الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

خيري سعد الله.. دليل جديد على تسلل إرهابيي الوفاق إلى أوروبا

"التايمز" البريطانية تحذر من التساهل في منح حق اللجوء.. وخبير ليبي يؤكد تزوير جوازات السفر الليبية من قِبل حكومة السراج لتسهيل دخول الإرهابيين إلى أوروبا

كيوبوست

أعادت حادثة الطعن التي قام بها لاجئ ليبي يُدعى خيري سعد الله، في مدينة ريدينغ البريطانية، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، إلى الواجهة، الحديثَ عن السياسات المتبعة بشأن الأزمة الليبية، وهو ملف حساس يثير الكثير من الجدل داخل الأروقة السياسية البريطانية؛ خصوصاً بعد اتهامات طالت هذا البلد بتوفير مظلة للعديد من الشخصيات الإسلامية ذات الميول الراديكالية، رغم ملاحقة عدد منها بسبب تورطها بشكل مباشر أو غير مباشر في الإرهاب.

ووصفت الشرطة البريطانية حادثة الطعن بأنها عمل إرهابي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة ثلاثة آخرين، قبل أن يندفع شرطي، كان خارج ساعات عمله، للسيطرة على المهاجم وطرحه أرضاً ومنعه من الاستمرار في عملية الطعن، بينما أعربت وزيرة الداخلية بريتي باتل، عن شعورها بالقلق البالغ بعد الحادث، والذي قيل إن الحالة النفسية للمتهم كانت جزءاً من دوافعه في الجريمة.

 اقرأ أيضًا: وكلاء الخراب.. العلاقات والمصالح بين إخوان ليبيا وأردوغان

تساهل حكومي

ونشرت صحيفة التايمز البريطانية، تقريراً موسعاً، تحدثت فيه عن منح لندن حقوق الإقامة لعدد من المتشددين الليبيين في السنوات الماضية، متهمة الحكومة البريطانية بالتساهل مع هؤلاء المتشددين؛ مما أدى إلى إزهاق أرواح كثيرة في العمليات التي قاموا بتنفيذها بعدما حصلوا على الحماية باعتبارهم أشخاصاً فروا من حكوماتهم التي تضطهدهم وتلاحقهم، علماً بأن عائلة فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق في طرابلس، تقيم في لندن منذ سنوات كما عائلات العديد من منتسبي هذه الحكومة.

ومن بين هؤلاء رمضان عبيدي، الذي التحق نجلاه، سلمان وهاشم، بتنظيم داعش الإرهابي؛ حيث خططا لتنفيذ هجوم إرهابي في مدينة مانشستر التي يعرفانها جيداً، وقام سلمان بتنفيذ التفجير في حفل فني في مايو 2017؛ ما أسفر عن مقتل 22 شخصاً، وإصابة أكثر من 800 آخرين.

مصابة في حادث مانشستر بطريقها لتلقي العلاج – أرشيف

خلال السنوات الخمس الماضية، وقعت ثلاث جرائم إرهابية لأشخاص ينتمون إلى الميليشيات المسلحة المدافعة عن حكومة السراج، حسب الدكتور عبدالله عثامنة، الباحث والأكاديمي الليبي المقيم في لندن، والذي يؤكد، في تعليق لـ”كيوبوست”، أن “هذه العمليات، حتى وإن جرت بشكل فردي، فهي تعكس بشكل واضح طريقة التنشئة التي يتم التعامل بها مع هؤلاء الأشخاص، وطريقة التفكير التي تدفع نحو العنف والإرهاب وليس البناء”.

اقرأ أيضًا: اشتعال الصراع بين “داعش” و”القاعدة” داخل السجون البريطانية

وتطرق تقرير “التايمز” البريطانية، إلى عدد من الإسلاميين الذين وصلوا إلى بريطانيا وتمكنوا من الحصول على حق اللجوء؛ وفي مقدمتهم أبو أنس الليبي، الذي حصل على حق اللجوء في تسعينيات القرن الماضي؛ ليُدرج بعدها بسنوات على قائمة أكثر الشخصيات المطلوبة من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.

كايل أورتون

وحسب الباحث البريطاني كايل أورتون، في تعليقه لـ”كيوبوست”، فإنه “على الرغم من تغير الموقف السياسي المتراخي في التعامل مع الجماعات الإسلامية، وهو النهج الذي اتبعته الحكومة البريطانية في التسعينيات؛ فإن ما حدث دليل واضح على أن المشكلة لا تزال قائمة”.

أورتون شدد على أن بلاده عانت كثيراً انتشار الأيديولوجية الجهادية، واصفاً تدخل بريطانيا لدعم معارضي القذافي في 2011 بالخطأ الذي استمرت تبعاته حتى اليوم، بعدما أدت الإطاحة به إلى الاضطراب في ليبيا عقب تخلي “الناتو” عن هذا البلد عام 2012، مشيراً إلى أن لندن لا تحاول التأثير في المسألة الليبية بشكل فعال في الوقت الحالي.

اقرأ أيضًا: كيف تستخدم إيران “حزب الله” في بريطانيا؟

السراج يهدد أوروبا

وذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن المساعدة التي جرت في القبض على عبدالحكيم بلحاج، ونقله من تايلاند إلى ليبيا، إبان حكم القذافي، دفعت هذا الإرهابي الليبي إلى طلب اعتذار من الحكومة البريطانية عما تعرض إليه من تعذيب برفقة زوجته، وحصل على تعويض قدره نحو نصف مليون جنيه إسترليني، وهو اليوم أحد العناصر التي تشكل تنظيماً إرهابياً مسلحاً.

د/ عبدالله عثمانة

يؤكد الدكتور عبدالله عثامنة أن “انتشار الفكر الإرهابي في ليبيا؛ خصوصاً في طرابلس، ناجم عن غياب حكومة قوية في ليبيا”، وهؤلاء الأفراد وتصرفاتهم ارتبطت بشكل رئيسي بتنشئتهم في بيئة داعمة للإرهاب والتطرف، ولا تقبل ثقافة الآخر حتى لو قَبل الآخر أفكارهم.

ويبدو هذا الأمر أقرب إلى الواقع عدما نقرأ أن مَن يتولى وزارة التعليم في حكومة السراج، هو الإرهابي محمد عمار، الذي عاش في بريطانيا ويشغل عضوية المجلس الرئاسي، وهو أحد القيادات الداعمة لمجلس شورى ثوار بنغازي ومجاهدي درنة، كما يُتهم بأنه حلقة الوصل في توفير المال والسلاح لحكومة الوفاق بالتنسيق مع تركيا وقطر.

اقرأ أيضًا: بعد هجمات لندن ولاهاي.. أوروبا في انتظار المزيد

يشير الدكتور عثامنة إلى معلومات مهمة؛ وهي أن حكومة السراج تساعد الإرهابيين على الوصول إلى أوروبا بطرق مشروعة، وذلك من خلال منحهم جوازات السفر الليبية وأرقاماً قومية ليبية”؛ حيث جرى اكتشاف نحو مليون رقم قومي ليبي مزور، بجانب نحو 40 ألف جواز سفر ببيانات مزورة، مشدداً على أن “الخطر الحقيقي يأتي من وجود بعض هؤلاء بالسفارات الليبية الموجودة في أوروبا بصورة موظفين ومسؤولين بالسلك الأمني في السفارة”.

اجراءات أمنية مشددة في مانشستر – وكالات

وأشار عثامنة إلى أن هناك تحذيرات وجهت إلى الحكومة البريطانية، وعدد من الحكومات الأوروبية، بوجود أشخاص لديهم نزعات إرهابية موجودين في هذه السفارات، لافتاً إلى أنه حتى لو وصفت هذه الحوادث الإرهابية بالفردية، فهي تعبر بشكل واضح عن وجود نهج ينتظر الفرصة المناسبة للظهور؛ خصوصاً أن “ما يتم النجاح في تنفيذه هو أقل بالتأكيد مما جرى السعي إليه خلال الفترة الماضية؛ حيث نجحت أجهزة الأمن في بريطانيا ودول أوروبية في إحباط عدد من العمليات المماثلة”، حسب عثامنة.

كما أشار عثامنة إلى وجود ميليشيات إرهابية قامت بإجبار السراج على توقيع قرارات تجنيس للمرتزقة التابعين لها بالمخالفة للقانون والدستور، وهو ملف خطير سيتم العمل على التصدي له عند تشكيل حكومة قوية.

وفي الختام، يؤكد الباحث الإنجليزي كايل أورتون، أنه على الرغم من سياسة الاتحاد الأوروبي المؤيدة للسراج بشكل رسمي؛ فإن الواقع يشير إلى أن أطرافاً فاعلة بالاتحاد؛ في مقدمتها فرنسا وعدد من الحلفاء الدوليين، يعملون على تغيير هذه السياسة بشكل كامل.

 

 

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة