والخرائط الذهنية؟”، وذلك استمراراً لتنفيذ البرامج العلمية التي تندرج في إطار استراتيجية هذه المؤسسة مع مختلف الفاعلين والشركاء، لتزويد الباحثين والمدربين والمهتمين، وكذا اليافعين والشباب بكفايات ومهارات تعزز المواكبة والتأطير والتأهيل.

اقرأ أيضاً: نموذج التدين المغربي يحارب التطرف بالتسامح و”إمارة المؤمنين”

دورات التمنيع

ووفق رابطة علماء المغرب، تهدف دورات التمنيع من التطرف العنيف إلى بلورة أدوات ووسائل عمل تراعي أصناف المتلقين ومستوياتهم العلمية والفكرية، وتسهم في فهم التوازنات النفسية- السوسيو ثقافية للشخصية، ليتم اعتمادها وتملكها من أجل أداء أحسن في هذه المجالات.

وتشتغل هذه الدورات العلمية للرابطة المحمدية للعلماء على محاور تعتني بهذه المواضيع والملفات: “الخطاب الرقمي المتطرف: معالم ومسارات”، و”الخرائط الذهنية والتمايزات والحوارات الخلفية”، و”خطاب التطرف: جدليات التأويل وتغيير الخرائط الذهنية”، و”مسطحات التواصل الاجتماعي: الفرص والمخاطر”.

وتسعى الرابطة، وفق ميثاق تأسيسها، إلى التعريف بأحكام الشرع الإسلامي الحنيف، ومقاصده السامية، والعمل على نشر قيم الإسلام السمحة، واحترام مبادئ الوسطية والاعتدال، والإسهام في إعداد البرامج والمناهج التربوية في مختلف مجالات التربية والتعليم والتكوين.

وتنشط الرابطة المحمدية للعلماء أيضاً في مجال محاربة التطرف الديني، من خلال دورات وندوات فكرية وعلمية، وأيضاً من خلال نشر كتب ومؤلفات ودفاتر أكاديمية ومفاهيمية لتفكيك خطاب التشدد والتطرف، فضلاً على مساهمتها في إرجاع عدد من المعتقلين السلفيين المتشددين داخل السجون إلى جادة الاعتدال والوسطية، من أجل اندماج ناجع في المجتمع بعد الخروج من السجون.

اقرأ أيضاً: المغرب يحارب التطرف ودعوات الجهاد بضبط وتقنين الفتوى

حوارات خلفية

ولفهم ماذا تعني “الحوارات الخلفية” و”الخرائط الذهنية” التي يرتكز عليها التمنيع من التطرف العنيف، اتصل موقع “كيوبوست” بالدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الذي قال إنه من أجل شيء من التبسيط يمكن اعتبار “الحوارات الخلفية” هي كل ما يدور في باطن وداخل كل إنسان من حواراتٍ داخلية، وتحليل الوضعيات التي يواجهها انطلاقاً مما يكنزه من معلومات وقناعات مُؤرشفة مستبطنة.

ويستطرد عبادي، في حديثٍ مع “كيوبوست”، بأن هذه التحليلات في داخل المرء تمتزج بأكثر من 100 شعور، ولا يعرفها إلا القلة القليلة من الناس، فتكون الحوارات الخلفية قائدة نحو مجموعة من النتائج الناقصة.

د.أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء

وزاد المسؤول الديني ذاته بأنه “حين يبني الإنسان القدرات من فحص الخلاصات ليتأكد من صحتها قبل بناء تصرفات أو قرارات، فإن تلك الحوارات الخلفية تؤدي به إلى مآلات وعواقب قد تكون غير محمودة”.

وتابع عبادي بأنه عندما تبنى هذه القدرات التي تسمح بالوقوف على هذه الحوارات الداخلية انطلاقاً من قاعدة معطيات ناقصة، فإن النتيجة هي تسريع مسارات وقرارات غير صائبة، قد تفضي إلى التطرف العنيف.

اقرأ أيضاً: على ماذا تقوم الاستراتيجية المغربية لمحاربة التطرف والإرهاب؟

خرائط ذهنية

وجواباً عن سؤال ماهية “الخرائط الذهنية” في عملية التمنيع من التطرف العنيف، يؤكد عبادي أن الحوارات الخلفية ترتبط عضوياً بالخرائط الذهنية، فهي مسارات التفكير، بمعنى كيف نلاحظ، وعلى أي أساس نلاحظ، وكيف نحلل، وكيف نفكر، إلى غير ذلك من مسارات التفكير المختلفة.

ويكمل الخبير في الخطاب الإسلامي بأنه “في هذه المرحلة تقع مجموعة من الانكسارات في مسار تفكير الإنسان توقعه في خطر التطرف”، ضارباً المثل بحالة إدخال قلم في الماء، حيث يبدو القلم من زاوية رؤية معينة منكسراً.

ويزيد عبادي شارحاً “حين يتم نقل الحقائق الفعلية في العالم إلى الأذهان، وعندما تكون الملاحظة الأولية غير مبنية على أسسٍ سليمة، فإن الخرائط الذهنية المتوصل إليها لا تكون بالضرورة سليمة، فتقع الانكسارات التي تؤدي عن حسن أو سوء نية إلى مخاطر محدقة”.

ويسترسل الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، بأن “هذه الوضعية تجعل من اقتناع هذا الإنسان واستخلاصه واستشرافه، عمليات تصبح جميعها مصابة بهذه الانكسارات”، ليخلص إلى أن الدورات التي تنظمها المؤسسة الدينية المعنية هي “مجموعة من المهارات النفسية المعرفية التي يشرف على تثبيتها في أذهان المستهدفين خبراء ومختصون”.

اقرأ أيضاً: المغرب يحارب التطرف باحتضان علماء إفريقيا

تفكيك المفاهيم

وفي سياقٍ آخر يتعلق بمواجهة التطرف، عكفت الرابطة المحمدية للعلماء على نشر “دفاتر تفكيك خطاب التفكيك”، وهي عبارة عن كتب ودراسات علمية تشتغل على “تفكيك عدد من المفاهيم ذات الصبغة الشرعية التي تستند إليها الجماعات المارقة، ويحرفها دعاة التطرف والإرهاب، ويبنون عليها خطابات المفاصلة والكراهية، والعنف”.

وفي تفكيك خطاب التطرف، كتب عبادي العديد من الدراسات والمقالات الفكرية والنقدية، آخرها دراسة نشرت حديثاً بخصوص توظيف الآليات الاستنطاقية لفهم السياق الداخلي، الذي هو النص القرآني المؤسس والسنة الموضحة له، والسياق الخارجي الذي هو واقع الناس ومحاورة الكون، بآلياتٍ علمية ومنهجية.

عكفت الرابطة المحمدية للعلماء على نشر “دفاتر تفكيك خطاب التفكيك”

واعتبر عبادي أن خطاب الجماعات المتطرفة يخلو من مفاتيح وآليات فهم السياق، متمثلة في الوعي بالسياق النفسي للمخاطب، والوعي بالسياق العقلاني والمعرفي، والوعي بالسياق المادي الاجتماعي، والسياق الذي أعمل فيه النبي صلى الله عليه وسلم النصوص، والسياق النفسي والاجتماعي الذي يجري فيه الخطاب بهذه النصوص، مع الاجتهاد لاستبانة الفروق بينه وبين السياق النبوي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

حسن الأشرف

صحفي مغربي

مقالات ذات صلة