الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
دخول إرهابي دون جواز سفر.. أهكذا يعود المتطرفون إلى تونس؟
الحادثة أثارت حفيظة التونسيين وأججت التساؤلات بشأن أعداد الإرهابيين الذين عبروا بهذه الطريقة ومدى تورط حركة النهضة

تونس- فاطمة بدري
أقالت السلطات التونسية، منذ أيام قليلة، خمسة مسؤولين أمنيين بوزارة الداخلية، على خلفية السماح بدخول إرهابي مصنف خطيراً، دون جواز سفر، إلى الأراضي التونسية عبر مطار تونس قرطاج، قادماً من تركيا، دون اتخاذ الإجراءات الإدارية والأمنية المعمول بها. حادثة أثارت حفيظة التونسيين واستنكارهم، وأججت التساؤلات بشأن أعداد الإرهابيين الذين عبروا بهذه الطريقة، ومدى تورط حركة النهضة؛ باعتبارها المتورط الرئيسي في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر.
وشملت الإقالات رئيسَ محافظة مطار تونس قرطاج، ورئيس مصلحة الاستعلامات، ورئيس مصلحة الإرهاب، ورئيس مصلحة الإرشاد، ورئيس مصلحة الإجراءات الحدودية.
وتم ترحيل الإرهابي جمال الريحاني من تركيا؛ حيث كان يقضي عقوبة السجن لمدة ست سنوات، على خلفية انتمائه إلى تنظيم داعش، وارتكابه جرائم ضد الإنسانية. ثم أوقف من طرف دورية أمنية، الجمعة 18 يونيو، وأُحيل إلى إحدى المصالح الخاصة؛ لإخضاعه إلى جملة من التحقيقات. وهناك تبين أن الإرهابي قد دخل إلى الأراضي التونسية دون جواز سفر أو الخضوع لأي إجراء لدى وصوله إلى المطار. هذا فضلاً عن صدور عدة منشورات تفتيش في شأنه، ومعرفة السلطات التونسية مسبقاً بترحيله على متن الخطوط التركية، عبر رخصة عبور صادرة عن سفارة تونس بإسطنبول، وموعد قدومه.
اقرأ أيضًا: عودة المتطرفين واقع يرهب التونسيين.. فكيف سيتم التعامل معهم؟
جدل واسع
وفاجأت الحادثة التونسيين وأججت الجدل مجدداً حول كيفية دخول الإرهابيين إلى الأراضي التونسية، وعما إذا كانت هناك عناصر أخرى قد عبرت براً أو جواً بهذه الطريقة. وذهبت أصابع الاتهام الشعبية مباشرة إلى حركة النهضة الإسلامية؛ باعتبارها الطرف السياسي الأكثر ارتباطاً بالمتطرفين وتسفيرهم إلى بؤر التوتر ودفاع قياداتها عنهم في مناسبات عدة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تذهب فيها أصابع الاتهام إلى الإسلاميين في تونس في التغطية على عناصر إرهابية؛ فقد كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عن اختراق الجهاز السري لحركة النهضة وزارةَ الداخلية في تونس.

