الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةحواراتشؤون خليجية

رئيس معهد الشارقة للتراث لـ “كيوبوست”: “الشارقة للتراث” أول مركز معتمد من اليونسكو في العالم العربي للتراث الثقافي اللا مادي

كيوبوست- إيهاب الملاح

بموجب الاتفاقية التي وقعتها الأسبوع الماضي في بيت الحكمة، دولة الإمارات العربية المتحدّة، ممثلة في وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية؛ نورة الكعبي، مع مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)؛ أودري أزولاي، تم اعتماد معهد الشارقة للتراث مركزاً دولياً لبناء القدرات في مجال التراث الثقافي غير المادي، بالدول العربية.

 

وأصبح من اختصاصات معهد الشارقة للتراث الأصيلة الحقُّ في إنشاء مركز دولي متخصص لبناء القدرات في مجال التراث الثقافي غير المادي بالدول العربية كلها، والذي سيتخذ من معهد الشارقة للتراث مقراً له، بما يسهم في تعزيز الجهود التي تبذلها دولة الإمارات، وإمارة الشارقة، لحماية التراث الثقافي غير المادي، وتعزيز الوعي به، وبهذا يصبح المعهد أول مؤسسة ثقافية عربية في هذا المضمار.

اقرأ أيضًا: المؤرخ الإماراتي حمد بن صراي لـ”كيوبوست”: تجميع التراث أولوية إماراتية منذ إعلان الدولة

هنا في القاهرة، وعلى هامش مشاركته في مؤتمر التعليم العالي؛ كان لـ “كيوبوست” هذا الحوار مع رئيس معهد الشارقة للتراث؛ الدكتور عبد العزيز المسلم عن اعتماد اليونسكو “معهد الشارقة للتراث” مركزًا دوليًّا لبناء وتعزيز قدرات الخبراء والباحثين والعاملين في مجال التراث الثقافي غير المادي، من الفئة الثانية… فإلى نص الحوار:

* في البداية؛ ولمن لا يعرف، ما هو معهد الشارقة للتراث؟ ما مهامه وفعالياته ومحاور نشاطه؟

– معهد الشارقة للتراث؛ هو معهد أكاديمي بحثي، ومركز علمي للتراث الثقافي المادي وغير المادي معاً، أنشأته حكومة الشارقة في 2014. الآن؛ يعد المعهد واحداً من أكبر المؤسسات الثقافية والعلمية الأكاديمية التي تعمل على حفظ التراث الثقافي الإماراتي، والعربي، غير المادي، وصونه وتوثيقه، والتعريف به على أوسع نطاق. ويضطلع، المعهد منذ إنشائه، بمهام دراسة التراث وتدريسه، وحفظه، ونشره، وخبرات الترميم والصيانة، وذلك من خلال حزمة من الفعاليات الرئيسية؛ ومنها: ملتقى الشارقة الدولي للراوي، وأيام الشارقة التراثية، وملتقى الشارقة للحرف التقليدية، وأسابيع التراث الثقافي العالمي، وغيرها من الفعاليات. هذا بالإضافة إلى تنظيم سلسلةٍ متواصلة من الندوات والمحاضرات المتخصصة على مدار العام، من أجل التوعية والتثقيف بأهمية التراث، وحفظه، وصونه.

وخلال السنوات السبع الماضية، أسهم المعهد أيضاً في مجال النشر، ومن ذلك إطلاق دوريتين؛ “الموروث” و”مراود”، وإصدار قرابة الخمسين كتاباً سنوياً. كل هذا بموازاة نشاط التواصل العلمي والبحثي والأكاديمي مع المختصين والمعنيين وخبراء التراث الثقافي (المادي واللا مادي) في جميع أنحاء العالم، ومع كل المؤسسات والمراكز والأكاديميات العلمية المعنية بالتراث الثقافي.

معهد الشارقة للتراث

* في ضوء هذه اللمحة التعريفية المكثفة عن المعهد، ما الذي يمثله توقيع هذه الاتفاقية الآن بالنسبة للإمارات وللعالم العربي كله؟

– في ظلِّ النشاط المتصل لمعهد الشارقة للتراث، ارتأت منظمة اليونسكو أن المعهد يمكن أن يكون له هذا الدور المحوري في بناء المراكز المؤهلة للقدرات والاضطلاع بأدوار التدريب والتأهيل، وتخريج الكوادر المدربة والمؤهلة للعمل في مجال التراث الثقافي غير المادي، وجمعه، وصونه ونشره.. إلخ.

