ترجماتشؤون دولية
رؤية الصين: حملة عنيفة لخلق عالم من تصورها الخاص
هل تستطيع الصين أن تفرض توجهاتها على العالم؟

ترجمة كيو بوست عن مودرن دبلوماسي
يتساءل الكثيرون عن طموحات حكومة الزعيم الصيني “تشي جين بينج” وتطلعاتها على صعيد العالم، خصوصًا في أعقاب خطوات جين بينج للبقاء رئيسًا لبلاده مدى الحياة. يتناول المؤلف “دانيال واغنر” الاتجاهات التي تسير نحوها الصين في كتابه “رؤية الصين: حملة عنيفة لخلق عالم من تصورها الخاص”.
اقرأ أيضًا: عن الحرب الباردة التكنولوجية القادمة مع الصين وهواوي
يشير الكتاب إلى مفارقة صينية مفادها أن الصين ترحب بالاستثمار فيها، إذ لا يزال ثاني أكبر اقتصاد في العالم يقبل مليارات الدولارات من قروض التنمية من البنوك، مثل البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي. وفي الوقت نفسه، تقرض البنوك الحكومية الصينية تريليونات الدولارات للدول في جميع أنحاء العالم، كما يقوم رجال الأعمال الصينيون بالاستثمار بقوة في الخارج وشراء الشركات الأجنبية والعقارات. وفي حال أراد أجنبي الاستثمار في الصين، فيجب عليه قبول قيود ملكية الأسهم والالتزام بالقواعد التي تجعله أقل قدرة على المنافسة.
يقول واغنر إن الصين تستثمر أكثر من اللازم في المشاريع الكبرى، في حين لا تركز على الاستثمار في الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، ما سيؤدي إلى حدوث عواقب على الاقتصاد الصيني.
يركز جزء كبير من الكتاب على دور الصين في الدبلوماسية والتجارة الخارجية، فالقوة العظمى الوليدة بصدد إنفاق تريليونات الدولارات على القروض للعالم النامي، لا سيما من خلال مبادرة الحزام والطريق ذات التوجه الآسيوي. تمنح القروض سلطة هائلة للصين على العديد من الدول الفقيرة. واتهم كثير من الأشخاص -أبرزهم رئيس وزراء المالديف السابق “محمد نشيد”- الصين بالإمبريالية.
اقرأ أيضًا: الإبادة الثقافية للمسلمين في شينغيناغ: كيف تستهدف الصين الفنانين والكتاب الإيغوريين؟
يقول واغنر: “اضطرت كينيا لأن تسحب سيطرتها على أكبر موانئها وأكثرها ربحًا في “مومباسا” لصالح السيطرة الصينية، بسبب عجزها عن سداد ديونها إلى بكين. كما تمتلك الصين موانئ في مناطق متنوعة مثل جيبوتي، وزيبروغ، وبلجيكا. بالإضافة إلى ذلك، فإن سلاح البحرية التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني مجهز بشكل كامل وأفضل من أي وقت مضى لإسقاط أي قوة على جميع موانئ الصين من سواحل الفلبين وحتى بلجيكا”.
وبالمثل، لدى الشركات الصينية بعض الميول الاستعمارية الجديدة، كالشركات الصينية القائمة في إفريقيا، والمشاريع العقارية الصينية المثيرة للجدل مثل “فورست سيتي” في ماليزيا، وهي أمثلة على الاستعمار فعليًا.
تعزز الصين -القوة البحرية الثالثة- من إمكانية إفلاتها من العقاب عبر إستراتيجيتها لشراء الأصدقاء وبناء شبكة عالمية من الموانئ. وواجهت بكين انتقادات ومطالب شديدة من دول إقليمية عدة جراء اتخاذها بحر الصيني الجنوبي كجزء من إقطاعيتها الخاصة. ومما أثار القلق مؤخرًا العدوان الكلامي للرئيس “شي جين بينغ” تجاه تايوان؛ فمن خلال شرائها للأصدقاء، يمكن للصين أن تسكت الأمم المتحدة عن عدوانها تجاه تايوان، وكذلك عن عزلها، إذ إن 19 دولة فقط تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان.
اقرأ أيضًا: كيف تتسلل الصين إلى داخل الجامعات الأمريكية؟
في الجزء الأخير من الكتاب، يتناول واغنر هيمنة الصين في المجال الافتراضي، فالشركات الصينية مثل بايدو، وعلي بابا، وتينسنت أصبحت تفوق الكثير من الشركات الأخرى من نواحي الحركة والربحية والابتكار. كما أصبحت الصين رائدة عالمية في مجال التكنولوجيا الخضراء.
في المقابل، يغطي هذا الابتكار عمليات التجسس التي تقوم بها شركات صينية؛ فعلى مدى العقود القليلة الماضية، قامت الشركات الصينية -في كثير من الأحيان بدعم رسمي- باستخدام الجواسيس والقرصنة لسرقة الاختراعات الهندسية. ومن المفارقة أن هذه المسروقات يجري بيعها في كثير من الأحيان إلى الولايات المتحدة، مما يخلق مخاطر أمنية كبيرة. وفي الكثير من الحالات، تتبادل الشركات الغربية عن طيب خاطر البيانات السرية مع الصين من أجل منحها إمكانية للوصول إلى السوق الصينية.
في سياق آخر، توضح حملة القمع التي تشنها الصين على معارضيها داخل البلاد كيفية تعاملها مع الدول الأجنبية ونشطاء حقوق الإنسان الذين يجرؤون على معارضتها؛ فمن خلال مبادرة الحزام والطريق الصينية، على سبيل المثال، تقرض الصين مليارات الدولارات من أجل تطوير البنية التحتية للدول النامية، وبذلك تستطيع السيطرة عليها من خلال نهج العصا والجزرة.
اقرأ أيضًا: الصين تتجه إلى غزو العالم ثقافيًا وتجاريًا
يشرح كتاب دانييل واغنر الاتجاهات الجيوسياسية للصين بطريقة موجزة ومتوازنة، ويشرح كيف ساعد الاستعمار والحرب الباردة في تشكيل النظرة السيئة للصين. في الختام، يساعد هذا الكتاب الأشخاص المتخصصين في المجالات السياسية أو التكنولوجية أو الاقتصادية في تعلم الكثير من الأشياء حول الصين وسياساتها.
المصدر: Modern Diplomacy