الهيئة صرحت منذ فترة قائلةً: من خلال عملنا على ملف الجهاز السري لحركة النهضة، والذي تأسس من أجل بناء ذراع أمنية للتنظيم، فإنه وبعد فرز وثائق الغرفة السوداء، التي حجزت عند مصطفى خضر المسؤول التابع لحركة النهضة، تم الكشف عن وجود وثيقة مكتوبة بخط اليد تضمنت انتداب وتأهيل 1000 عنصر للحماية و500 للأمن، على أن يكون 70 في المئة منهم من الشباب، إلى جانب وجود ورشة تقنية تقوم بإدارة 4 أجهزة تنصت على بعض الشخصيات والأمنيين، وفي وثائق أخرى أثبتت إنشاء شبكة علاقات مع 50 إطاراً داخل الأجهزة الأمنية واختراقات وإعداد استمارات لهويات أشخاص يمارسون رياضات قتالية ورصد لمنازل وسيارات بعضها تابعة لرئاسة الحكومة.
اقرأ أيضًا: إسلاميو تونس يهاجمون أكاديمياً طالب بتقنين بناء المساجد!
كما أنه وبعد الثورة مباشرة شهدت وزارة الداخلية حركة تعيينات وترقيات بدأت بدخول علي لعريض إلى وزارة الداخلية. وحسب تحقيق استقصائي أنجز في سنة 2013، فقد جمعت حركة النهضة في هذه الفترة بعض الموالين لها في مختلف أجهزة وزارة الداخلية، مدعومين بعدة أسماء من خارج المؤسسة، تم تعيينهم في ديوان الوزير بالصفة المبهمة “مكلف بمهمة”. وهؤلاء العناصر ينسقون بينهم ويرفعون التقارير رأساً إلى “مونبليزير” (المقر الرئيسي لحركة النهضة في تونس العاصمة)، مشكلين بذلك هيكلاً أمنياً غير رسمي ولا ينضوي تحت لواء الوزارة وتراتيبها.
ويُطلق إطارات وزارة الداخلية على هذا الجهاز الموازي عدداً من الأسماء؛ مثل “المنظومة النهضوية” و”خلية مونبليزير” و”المنظومة الإيرانية”. بعض هذه العناصر حافظ على موقعه، ومنه ينسق العمل مع المنظومة الموازية، والبعض الآخر تمت ترقيته بسرعة لاحتلال مناصب أمنية عليا.

اختراق الأجهزة الأمنية
وعلى مدار السنوات اللاحقة، نجحت الحركة في اختراق وزارة الداخلية؛ لا سيما في ظل نجاحها في استقطاب الأغلب من رؤساء الحكومات، وبالتالي تحريكها دواليب الأمور؛ وإن كان من وراء ستار.
الصحفي والمحلل السياسي بلحسن اليحياوي، أكد أن الحادثة تعكس بوضوح التعاطي الرسمي التونسي المهزوز والمنقوص وغير الجدي مع موضوع العائدين من بؤر التوتر، مشدداً على أن وزارة الداخلية اكتفت دائماً بالقول إن الإرهابيين العائدين محل متابعة أمنية، والحال أن هناك ثغرات في جهاز أمن الحدود لا يجري الالتفات إليها، في ظل الانشغال الأمني بالأحداث الداخلية؛ خصوصاً مع تتالي الاحتجاجات في أغلب مدن البلاد.
اقرأ أيضاً: منظمات تونسية تحذر من “الزحف الداعشي” داخل المدارس

وقال اليحياوي لـ”كيوبوست”: “لقد أصبحت تونس محطة عبور للعائدين من بؤر التوتر في السنوات الأخيرة، وهناك قيادات إرهابية كانت محل متاجرة كبرى؛ وهذا ما يجعلني أجزم بأن حادثة عودة الإرهابي جمال الريحاني، ليست الأولى من نوعها؛ وإنما هناك العديد من العناصر المتطرفة التي عادت عبر المطار بطرق مماثلة أو على الأقل دون مضايقة”.
وأضاف: “ولا يذهب الظن بالتونسيين بأن الكشف عن الحادثة يتنزل في سياق التتبع والجدية في التعاطي مع هذا الملف الخطير أو أن هناك استراتيجية جديدة ستبدأ لهذا الغرض؛ كل ما في الأمر أن ما حدث مؤخراً تم الكشف عنه عمداً، بهدف معاقبة المسؤولين الخمسة بمطار تونس قرطاج الدولي، على خلفية منعهم امرأة محل تتبعات أمنية لأسباب إرهابية من السفر إلى تركيا لتلتقي زوجها الإرهابي هناك، رغم تدخل أعضاء ائتلاف الكرامة (الجناح المتطرف لحركة النهضة) على عين المكان، وتمسكهم بتسفير المرأة؛ ولكن عناصر الأمن بالمطار حالوا دون ذلك”.