بموجب الاتفاقية الموقعة، يختص المركز المزمع إنشاؤه في بناء القدرات للمحافظة على التراث الثقافي غير المادي، وذلك بهدف تعزيز اتفاقية عام 2003 لحماية التراث الثقافي غير المادي، والمساهمة في تنفيذها بالدول العربية كافة، وتعزيز القدرات المؤسسية لحماية التراث الثقافي.

ورغم أن معهد الشارقة يعد مؤسسة حكومية لا تتبع اليونسكو مباشرة، لكن اليونسكو تعترف بإمكاناته وقدراته، بل والشراكة معه في مشروعات ثقافية كبرى، ويأتي توقيع هذه الاتفاقية تفعيلاً وتنفيذاً لاتفاقية العام 2003 لحماية التراث الثقافي غير المادي؛ التي تهدف إلى رفع مستوى مشاركة المجتمعات في حماية التراث الثقافي غير المادي، إضافة إلى رفع مستوى الوعي به وضمان احترامه في الدول العربية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لحماية التراث الثقافي غير المادي.

في الوطن العربي كله، يوجد مركز البحرين للتراث الثقافي المادي، ويوجد مركز آخر قديم في الجزائر، وهو يعتبر أقدم مركز في الوطن العربي للتراث اللا مادي، فيما عدا ذلك ليس هناك مركز آخر أو مؤسسة أخرى تكمل هذا الجهد وتنميه وتطوره؛ وبهذا يكون معهد الشارقة للتراث أول مركز ثقافي يتم اعتماده من قبل اليونسكو، كمركز ثقافي للتراث غير المادي.

اقرأ أيضًا: سلطان القاسمي.. نخسر في الإمارات تاريخاً معمارياً مميزاً ينبغي الحفاظ عليه

* ما الذي يمكن لمعهد الشارقة للتراث أن يقدمه من خلال هذه الاتفاقية في مجال التراث الثقافي اللا مادي؟

– هناك حاجة ماسة وضرورية لتكوين خبراء ومختصين في التراث الثقافي، وتخريج كوادر مؤهلة للعمل بمجال التراث الثقافي اللا مادي، وتكوين ودعم قدراتهم العلمية والبحثية والأداتية.. إلخ. ولهذا، سيكون للمركز الدولي لبناء القدرات في مجال التراث الثقافي غير المادي بالدول العربية شأن كبير في الوصول إلى هذه الغايات التي تجمع عليها دول العالم كافة.

وبالتأكيد، سيسهم بناء قدرات الكوادر العربية العاملة في مجال التراث الثقافي غير المادي، في تشجيع الحوار بين الثقافات، وتعزيز الاحترام المتبادل بين جميع مكونات النسيج المجتمعي في البلدان العربية، من خلال حماية الهويات والتنوع الثقافي للسكان، عبر صون وحماية كافة عناصر هذا التراث، بدءاً من العادات والتقاليد والطقوس والممارسات، وصولاً إلى المهارات والحِرف والفنون على اختلافها.

من فعاليات معهد الشارقة للتراث

* ما أبرز البنود التي تضمنتها الاتفاقية؛ وما الذي سيترتب عليها من مسؤوليات ومهام؟

– الاتفاقية تنص على اعتماد معهد الشارقة للتراث مركزاً دولياً لبناء ودعم القدرات في مجال التراث الثقافي اللا مادي؛ من هنا ستكون مهمة معهد الشارقة للتراث الأساسية، وفق الاتفاقية، بناء القدرات وتكوين الخبراء وإعداد الباحثين والعاملين في مجال التراث الثقافي غير المادي، وتأهيلهم، ليس على مستوى الشارقة أو دولة الإمارات العربية فقط، بل على مستوى الوطن العربي كله.

ونحن في معهد الشارقة للتراث، وفي الإمارات ككل، الحمد لله تواصلنا العربي-العربي كبير جداً وممتاز على كل المستويات؛ والآن سيصبح هذا التعاون العربي رسمياً من خلال تعزيز القدرات والكفاءات من الباحثين والخبراء والمعنيين بالتراث الثقافي، على اختلاف دوائره وفروعه؛ على سبيل المثال؛ صقل خبرات العاملين في مجال التاريخ الشفهي، والرواة من حملة التراث الشفهي، والحكواتية والمؤدين الشعبيين.. إلخ.

