الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
دلالات عودة السفير الإماراتي إلى طهران
عقب 6 سنوات من خفض التمثيل الدبلوماسي بين الإمارات وإيران.. اختارت أبوظبي الإبقاء على أبواب الحوار مفتوحة

كيوبوست
تستعد الإمارات لإعادة سفيرها سيف محمد الزعابي؛ لتأدية مهام عمله كسفير للدولة لدى طهران، خلال الأيام المقبلة، حسب ما أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في خطوة تأتي بعد أسابيع قليلة من اتفاق وزيرَي خارجية البلدَين، الشهر الماضي، على رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير.
وكانت الإمارات قد سحبت سفيرها من طهران عام 2016 مع عدد من دول الخليج، على خلفية الاعتداءات التي قام بها متظاهرون على السفارة والقنصلية السعوديتَين، في أعقاب تنفيذ المملكة حكم الإعدام برجل الدين الشيعي نمر النمر، بين مجموعة من الشخصيات المُدانة بأحكام قضائية على خلفية جرائم إرهابية.
الإمارات لم تقطع علاقتها مع إيران طوال الفترة الماضية؛ ولكنها خفضت من مستوى التمثيل؛ لإيمانها بإبقاء الحدود الدنيا من الاتصالات، حسب مدير مركز دبي لبحوث السياسات العامة محمد بهارون، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن عودة السفير الإماراتي إلى طهران تأتي بعد عودة السفير الكويتي، وفي أعقاب الإعلان الإيراني عن قرب عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية؛ كتتويج للحوار الأمني المباشر بين السعودية وإيران في بغداد، وعودة البعثة الدبلوماسية الإيرانية لمنظمة التعاون الإسلامي بجدة.
اقرأ أيضًا: زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي إلى طهران… خطوة أولى يُنتظر ما بعدها

مبادئ الخمسين
لفهم موقف دولة الإمارات تجاه عودة سفيرها إلى إيران علينا أن نرجع إلى منطلقَين: الأول هو إعلان المبادئ العشرة للخمسين عاماً القادمة لدولة الإمارات، وبالتحديد المبدأ الخامس الذي ينص على أن حُسن الجوار أساس الاستقرار، والمبدأ العاشر بأن الحوار والمفاوضات هما أساس السياسة الخارجية لدولة الإمارات، حسب الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي محمد خلفان الصوافي، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن الإمارات حددت نهجها في التعامل مع جوارها الإقليمي في أثناء الأزمات والخلافات.
وأضاف أن المنطلق الثاني هو الزيارة التي قام بها مستشار الأمن الوطني لدولة الإمارات، طحنون بن زايد آل نهيان، إلى طهران في ديسمبر الماضي؛ أي بعد إعلان مبادئها بشهرَين تقريباً، ما يعني أن أبوظبي اتبعت مبادئها المعلنة بخطوة عملية في مجال “مبدأ حسن النية” والرغبة في تصفير الخلافات.

تعد الإمارات بوابة مهمة لتجارة إيران الخارجية للخارج، حسب الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض محمود حمدي أبو القاسم، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إنه على الرغم من توتر العلاقات بين البلدَين على خلفية التهديدات التي تمثلها إيران لدول الخليج، فضلاً عن الخلافات الحدودية حول الجزر الثلاث في الخليج العربي مع الإمارات؛ فإن لدى البلدَين ارتباطات اقتصادية عميقة.

