الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
د.فضل الله ممتاز: الحكومة الأفغانية لم تتهيأ لتبعات انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان
في مقابلة مع "كيوبوست" تحدث المحلل السياسي الأفغاني الدكتور فضل الله ممتاز عن الوضع في بلاده وأسباب السقوط السريع للمدن الأفغانية بقبضة "طالبان"

كيوبوست

باتت حركة طالبان على أبواب العاصمة الأفغانية كابول، بعد أيام تسارعت فيها وتيرة سقوط المدن الأفغانية تحت قبضة الحركة، على خلفية استسلام قوات الجيش والشرطة لمقاتلي الحركة، بعد انسحاب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في الوقت الذي تباشر فيه عدة دول أوروبية، بجانب الولايات المتحدة، عملية إجلاء سريع لمواطنيها.
في مقابلةٍ خاصة مع “كيوبوست”، يتحدث المحلل السياسي الأفغاني الدكتور فضل الله ممتاز، عن الأسباب التي أدَّت إلى سقوط كابول بشكل سريع، بالإضافة إلى مستقبل الأوضاع خلال الفترة المقبلة.

غياب الرؤية
يقول فضل الله ممتاز إن الحكومة الأفغانية لم تكن مستعدة بشكلٍ جيد لتبعات انسحاب القوات الأجنبية من البلاد بشكل كامل؛ خصوصاً أن الاعتماد عليها في توفير الأمن وتحقيق الاستقرار كان واضحاً منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أن الأزمة الحقيقية في أن الحكومة لم تهيئ نفسها على مدار السنوات الماضية لهذه الخطوة؛ وهذا الأمر تكرر في عدة بلاد من قبل، وليس أفغانستان.
اقرأ أيضاً: مَن هو هبة الله أخند زاده زعيم “طالبان”؟
وأضاف أن ثمة مشكلات أوصلت أفغانستان إلى هذه الحالة من الفوضى؛ وهو أمر لم يكن مرهوناً فقط بانسحاب القوات الأجنبية، ولكن بطبيعة تكوين الجيش الأفغاني الذي اعتمد على مرتزقة بشكل رئيسي يتقاضون رواتب شهرية، وليست لديهم رغبة في القتال، وبالتالي سيتوقفون عن التحرك حتى مع توقف الرواتب التي كانوا يحصلون عليها خلال الفترة الماضية، بل بعضهم يبادر بالانسحاب من مواقعه قبل وصول حركة طالبان؛ وهو ما يفسر عمليات السقوط السريع للمدن الأفغانية، ووقوعها تحت قبضة “طالبان” من دون قتال.

وأوضح أن جزءاً آخر من الموضوع مرتبط بوجود نشاط استخباراتي كبير لعدة دول في أفغانستان؛ خصوصاً في ما يتعلق بطبيعة تحركات “طالبان” على الأرض، والتفاوض والتواصل معها؛ وهو ما يحدث من عدة أطراف بالفعل، خصوصاً أن هناك توقعات مسبقة بشأن كل ما يجري على الأرض الآن منذ فترة، ومن ثم لم يكن الأمر مفاجئاً.
اقرأ أيضاً: الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان لا يضمن السلامَ في أفغانستان
مسؤولية حكومية
يحمِّل فضل الله ممتاز الحكومة الأفغانية جزءاً رئيسياً في ما آلت إليه الأمور؛ بسبب عدم التجانس الموجود بين أعضاء والخلافات الأيديولوجية والفكرية الموجودة بينهم؛ لكون عدد ليس بالقليل منهم جاء لتولي منصبه بعدما عاش فترات طويلة في الخارج، ومن ثم حاولوا تطبيق مفهوم للديمقراطية بنفس النموذج الغربي، في وقت شهدت فيه الانتخابات عملية تزوير شاهدها العالم ورصدتها المنظمات الحقوقية؛ لكن في المقابل لم يكن هناك تصرف تجاه هذه الانتهاكات.

وأضاف أن الحكومة الحالية ليست لديها رؤية تجاه البلاد بشكل واضح، ولا تتعامل معها بقدر من المسؤولية؛ وهو ما يظهر في عدم شعورهم بالأمان وقيامهم بتسفير عائلاتهم للإقامة خارج أفغانستان، مشيراً إلى أن الضحية في كل هذه التصرفات هو الشعب الأفغاني الذي بات يواجه مصيراً مجهولاً؛ الأمر الذي يدفع مزيداً من المواطنين نحو الهجرة وطلب اللجوء.
اقرأ أيضاً: ما رأي المدنيين الأفغان في الانسحاب الأمريكي؟
استهلاك إعلامي
لا يعول المحلل السياسي الأفغاني على المفاوضات الجارية بين “طالبان” والحكومة الأفغانية في التوصل إلى حلول جوهرية، معتبراً أن استمرار التفاوض ووصفه بـ”الجاد” مجرد استهلاك إعلامي فقط للوقت؛ لأن الأطراف المتفاوضة ليست جادة في تفاوضها وليست لديها رؤية للتعامل مع الموقف بشكل كامل.

يشير فضل الله ممتاز إلى أنه حتى الحديث عن تقاسم السلطة عبر المفاوضات يبدو غير واقعي في الوقت الحالي، في ظل المواقف الدولية الرافضة سيطرة “طالبان” على الأراضي الأفغانية؛ فلا يتوقع الوصول إلى نتائج يمكن البناء عليها مستقبلاً، لافتاً إلى أن التصور الأقرب هو قبول التعامل مع سلطة “طالبان”؛ خصوصاً مع قبول الحركة تسهيل الأمور التجارية والتعاون مع الولايات المتحدة.