إذن وبموجب هذه الاتفاقية، سيأتي هؤلاء الباحثون والممارسون للعمل في مجالات التراث الثقافي المتعددة، إلى معهد الشارقة للتراث الذي سيقوم بتنظيم الدورات وورش العمل لهم، وتدريبهم ورفع كفاءاتهم وقدراتهم.. إلخ. أو يمكن أيضاً بالعكس أن يقوم المعهد بتنظيم هذه الدورات في الدول العربية المختلفة؛ وعقد ورش العمل المختلفة باسم المعهد؛ باعتباره المؤسسة العربية الوحيدة المعترف بها من قبل اليونسكو الآن، وباعتباره أيضاً تحت مظلة اليونسكو.

اقرأ أيضًا: مؤشر القوة الناعمة 2021: تقدم عربي وتراجع أمريكي.. والإمارات ضمن العشرين الأوائل

* ماذا يعني تصنيف من “الفئة الثانية” التي أرفقت بتوقيع الاتفاقية “الاعتراف بمعهد الشارقة للتراث مركزاً لبناء القدرات من الفئة الثانية”؟

– هناك تصنيفان تحددهما اليونسكو لتأطير العمل المؤسسي بها؛ سواء تحت إشرافها الكامل بشكل مباشر أو تحت مظلتها وإشرافها الفني فقط دون الإداري؛ وهما: الأول (الفئة الأولى)، وهو كل ما تمارسه اليونسكو بذاتها كمنظمة عالمية للتربية والعلوم والثقافة، فالتصنيف الأول للمنظمة ذاتها أو ما يتبعها مباشرة؛ إداريا وفنيا، وليس هناك سلطة عليها سوى لليونسكو.

أما التصنيف الثاني؛ أو الفئة الثانية؛ فيعني أن الجهة أو المؤسسة الثقافية التي تعترف بها اليونسكو هي مؤسسة أو هيئة “حكومية” لا تتبع اليونسكو مباشرة من الناحية الإدارية، إنما تتبعها فنياً فقط؛ أي لها الإشراف الفني على النشاط الموقع عليه، أما الإشراف الإداري فيخضع للدولة أو الحكومة التي ينتسب لها هذا المركز أو ذاك.

وفقا لهذا التصنيف؛ سيعمل المركز تحت رعاية من منظمة “اليونسكو”، على تنفيذ برامج وأنشطة قصيرة وطويلة الأجل لبناء القدرات في مجال حماية التراث الثقافي غير المادي، تستند إلى البرنامج الذي وضعته منظمة “اليونسكو” للتنفيذ الفعال لاتفاقية عام 2003، وتكييف مواد وبيانات بناء القدرات التي طورتها منظمة “اليونسكو” لتتلاءم مع السياق الإقليمي، وضمان ترجمتها إلى اللغة العربية.

* متى سيتم البدء في تفعيل الاتفاقية وأبرز النقاط أو البنود التي سيتم البدء في تفعيلها وهل من المنتظر عقد أنشطة ودورات في المدى القريب؟

– نعم. ففور توقيع الاتفاقية، سيقوم المعهد فورا بإعداد ما يلزم للبدء في تفعيلها من حيث عقد وتنظيم الدورات التدريبية والتأهيلية للمعنيين بالتراث الثقافي، وإعداد خبراء جدد في حفظ التراث الثقافي اللا مادي، فضلاً على ممارسة مهام الاتصال والربط والتنسيق بين المعهد وبين المراكز البحثية ومراكز التراث الأخرى في الوطن العربي، وفيما بينها. وكذلك إعداد قوائم توثيقية للباحثين وجهودهم في مجال خدمة التراث، حتى يكون ذلك توطئة لقاعدة بيانات شاملة وكاملة للعاملين في مجال التراث الثقافي اللا مادي والربط بينهم وتنسيق الجهود في المشروعات التراثية.

* ماذا يعني أن تكون حصص التمثيل بين الدول العربية “عادلة”؟

– يعني ذلك على سبيل المثال؛ أن تكون بلاد الشام؛ سوريا ولبنان وفلسطين، والأردن، ودول العراق واليمن، ودول شبه الجزيرة والخليج العربي، ومصر والسودان ودول شمال إفريقيا، والصومال، وجيبوتي وموريتانيا.. كل الدول العربية تكون حصصها عادلة تماما لدى اختيار ممثليها أو من سيتدربون من هذه الدول؛ كي يكونوا خبراء ومختصين في التراث الثقافي اللا مادي، ومعتمدين كذلك من منظمة اليونسكو.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة