تكنولوجياثقافة ومعرفة
دراسات حديثة: وسائل التواصل الاجتماعي تقدم “ديمقراطية عفنة”
كيف تساهم وسائل التواصل في ترويج الأفكار المغلوطة؟

ترجمة كيو بوست –
وفق دراسة حديثة، إن وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت تعرف من قبل بأنها ديمقراطية للغاية، باتت أداة من أدوات السلطات القمعية في بعض البلدان حول العالم، من خلال خدمتها لاحتياجات السلطويين وترويجها لسياساتهم.
لاحظ المراقبون أن دولًا مثل الصين وروسيا نجحت في التلاعب بهذه المنصات، وحولتها إلى أداة من أدوات تهميش المعارضين المحليين وزعزعة استقرار الديمقراطيات في الخارج.
لكن ما لم يسلط عليه الأضواء كثيرًا هو كيف تستفيد الجهات السلطوية من وسائل التواصل الحديثة.
اقرأ أيضًا: 7 وصايا للتضليل الإعلامي: نيويورك تايمز تفضح أساليب الكرملين في السيطرة على العقول
نشر الأكاذيب
يمكن للسلطويين أن يقوموا بنشر الإشاعات التي تهدف إلى تشويه صورة خصومهم عبر وسائل التواصل، أو إثارة الذعر بين الأقليات في البلاد بهدف منعهم من المطالبة بحقوقهم. وقد أثبتت الانتخابات الأمريكية عام 2016 والبرازيلية عام 2018 أن وسائل الإعلام الاجتماعية هي أداة مثالية لمثل هذا النشاط.
من السهل نشر المعلومات المضللة عبر هذه الوسائط، بدلًا من تصحيحها، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث الانقسامات الاجتماعية.
كيف يستغل المتطرفون هذه الوسائل؟
قبل 10 سنوات، كانت وسائل التواصل توفر مجالًا للديمقراطية وحرية الرأي، فمثلًا عندما ثار الإيرانيون عام 2009 على تزوير الانتخابات في بلادهم نشروا مقاطع فيديو وصورًا ساهمت في إيصال رسائلهم إلى العالم. كما ساهمت هذه الوسائط بشكل كبير في الإطاحة بأنظمة عربية منذ 2011.
في ذلك الوقت، كان الاعتقاد السائد أن هذه الوسائط توفر الديمقراطية، لأنها تسمح للمواطنين بالالتفاف حول الرقابة الحكومية بسهولة؛ إذ تسمح وسائل التواصل الاجتماعي بالاتصال السريع بين مجموعات كبيرة من الأشخاص، مما يمنح أدوات جديدة لتنظيم الأحداث على الأرض، وبالتالي إضعاف الأنظمة الاستبدادية.
وقد تبين أن هذه النظرية صحيحة جزئيًا؛ فبالرغم من صعوبة كبح انتشار المعلومات، إلا أن ذلك ينطبق على المعلومات المضللة، التي يمكن لها أن تنتشر بسرعة تحت حجج الديمقراطية عبر هذه الوسائل.
اقرأ أيضًا: لماذا تجعلنا وسائل التواصل الاجتماعي أكثر غضبًا وتطرفًا؟
لا يحتاج الحزب السياسي اليوم إلى تبرير أخطائه، ولكن يمكنه أن يقوم بحملة تضليل للمعلومات حول أخطائه، وبالتالي دفع المواطنين العاديين إلى تصديق المعلومات الخاطئة.
تقول الدراسة: “إن تسونامي المعلومات يخلق بيئة مثالية لانتشار الأكاذيب، وهكذا تضيع الحقيقة. قد لا يكون لدى الكثيرين الأدوات اللازمة لتتبع المعلومات أو الوقت الكافي لفعل ذلك، وهكذا تتحول الأكاذيب إلى حقائق في الوعي الجماعي”.
لا يقتصر الأمر على الدول الاستبدادية
تستخدم الكثير من الدول هذه الطريقة في محاولة لإقناع الشعوب بأفكارها، حتى لو كانت متطرفة. في كثير من الأحيان، يكذب المسؤولون، ويفند الإعلام رواياتهم، لكن في بعض الدول لا تحظى وسائل الإعلام بحرية كافية لتفنيد مزاعم المسؤولين.
يحدث ذلك في كثير من دول العالم بدرجات مختلفة، لكن العامل المشترك هو استخدام السلطات لوسائل التواصل الاجتماعي كأداة في إرسال كميات كبيرة من البيانات الكاذبة، بهدف التضليل.
اقرأ أيضًا: ما العلاقة بين الصحافة والأيديولوجيا؟ ولماذا علينا أن نحذر في تعاملنا مع الإعلام؟
ورغم أن تحدي الديمقراطية في الدول المختلفة لا علاقة له بوسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الأخيرة دفعت إلى تعقيد مشكلة الديمقراطية، وإلى زيادة العنف في الأنظمة الاستبدادية. وحتى داخل الدول الديمقراطية، لعبت أحيانًا وسائل التواصل دورًا في استخدام بعض الأدوات الاستبدادية.
السيطرة
توصلت دراسة حديثة صادرة عن جامعة أوكسفورد إلى أن وسائل التواصل تحولت من أداة للتراسل إلى أداة حاسوبية للسيطرة الاجتماعية، يتلاعب بها السياسيون في الأنظمة الديمقراطية والاستبدادية على حد سواء.
اقرأ أيضًا: كيف أحلل الخطاب الإعلامي أو السياسي؟ كيوبوست تقدم لك التقنيات
تخدم الوسائل السياسيين من خلال مساعدتهم على إثارة الانقسامات الاجتماعية، وتشويه صورة الأقليات والأحزاب المنافسة. كما توصلت الدراسة إلى أن من السهل نشر معلومات تهاجم الآخرين وتشوه صورهم، ولكن من الصعب جدًا أن تستخدم منصات التواصل من أجل تحسين صورة هذه الأطراف لدى الجمهور.
المصدر: فوكس