الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
خلافات جبهتَي لندن وأنقرة تمهد لخارطة إخوانية جديدة
الصدام بين الإخوان المسلمين وتأجيج الخلاف بينهم يصبان في صالح تغيير الوجوه لتمرير المشروع الإخواني بأسماء جديدة أكثر قبولاً

كيوبوست
تتواصل حالة التصدع التي يعانيها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، بعد قيام جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، بإصدار بيان، مؤخراً، ترفض فيه القرارات التي اتخذت من جبهة تركيا بقيادة محمود حسين، الأمين العام للجماعة، في وقت تتزايد فيه هوة الخلافات والاتهامات المتبادلة بالانشقاق بين قيادات الجماعة بصورة غير مسبوقة، في ضوء توقف الجبهة الموجودة في تركيا عن مهاجمة النظام المصري بعد التوجيهات التركية المباشرة بهذا الأمر، وانتقال عدد من أعضائها إلى لندن؛ ومن بينهم شخصيات كانت تطل عبر القنوات الإخوانية التي بثت من تركيا طوال السنوات السبع الماضية.
اقرأ أيضًا: من رسائل كلينتون.. كيف تحولت نظرة الأمريكيين للإخوان في مصر؟
واتهم بيان جبهة لندن الأخير محمود حسين ومصطفى طلبة الذي جرى اختياره للقيام بأعمال المرشد، بالانشقاق، والخروج عن الجماعة؛ بسبب ما وصفته جبهة إبراهيم منير بـ”مخالفة اللوائح وأدبيات الجماعة”، واعتبار إبراهيم منير هو القائم بأعمال المرشد.
وجاءت خطوات منير بعد قرار جبهة تركيا عزله بشكل كامل، وتشكيل لجنة مؤقتة باسم اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام من بين أعضائه، على أن تقوم بمهامها لمدة 6 أشهر، بينما رفض إبراهيم منير، القرارات التي خرجت من جبهة تركيا في وقت يسيطر فيه مع زملائه على المواقع الإلكترونية للجماعة؛ وهو ما أسهم في “إضفاء الشرعية” على قراراته إعلامياً.

البحث عن الاستحواذ

ما يحدث يأتي في إطار الصراع بين جبهتَي تركيا وبريطانيا؛ من أجل استحواذ كل فئة على ما تبقى من قواعد جماهيرية، حسب الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو فاروق، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن إبراهيم منير يسعى من خلال إعادة الهيكلة الإعلامية التي يقوم بها في الوقت الحالي، لإعادة ما يُعرف بتشكيل اللجان الداخلية للجماعة، في محاولة لتصدير صورة ذهنية تفيد تماسك الجماعة من الداخل.
وأضاف أن منير يعمل على تغيير في رؤية الجماعة بشكل واضح من الناحية الاستراتيجية، وهو ما ظهر من خلال ما عُرف بـ”وثيقة لندن” التي تنقل الجماعة إلى هيكل فكري، مع الاحتفاظ بالخطة التنظيمية الحالية؛ وهو أمر سيجنب الجماعة صدامات مع الأنظمة السياسية في العديد من الدول، مشيراً إلى أن الأزمة التي يواجهها منير في الوقت الحالي جزء منها مرتبط بصراع القيادات التاريخية داخل الجماعة بينه وبين محمود حسين.
اقرأ أيضاً: العلاقات الغامضة بين إدارة كلينتون- أوباما والإخوان المسلمين

يشير الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية مصطفى حمزة، إلى التعامل في الوقت الحالي مع جماعتَين تمثلان تنظيمَين مختلفَين؛ لكل طرف مرشده وطريقته في العمل، مؤكداً أن الانشقاق على الرغم من أنه ليس الأول داخل الجماعة ولن يكون الأخير؛ فإن هذه المرة تسعى القيادات لتحقيق أهداف من ورائه؛ في مقدمتها إظهار أن هناك فريقاً، وتمثله جبهة لندن، يرفض العنف، ومن ثمَّ يسعى لاستمالة المجتمع الدولي.
وأضاف أن جبهة تركيا بقيادة محمود حسين، تستخدم خطاب تحريض على العنف، وتتحدث عن “الثأر” وتصور المسؤولين السابقين بالجماعة على أنهم “أسرى” في السجون، وهو خطاب عنيف تحاول جبهة إبراهيم منير ترويج خطاب مضاد له لتحظى بدعم دولي؛ من أجل ضمان بقاء الجماعة خلال الفترة المقبلة.

مصالح الانقسام
يتفق مع هذا الرأي عمرو فاروق، الذي يقول إن هناك مجموعة تسيطر بالفعل على الإخوان من الخارج؛ وهذه المجموعة من مصلحتها إشعال الحرب والخلاف بين الجبهات؛ لعدة أمور، في مقدمتها إحداث عملية “إلهاء” عن التوسع في بناء المؤسسات داخل الجماعة، بالإضافة إلى التحرك بشكل منظم في ملف الترويج لأفكار الجماعة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
وأوضح أن الصراع الدائر بين الجبهتَين يكاد يكون محسوماً لصالح جبهة إبراهيم منير؛ لعدة أسباب، من بينها علاقاته مع التنظيم الدولي التي توطد نفوذه خارج دائرة إخوان مصر، بالإضافة إلى سيطرته على الجماعة بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وسعيه لتحقيق الاستمالة الفكرية بشكل واضح عبر استخدام مؤسسات دولية وجهات بهدف “غسل السمعة” للإخوان ضمن إطار إعادة تقديمها مرة أخرى للمجتمعات العربية.

يتفق مصطفى حمزة مع نقطة الحديث عن ذكاء الجماعة وقياداتها في محاولة استقطاب التعاطف والعمل على استغلاله بشكل إيجابي لصالحهم؛ حتى لو كان عبر إظهار الانقسامات، مشيراً إلى أن من بين الصعوبات التي تواجه جبهة محمود عزت في الوقت الحالي ضرورة التزامها واحترامها التعليمات الصادرة من السلطات التركية بعدم إظهار مواقف معارضة سياسياً للسياسة التركية.
يختتم عمرو فاروق حديثه بتأكيد وجود فارق بين سقوط المشروع الإخواني وسقوط الفكرة التي لم تسقط بعد حتى الآن في ظل وجود روافد للجماعة في المنطقة العربية وبعض الدول الأوروبية، بالإضافة إلى المؤسسات الاقتصادية، مشيراً إلى أن التغير في توجهات الجماعة والصدام بين القيادات يستفيد منهما ممولوها من أجل تغيير الوجوه واستبدالها لتمرير المشروع بوجوه أخرى جديدة قد تظهر على الساحة قريباً؛ لا سيما أن التغييرات قد تشمل ثوابت الجماعة، بما فيها اختيار مرشد غير مصري بعدما لم تصبح القاهرة عاصمة استقرار الجماعة.