وأضاف أن الإمارات بوابة مهمة لطهران في تجارتها مع العالم، وهذه العلاقات على المستوى الاقتصادي مهمة في دعم الاقتصاد للطرفَين؛ حيث ظل هذا العامل مهماً في تخفيف وطأة التوتر، مؤكداً أن مراجعة طهران بعض مواقفها الإقليمية والرغبة الإيرانية في فتح حوار مع دول الخليج من أجل تهدئة التوتر، وامتصاص حالة الغضب الخليجي وتهيئة الأجواء من أجل تخفيف حدة المواجهة وتمهيد الطريق للتفاهمات حول إحياء الاتفاق النووي، قد فتحت الطريق نحو الحوار البناء.
اقرأ أيضًا: ماذا لو فشلت محادثات الاتفاق النووي مع إيران؟
حوار وتهدئة
يؤكد محمد بهارون أنه في أحلك الأوقات وأصعبها، كانت العلاقات المبنية على المصلحة العليا لأمن المنطقة واستقرارها هي أحد المرتكزات الأساسية لسياسات الإمارات المحلية والخارجية، مشيراً إلى أن التعاون بين البلدَين لن يكون على المستوى التجاري فقط؛ خصوصاً أن الإمارات ملتزمة بالعقوبات الموقعة على إيران حتى الآن.
يقول الصوافي إن الكويت أعادت فتح سفارتها بطهران، واليوم الإمارات؛ مما يشير إلى أن التوجه نحو الانفتاح على إيران هو توجه خليجي بالكامل، إذ إن هناك مفاوضات سعودية-إيرانية، والتفاهم بين البلدَين قد يصل إلى إعادة السفراء، متوقعاً أن نكون أمام مرحلة جديدة من العلاقات الخليجية- الإيرانية، تغلب عليها لغة التفاهم الإقليمي بعيداً عن حسابات الدول الكبرى وصراعاتها على مناطق نفوذ في العالم.
اقرأ أيضًا: سياسة الإمارات الخارجية.. الحوار هو الحل

يتفق مع هذا الرأي محمود حمدي أبو القاسم، الذي يرى أن مسار التهدئة المتبع لدى الأطراف كافة، يمهد الطريق نحو عودة العلاقات الدبلوماسية؛ لكن يبقى موقف طهران في المرحلة المقبلة والتي من المتوقع أن يعاد فيها إحياء الاتفاق النووي، هو المحدد الرئيسي لاستمرار التحسن في العلاقات وتحقيق توافق على تحقيق الاستقرار الإقليمي، معتبراً أن احترام إيران لروح الاتفاقيات والتزامها بعدم التدخل في شؤون الدول، وعدم نشر الفوضى في المنطقة وتهديد أمن دول الخليج، سوف تساعد في تحقيق مزيد من التقدم، ومن ثَمَّ دمج إيران.
وأكد أنه إذا اتخذت إيران من العودة إلى الاتفاق النووي والإفراج عن أصولها المجمدة وحصولها على عوائد ضخمة من مبيعات النفط، خطواتها في استكمال مشروعها الإقليمي؛ فإن المواجهة ستعود إلى الواجهة وسوف تتأزم العلاقات؛ لأن سلوك إيران على هذا النحو يهدد أمن واستقرار دول الخليج، مرجحاً تفهم الأطراف المختلفة الخطوط الحمراء للآخر؛ الأمر الذي يخلق فرصة مناسبة لدفع التعاون الإقليمي بديلاً عن المواجهة، لا سيما في ظل المتغيرات الدولية الراهنة وحالة عدم اليقين السائدة.

يشدد الصوافي على أن المنطقة كلها تشهد رغبة في تهدئة الملفات الساخنة وتبريدها، والكل في الإقليم يعمل بهذا الاتجاه، بما فيه إيران نفسها، وبالتالي ستصب هذه الخطوة الإماراتية نحو تعزيز هذه الرغبة بما يخدم استقرار المنطقة ويدفع نحو التعاون المشترك، مؤكداً أن هذه الخطوة تنطلق أهميتها بأنها تأكيد أن الحوار مهما كان بطيئاً ومتعباً؛ إلا أنه يبقى الخيار الأفضل من الحرب أو الاحتقان السياسي.. صحيح أن هناك خلافات مع إيران؛ ولكن يمكننا حلها والتفاهم معها.
يختتم بهارون حديثه بتأكيد عدم اعتقاده بأن عودة السفير الإماراتي إلى طهران لها علاقة بالاتفاق النووي الذي قد يحدث أو لا يحدث؛ ولكن الأمر مرتبط بالسعي لتجنيب المنطقة آثار سياسات استقطاب قد تكون مدمرة، وترسخ مبادئ التعاون الإقليمي المبني على المصالح الوطنية والتعاون الدولي في الملفات العالمية الكبرى؛ مثل أمن الطاقة والتغير المناخي، وأمن الغذاء والمياه، والاستجابة للطوارئ والأزمات الصحية.