الواجهة الرئيسيةحواراتشؤون دولية

حسن عباس لـ”كيوبوست”: “لبيك باكستان” تتمدد وسط تخاذل الحكومة

كيوبوست

د.حسن عباس

في لقاءٍ مع موقع “كيوبوست”، تحدث د.حسن عباس؛ أستاذ العلاقات الدولية في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية، عن الضغوط التي تمارسها حركة “لبيك باكستان” المتطرفة، لطرد السفير الفرنسي، وفشل الحكومة الباكستانية في إدارة الأزمة معها.

 الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن العاصمة، وصاحب كتاب «وريث النبي: حياة علي بن أبي طالب» الصادر مؤخراً عن (مطبعة جامعة ييل، 2021)، أشاد بالدبلوماسية الإماراتية التي تعمل دائماً على تقريب وجهات النظر بين باكستان والجارة الهندية.. وإلى نص الحوار:

* كيف تنظر إلى تعامل الحكومة الباكستانية مع حركة “لبيك باكستان” في ضغوطها لطرد السفير الفرنسي من البلاد؟

– لقد أساءت إسلام آباد التصرف في تعاملها مع احتجاجات حركة “لبيك باكستان”؛ ما سمح للمنظمة بانتهاك القانون، وخرق النظام العام، وخلق سابقة سيئة. تعلمتِ الحركة كيف تبتز الحكومة مراراً وتكراراً بحجة الإساءة إلى الدين، وفشلت الحكومة في تعلم أي درسٍ من الأحداث السابقة. كانت العملية برمتها مدفوعة بعوامل سياسية، وهي تشتت انتباه الأمة عن قضايا مهمة أخرى.

ارتكبت حركة لبيك باكستان أعمال عنف في الشارع – وكالات

* ما برأيك الانعكاسات المحتملة لقرار البرلمان الباكستاني تأجيل النقاش حول قضية طرد السفير الفرنسي إلى أجل غير مسمى؟

– أعتقد أنه كان من المتوقع أن تتم المناقشة أولاً في لجنة برلمانية تضم ممثلين عن جميع الأحزاب الممثلة في الجمعية الوطنية؛ ولكن أحزاب المعارضة رفضت هذه المقاربة لفضح ضعف الحكومة. ربما تكون الحكومة قد أرادت بناء إجماع سياسي حول كيفية التعاطي مع القضية؛ ولكن علاقاتها السيئة مع أحزاب المعارضة كانت عقبة في سبيلها إلى ذلك، ولهذا السبب يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى أزمة أخرى في المستقبل.

طالبت حركة لبيك باكستان بطرد السفير الفرنسي- وكالات

* هل تعتقد أن التيار الديني المتشدد قد استفاد من تراجع الحكومة عن تنفيذ تعهداتها السابقة؟ وهل يميل الناخبون في باكستان إلى التصويت للحركة المتطرفة في الانتخابات المقبلة؟

– تصرفتِ الحكومة بارتباكٍ شديد؛ ففي البداية حاولت استرضاء حركة “لبيك باكستان”، ثم أخذت قراراً متطرفاً بإعلان الحركة منظمة إرهابية. في الواقع كانت التعهدات السابقة التي قطعتها الحكومة لحركة “لبيك باكستان” سيئة الصياغة. فطرد السفير الفرنسي كان سيتسبب في حرج دبلوماسي كبير للبلاد، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى حسن النيَّات على الصعيد الدولي. الباكستانيون لم يصوتوا للمجموعات الدينية المتطرفة في أي وقتٍ سابق، وأعتقد أنه من المستبعد أن يفعلوا ذلك في المستقبل؛ ولكن جماعات مثل “لبيك باكستان” يمكنها أن تؤثر على الرأي العام، وأن تعطل الحياة اليومية في البلاد.

اتهمت الحكومة الباكستانية بمهادنة الحركة المتطرفة – وكالات

* كيف سيؤثر التيار الديني على السياسة الخارجية لباكستان على المدى القريب والمتوسط؟

– فسحتِ الحكومة وحلفاؤها في المؤسسة السياسية المجالَ لحركة “لبيك باكستان”؛ بهدف الإضرار بالقاعدة الانتخابية لزعيم المعارضة الباكستانية نواز شريف، ولكن تبين لاحقاً أن هذا الأمر كان له تأثير عكسي أضر بصورة إسلام آباد، وخلق تعقيداتٍ لأهداف السياسة الخارجية لباكستان.

 اقرأ أيضاً: العلاقات الفرنسية- الباكستانية على صفيح ساخن

* قالت حكومة عمران خان إنها تتفق مع أهداف حركة “لبيك باكستان”، كيف تنظر إلى هذا الموقف؟

– هو يقول إن أية إساءة إلى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، هي أمر غير مقبول بالنسبة إليه؛ ولكنه يؤكد أنه لا يمكن استخدام العنف في سبيل درء هذه الإساءة. وهو في الآونة الأخيرة يدافع عن رغبته في إشراك دول إسلامية أخرى ثم التوجه نحو الأمم المتحدة لوضع معايير دولية بخصوص احترام الشخصيات الدينية. وأنا أرى في ذلك استراتيجية ذكية. ومع ذلك كان ينبغي له أن يبدأ بهذه المقاربة قبل السماح لحركة “لبيك باكستان” أن تصبح تهديداً.

