دراسة جديدة: تفكير الناس يختلف باختلاف أوقات اليوم

ترجمة كيو بوست –

المصدر: مجلة سايكولوجي توديه الأمريكية، بقلم الباحث المؤلف كريستوفر بيرغلاند

يكشف تحليل هائل لـ800 مليون تغريدة، تحتوي على أكثر من 7 مليارات كلمة، عن اتجاهات عالمية في تقلب أنماط التفكير على مدار كل دورة يومية مدتها 24 ساعة. جاء هذا في دراسة حديثة تحت عنوان “الاختلافات اليومية للمؤشرات النفسية في محتوى تويتر”، جرى نشرها في مجلة “بلوس ون” العلمية.

في هذه الدراسة الرائدة، استخدم باحثون من جامعة بريستول الذكاء الاصطناعي لتتبع استخدامٍ محددٍ للكلمات على تويتر، جرى تطبيقه على عينة كبيرة خلال دورات يومية متعددة على مدار 24 ساعة، ولمدة أربع سنوات. وبالطبع، تم استبعاد التغريدات المرسلة خلال المناسبات والعطلات الكبرى، مثل عيد الميلاد ورأس السنة وعيد الحب، وما إلى ذلك، لأنها مخصصة حسب طبيعة كل مناسبة.

جرى تصنيف “استخدام الكلمات” على مدار اليوم والعام، على أساس 73 مؤشرًا نفسيًا. وقام الباحثون بالتدقيق في محتوى تويتر خلال أوقات محددة من اليوم، بحثًا عن قواسم مشتركة في تلك المحتويات.

طاقة صباحية

وجد الباحثون أن المستخدمين يبدأون الكتابة على تويتر ما بين الساعة الخامسة والسادسة صباحًا. في هذا التوقيت، لوحظ أن لغة التغريد مرتبطة بالحيوية (مثل الطموح والقوة والإنجاز)، فضلًا عن الاهتمامات الشخصية. وجد التحليل أن التغريدات في ساعات الصباح الباكر تحتوي على كلمات ترتبط بطريقة تفكير ذات بعد تحليلي ومنطقي، أكثر من غيرها من الأوقات.

وعلى الطرف المقابل من المؤشر النفسي، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يستخدمون تويتر في الساعات الأولى من الصباح (3 – 4 صباحًا، على سبيل المثال) يميلون إلى استخدام لغة ترتبط بطريقة تفكير ذات بعد عاطفي ووجودي واندفاعي. ومن المثير للاهتمام أن التغريدات في هذا التوقيت تتداخل مع التعبير عن المشاعر الإيجابية.

قاد هذا البحث أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة بريستول، نيلو كريستيانيني، وقال: “يمكن لتحليل محتوى الوسائط أن يكشف عن معلومات مفيدة جدًا لكل من العلوم الاجتماعية والبيولوجية. ما زلنا نحاول تعلّم كيفية تحقيق أقصى استفادة منها”.

وبرغم أن الباحثين استخدموا أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، إلا أن الفرد العادي يستطيع مراقبة حسابات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يومي، بمن فيهم المشاهير والسياسيون وأي شخص آخر على تويتر، ويستطيع ببساطة بدء التنبؤ بكيفية تأثير التوقيت على محتويات تويتر. على سبيل المثال، يمكنكم مراقبة حساب دونالد ترامب على تويتر، وستلاحظون أن تغريداته في الصباح الباكر تعكس “دوافع واهتمامات شخصية”، أو تصبح لغته أكثر “اندفاعية وعاطفية”، اعتمادًا على توقيت التغريد، سواء في الساعة الثالثة صباحًا أو بعد السادسة صباحًا.

شروق الشمس

معظمنا يعرف أن أنماط تفكيرنا واستخدامنا للغة تتقلب على مدار اليوم، من خلال التجربة المباشرة. فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، اكتشفت من خلال التجربة والخطأ أن أفضل توقيت للقيام بأي نوع من التفكير التحليلي يبدأ عند شروق الشمس، وينتهي عند الظهيرة. على سبيل المثال، بدأت بكتابة هذه المقالة حوالي الساعة 5:30 صباحًا، وشعرت بتركيز تحليلي في ذاك التوقيت، لكن الشمس الآن منخفضة في الأفق، وأحاول بصعوبة ربط النقاط بطريقة مفيدة. وللمزيد من التوضيح، إن كتابة مقالة ذات محتوى رائع في الأوقات المسائية يتطلب وقتًا مضاعفًا مقارنة بالأوقات الصباحية.

وفي مقابلة مع مجلة “باريس ريفيو” حول فن الرواية، يؤكد كورماك مكارثي على وجود صلة مباشرة بين الوقت من اليوم وعمليات التفكير والكلمات المكتوبة. وردًا على سؤال “في أي وقت من اليوم تكتب؟”، فأجاب بالقول “أستيقظ في السادسة صباحًا، وأعمل في الصباح، كل صباح، طيلة أيام الأسبوع”.

لماذا نميل إلى التفكير التحليلي في الصباح الباكر؟

برغم أن هذه الدراسة تظهر أن حالاتنا المعرفية والعاطفية تميل إلى الانحسار والتدفق على أساس دورة 24 ساعة، إلا أن السبب الدقيق لهذه التغيرات لا يزال مطروحًا للنقاش. ويبدو أن التغيرات في أنماط تفكيرنا ما بين ساعة وساعة يرتبط بتذبذب الهرمونات والنشاط العصبي المرتبط بدورات النوم والاستيقاظ والإيقاع اليومي.

المصدر: مجلة سايكولوجي توديه الأمريكية

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات