الواجهة الرئيسيةترجماتدراساتشؤون دولية
دانييل كولر: برامج مكافحة التطرف الخالية من المعايير تزيد مخاطر التطرف
مقابلة مع دانييل كولر من المعهد الألماني لدراسات التطرف ونزع التطرف

ترجمة كيو بوست عن مجلة “عين أوروبية على التطرف”، بقلم ساره بروزوزكيويتش
دانييل كولر هو مدير المعهد الألماني لدراسات التطرف ونزع التطرف (GIRDS)، المؤسس المشارك لمجلة نزع التطرف (Journal for Deradicalization)، التي أنشأها إلى جانب المعهد الألماني المذكور.
عمل كولر في مجال مكافحة التطرف والإرشاد الأسري في عدد من البرامج، وطور العديد من المناهج المنظمة لمكافحة التطرف، خصوصًا برامج الإرشاد الأسري حول العالم.
سؤال: ما هي الأنشطة الرئيسة في المعهد الألماني لدراسات التطرف ونزع التطرف؟

كولر: إن المعهد الألماني لدراسات التطرف ونزع التطرف غير حزبي، وغير ربحي، يضم شبكة من الخبراء الأكاديميين والعاملين في مجال مكافحة التطرف العنيف، ونزع التطرف، وإعادة التأهيل والإصلاح والدمج للمتطرفين والإرهابيين.
اقرأ أيضًا: جون هورغان: برامج مكافحة التطرف الخالية من التقييم عديمة القيمة
يركز اثنان من مشاريعنا الرئيسة على نشر مواضيع “مجلة نزع التطرف” ذات الوصول المفتوح، وكذلك استضافة قواعد بيانات فريدة حول اليمين المتطرف والإرهاب الجهادي في ألمانيا. كما أنشأنا “kthe international Mothers for Life networ”، الذي يشمل تجمعًا لآباء وأمهات جهاديين من 11 دولة، كنوع من مجموعة مساعدة ذاتية، تهدف إلى مساعدة الآباء والأسر حول العالم في محاربة التطرف العنيف.
علاوة على ذلك، نقوم بتدريب خبراء في مجال مكافحة التطرف العنيف ونزع التطرف، مثل مسؤولي المراقبة في منيابوليس. أطلقنا كذلك مشاريع فنون قتالية (DVKE)، نقوم خلالها بتجهيز مدربين في مجال الفنون القتالية، كي يصبحوا مستشارين وناصحين في مجال التطرف العنيف. وهذا بالطبع ليس إلا جزءًا قليلًا من أنشطتنا.
سؤال: ما هي تعريفاتك للتطرف الديني واليميني؟
كولر: التطرف هو عملية إلغاء التعددية للقيم والمثل السياسية مثل (العدالة، والشرف، والحرية)، إلى جانب زيادة حادة في الحاجة الأيديولوجية إلى العمل ضد عدو متخيل، والتظلم، والظلم.
وإذا استند الأساس الأيديولوجي في عملية إلغاء التعددية إلى التقليل من قيمة البشر الآخرين، فستؤدي هذه العملية في نهاية المطاف إلى استخدام العنف، باعتباره الخيار العملي الوحيد القادر على حل ذاك التوتر النفسي.
أعتقد أن الدوافع النفسية وراء اليمين المتطرف والتطرف الديني هي ذاتها. وبالطبع، تختلف بعض محتويات ومظاهر كل جانب إلى حد ما.
سؤال: أوافقك شخصيًا على وجوب أن تكون برامج مكافحة التطرف محددة السياق بشكل مطلق. هنالك عدد من الخيارات التي يدعو إليها كل برنامج، مثل مسألة شمول الأيديولوجية من عدمه، ودرجة مشاركة الدولة، وخصائص مراقبة ما بعد التطرف. ولكن، هل هنالك أي محاور أو قرارات لا يمكن تجنبها، وينبغي على السلطات والمختصين أخذها بعين الاعتبار؟
كولر: ليس هنالك برنامج واحد يناسب الجميع، وليس هناك برنامج مكافحة تطرف يثمر في جميع السياقات. ليس هنالك حل سحري لكل عميل فردي. هنالك الكثير من أنواع البرامج المختلفة، المصممة خصيصًا للعديد من الجهات الفاعلة، سواء الحكومية منها أو غير الحكومية، وكذلك “العملاء”، الذين يعالجون المتطرفين المدانين والإرهابيين في السجون، أو الذين يعملون في مجال التدخل المبكر القائم على الوقاية من التطرف في المجتمعات المحلية.
اقرأ أيضًا: كيف تدير التنظيمات الجهادية قنواتها عبر تلغرام؟
تتمثل الخطوة الأولى في فهم تصنيف برامج مكافحة التطرف، ثم اختيار نوع البرنامج الأنسب حسب الأغراض المحددة من قبل الجهة الفاعلة. ثم يجري تصميم البرنامج ونظرية التغيير والتدريب وغيرها من المسائل. إن جميع هذه الأمور أساسية لإعداد البرنامج المطلوب بالشكل الأفضل والأمثل. هذه الخطوات هامة من أجل تكامل الهيكل، ولا يمكن الاستغناء عنها. لقد سبق أن قمت بتصميم قائمة بمعايير الجودة الهامة، لإفادة مطوري برامج مكافحة التطرف، وأولئك الذين يرغبون بتحسين جودة البرامج القائمة.
في الحقيقة، هنالك الكثير من التفكير والتفسير اللازمين قبل بدء البرامج بالعمل، تخص مسائل هامة مثل حماية المعلومات والخصوصية، وكيفية الوصول إلى العملاء، والتمويل، ومعايير بدء وإنهاء تقديم المشورة، وكيفية تقديم البرامج، وقضايا الأمن والسلامة كذلك. يجب مناقشة كل شيء يتعلق بوجهات نظر وأهداف أصحاب المصلحة.
البرامج عالية الجودة تشمل دائمًا آليات لتحديد عوامل الدفع والجذب التي تنطوي عليها عملية التطرف، وربما دوافع الابتعاد عن التطرف. أما المشورة فيمكن تقديمها في إطار خطة مصممة خصيصًا لكل عميل. هنالك العديد من الأدوات والأساليب التي يتبعها المرشدون والمستشارون عند تجميع أجزاء الأحجية، التي تشكل معالِم التدخل في نهاية المطاف. تنطوي هذه الطرق على مهارات في المجالات التعليمية والاجتماعية والإبداعية والرياضية والنفسية والأيديولوجية.
اقرأ أيضًا: كيف يستخدم الإرهابيون الذكاء الاصطناعي؟
من المهم أن ندرك أن خليط الأساليب والأدوات في كل حقل يختلف من عميل لآخر، ويجب أن يتكيف مع الاحتياجات والمخاطر الخاصة بكل عميل. يمكن تدريب الموظفين العاملين في مجال مكافحة التطرف إلى درجة معينة، ولكن الكثير من هذا العمل يرتكز على الخبرات المكتسبة مع الوقت. في الحقيقة، يتمحور الفن في مكافحة التطرف في القدرة على بناء خطة تدخل إبداعية ومناسبة لكل عميل على حدة.
وأخيرًا، ينبغي أن يشتمل كل برنامج على آليات لمراقبة الجودة وإجراء التقييم، ابتداء من اليوم الأول في العمل. في الواقع، الكثيرون يقللون من شأن هكذا آليات، ولهذا:
لن يكون هنالك مستقبل مستدام للبرامج الخالية من معايير جودة صارمة وتقييم علمي حقيقي.
إن برامج مكافحة التطرف المصممة بشكل سيء ليست مجرد مضيعة للوقت والموارد، بل يمكن أن تزيد من المخاطر التي يشكلها المتطرفون أيضًا.
سؤال: ما هي مجالات التحسين الرئيسة في برامج مكافحة التطرف الأوروبية؟
كولر: تفتقد هذه البرامج إلى التقييمات العلمية، ومعايير الجودة الصارمة، وأنا لا أتحدث عن البرامج الأوروبية فحسب. نحن لا نعرف الكثير حول آثار وآليات برامج مكافحة التطرف العنيف “الجيدة”. لقد انتشرت هكذا برامج دون الاستناد إلى أسس قائمة على الأدلة المفاهيمية والنظرية، وهذا يخلق خطر “القيام بشيء فقط من أجل القيام به”.
سؤال: أكدت في أبحاثك -مع إشارة خاصة إلى التطرف في السجون- أن السجناء الذين لا يحصلون على مساعدة روحية، يبحثون عنها بأنفسهم، فيصبحون عرضة لأفعال وتأثيرات الجهات الراديكالية المتشددة. كيف يمكن للإستراتيجية الجيدة أن تقدم مساعدة روحية لهؤلاء؟
كولر: فيما يخص المساعدة الروحية، فإن مشورتنا تتعلق بشكل خاص في السجون بغرض كبح التطرف الداخلي، وعرقلة انتشار بعض التفسيرات المتطرفة للنصوص الدينية في صفوف النزلاء. إن لم تكن هناك خدمات روحية متاحة لجميع الأديان، فسيعمل السجناء المتطرفون على تصوير أنفسهم كسلطات دينية، وسيأخذون زمام المبادرة للتأثير في غيرهم من السجناء. ولذلك فإن:
الخدمات الروحية مهمة للغاية من أجل منع انتشار التطرف العنيف داخل السجون. ومع ذلك، من الصعب البدء بعملية نزع التطرف عن السجناء المتشددين للغاية باستخدام الخدمات الروحية.
سؤال: ما هو التهديد الرئيس الذي يتعين على أوروبا معالجته في السنوات القليلة القادمة؟ وهل سيكون التهديد ذاته في كل دولة أوروبية؟
كولر: من المستحيل التنبؤ بذلك، ولكن استنادًا إلى الأحداث الجارية في ظل انتشار جميع أشكال التطرف في أوروبا، يمكن القول إن إحدى القضايا الرئيسة ستنطوي على التطرف المتبادل (مجموعات متطرفة تدفع بعضها بعضًا نحو العنف).
علاوة على ذلك، نرى في بعض الدول زيادة في تطرف “المواطنين العاديين” الذين لم ينخرطوا سابقًا في مجموعات متطرفة. إنهم يتحولون اليوم إلى متطرفين إلى حد التآمر وارتكاب هجمات إرهابية.
المصدر: مجلة عين أوروبية على التطرف