تظاهر مئات الالاف من اعضاء الحركة في الشوارع- وكالات

* كيف سيؤثر صعود تأثير حركة “لبيك باكستان” على السياسة الخارجية؛ خصوصاً تجاه الهند والولايات المتحدة؟

– كما قُلت سابقاً؛ فقد شكلت حركة “لبيك باكستان” وضعاً محرجاً لباكستان على الصعيد الدولي، بالإضافة إلى تعقيد المشهد السياسي الداخلي. كان يجب أن يتم التعامل مع احتجاجات الحركة ومطالبها بشكل فعال في وقتٍ مبكر.

* تحاول الإمارات تهدئة الأجواء بين الهند وباكستان، كيف تنظر إلى هذه الجهود، وإلى أي مدى يمكنها أن تنجح؟

– إنها مبادرة رائعة، والإمارات تقف في موقع جيد لتسهيل التفاهم بين الهند وباكستان. تاريخياً، كانت باكستان تتطلع نحو الغرب؛ خصوصاً الولايات المتحدة، للتوسط في نزاعاتها مع الهند؛ ولكن الهند رفضت مثل هذه الجهود وشددت بدلاً من ذلك على المقاربات الثنائية. هذا بدوره لم يؤد إلى أية نتيجة. يمكن أن تساعد دبلوماسية الأبواب الخلفية المدعومة من طرف ثالث موثوق في مثل هذه النزاعات المستعصية. ويُحسب لسلطنة عمان أيضاً جهودها في سبيل السلم الإقليمي، ويجب أن يرحب الجميع بجهود الإمارات العربية المتحدة كصانع للسلام في المنطقة.

تحركت “لبيك باكستان” بدعوى الدفاع عن الدين- وكالات

* هل سيغير استخدام الدين كأداة لحشد التأييد السياسي من شكل الخريطة السياسية في باكستان؟ وما تأثير هذا الأمر على العنف الطائفي وتداعياته؟

– مع الأسف، فهذا ليس اتجاهاً جديداً في باكستان؛ فقد سعى العديد من الجماعات الدينية لتحقيق مثل هذه الأهداف في الماضي. كما استخدمت الديكتاتوريات العسكرية المجموعات الدينية في البلاد للتصدي للقوى السياسية الرئيسية. وأخيراً سمحت النزاعات الدينية والجغرافيا السياسية للجماعات الدينية؛ بما فيها المجموعات المتطرفة، بلعب دور أكبر في المجتمع بمرور الوقت. وكانت الطائفية منتجاً جانبياً لهذه التطورات. يجب على باكستان أن تعكس هذه الاتجاهات من أجل مستقبل يتمتع بالسلام والازدهار والديمقراطية.

* ما تأثير التطرف الديني على السياسة العسكرية في باكستان؟

– تم استخدام الجماعات الدينية المتطرفة في الماضي كامتدادٍ لسياسة باكستان الأمنية. وهذا الأمر أدى إلى تمكين العديد من الجماعات المتطرفة في البلاد، وتبين أن هذه السياسة كانت مدمرة بالنسبة إلى باكستان.

تسود حالة قلق من ردود الفعل بعد رضوخ الحكومة لمطالب الحركة- وكالات

* برأيك، كيف تنظر واشنطن إلى الأحداث الأخيرة في باكستان؟

– تشعر واشنطن بالقلق تجاه قضايا الحرية الدينية في باكستان، وهي تراقب عن كثب كيفية معالجة أزمة حركة “لبيك باكستان”. والعلاقات الباكستانية- الأمريكية في الوقت الحاضر ليست قوية، كما كانت في السابق؛ ولكن بالنظر إلى وضع باكستان كدولة نووية، فإن الولايات المتحدة قلقة بشأن استقرارها وأمنها الداخلي. ويشكل دعم باكستان للاتفاق بين الولايات المتحدة و”طالبان” عاملاً آخر على قدر من الأهمية هنا.

اقرأ أيضاً: باكستان.. حزب إسلامي يجبر الحكومة على مقاطعة فرنسا

* ما تأثير التطورات الأخيرة على علاقات باكستان مع الدول الأوروبية؟

– لقد أثار سوء إدارة باكستان لمسألة حركة “لبيك باكستان” قلق الدول الأوروبية بكل تأكيد، ومع ذلك تتمتع باكستان بعلاقاتٍ تجارية وعسكرية وثيقة مع العديد من هذه الدول، وهذا سببٌ إضافي لإسلام آباد كي تتبع استراتيجية دبلوماسية أكثر ذكاءً من تلك التي تتبعها حالياً.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة