الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

دعم تركيا ميليشيات السراج يهدد بتدويل المعركة العسكرية في ليبيا

تضمن إعلان القاهرة مقترحات للتسوية السياسية مع وقف لإطلاق النار خلال ساعات.. مما يعطي أملاً في عودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات السياسية ووقف العمليات العسكرية

كيوبوست

أطلق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مبادرة لإنهاء الأزمة الليبية، تقوم على وقف إطلاق النار اعتباراً من الاثنين 8 يونيو، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، بجانب استكمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 في جنيف، مع ضمان تمثيل عادل لكل أقاليم ليبيا الثلاثة في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

السيسي مستقبلاً حفتر وصالح في القاهرة – وكالة الأنباء الألمانية

وكانت المعركة العسكرية في ليبيا بين حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، المسيطر على العاصمة طرابلس بدعم من ميليشيات إرهابية مسلحة، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، قد شهدت تصعيداً جديداً واستثنائياً خلال الأيام الماضية، على خلفية وصول الدعم العسكري التركي للسراج، في محاولة لتحقيق تقدم عسكري يساعده على تحسين موقفه في أي مفاوضات سياسية مرتقبة.

اقرأ أيضًا: التهديد العثماني الجديد في “المتوسط” وشهية السلطان أردوغان للنفوذ

أسباب التصعيد العسكري في ليبيا

استغلال تركيا للأزمة: استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أزمة فيروس كورونا وانشغال دول العالم بالتعامل مع الوباء الفيروسي؛ ليدفع بالآلاف من المسلحين، وينقلهم جواً وبحراً إلى تركيا، لمساعدة الميليشيات الإرهابية الداعمة لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، والتي استغلت بدورها الهدنة المتفق عليها وفق مخرجات مؤتمر برلين؛ من أجل إعادة تجهيز نفسها للقتال في مواجهة الجيش الوطني الليبي، بعد أن التزم هذا الأخير ولعدة أسابيع بعدم التقدم عسكرياً، مكتفياً بالرد على الخروقات التي تستهدف قواته.

أردوغان مستقبلاً السراج في أنقرة – وكالة الأنباء الألمانية

واعترفت تركيا بدعم حكومة الوفاق عسكرياً، وفق الاتفاقيات الموقعة بين أردوغان والسراج، نهاية العام الماضي؛ حيث قامت تركيا بإرسال أكبر أعداد وكميات من المقاتلين والأسلحة في فترة زمنية قصيرة؛ وهو ما ظهر بوضوح في تزايد رصد الجيش الوطني الليبي للسفن التركية الحاملة للأسلحة والمقاتلين، بجانب الرحلات الجوية التي تخرج من المطارات التركية باتجاه الأراضي الليبية.

محاولة الجيش حماية المدنيين: يحاول الجيش الوطني الليبي حماية المدنيين خلال المعارك الدائرة مع الميليشيات الإرهابية؛ وهي المحاولات التي تجعله يفضل الاشتباك على أطراف المدن وليس بداخلها، على العكس من الميليشيات التي تفضل الاحتماء بالمدنيين ومساكنهم؛ لمواجهة قوات الجيش.

اقرأ أيضاً: مع استمرار تدفق السلاح التركي.. “الوفاق” الليبية تعترض على مهمة الاتحاد الأوروبي

وعلى الرغم من أن الجيش الوطني الليبي كان قاب قوسين أو أدنى من إحكام السيطرة الكاملة على طرابلس أكثر من مرة منذ انطلاق معركة تحرير المدينة في أبريل 2019؛ فإن دخول الميليشيات إلى مناطق المدنيين من أجل القتال فيها دفع الجيش الليبي إلى استغراق وقت أطول لحماية المدنيين، حيث تم استخدامهم كدروع واقية من قبل الميليشيات الإرهابية.

وحسب اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، فإن القوات لم تقاتل منذ عام 2014 في أية منطقة سكنية مأهولة؛ وهو ما دفع الجيش إلى الانسحاب، أمس، من مدينة ترهونة وإعادة التمركز في منطقة آمنة على أطرافها؛ لكن في المقابل شهدت المدينة بعد انسحاب الجيش عمليات نهب وسرقة وتعدٍّ على أملاك المواطنين.

اقرأ أيضاً: أردوغان يواصل مغامرته “المتهورة” في ليبيا

غياب الردع الدولي للانتهاكات: على الرغم من تمديد مجلس الأمن الدولي بالإجماع، أمس، قراراً يسمح بتفتيش السفن التي يشتبه في انتهاكها حظر الأسلحة المفروضة على ليبيا منذ عام 2011، والاتفاق بين القادة المشاركين في مؤتمر برلين بمَن فيهم الرئيس التركي، على الالتزام بالحظر؛ فإن استمرار وصول الأسلحة من تركيا عكس بشكل واضح غياب الردع الدولي للانتهاكات التركية.

وحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، فإن إحجام الغرب عن القيام بدور واضح وحاسم في ليبيا أفسح المجال للتدخل التركي، وما تضمنه من نصب منظومات دفاع جوي وإمداد ميليشيات الوفاق بمئات الطائرات المسيرة؛ لتتحول ليبيا إلى أرض مليئة بالمسلحين السوريين الذين جلبهم نظام أردوغان لمواجهة الجيش الوطني، ودعم حكومة ضعيفة لا تسيطر على غالبية الأراضي الليبية، ولديها ارتباط مع تنظيمات إرهابية؛ مثل “القاعدة” و”داعش”، فضلاً عن علاقاتها المؤكدة مع جماعة الإخوان المسلمين.

وفي الوقت الذي قام فيه قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، بزيارة القاهرة، وطلب دعم عسكري لمواجهة القوات التركية المعتدية على الأراضي الليبية، حسب ما ذكرت قناة “العربية”، قامت عدة دول أوروبية؛ في مقدمتها فرنسا وألمانيا، بالتحرك سريعاً بعد تصاعد الاشتباكات العسكرية لتأكيد المسار السياسي، باعتباره الحل الوحيد لإنهاء المواجهات العسكرية مع إمكانية المساعدة في هذا المسار، بينما يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التنسيق مع عدد من دول الجوار الليبي؛ في مقدمتها مصر والجزائر وتونس.

صورة تذكارية للقادة المشاركين في مؤتمر برلين – وكالات

الخلاصة

يعكس إعلان رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، إحكام سيطرته على العاصمة طرابلس من تركيا، وليس من العاصمة الليبية، الدور التركي الواضح في المعركة العسكرية، والتي يجري العمل على الإسراع في جني ثمارها على الأرض؛ لتعويض التقدم الملحوظ الذي حققه الجيش الليبي خلال الشهور الماضية، واستخدامها كورقة ضغط سياسية في أي مفاوضات سياسية يتم البدء فيها خلال الفترة المقبلة.

ومن ثمَّ يمكن التأكيد أن التدخل التركي المباشر في تعزيز المواجهات العسكرية المسلحة بين الفرقاء الليبيين، والانحياز لصالح حكومة السراج، ودعمها عسكرياً ومالياً، أسهم بشكل رئيسي في تعطيل الحل السياسي الذي يواجه صعوبات بالأساس نتيجة خلافات بين الأطراف الفاعلة في المعادلة السياسية، وأصبح يهدد بتحويل ليبيا إلى ساحة معركة عسكرية دولياً، حال اتخاذ أيٍّ من الدول الفاعلة إقليمياً ودولياً قرارًا بدعمٍ عسكري معلن لقوات الجيش الوطني الليبي.

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة