الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

خفايا هروب أردوغان لانتخابات مبكرة

أردوغان يقرر تبكير موعد الانتخابات بعام ونصف وسط تشكيك بالنوايا

كيو بوست – 

دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء 17 نيسان 2018، بقرار لتبكير موعد الانتخابات العامة (الرئاسية والنيابية) في البلاد إلى يوم الـ24 من يونيو العام الجاري. وكان موعد الانتخابات الأصلي في نوفمبر 2019، أي بعد الموعد المبكر الذي حدده أردوغان بعام و5 أشهر.

يضع قرار التبكير تساؤلات عدة حول الدوافع التي أجبرت أردوغان على اتخاذه، ومدى ارتباط الأوضاع الداخلية والخارجية لتركيا بهكذا قرار، في وقت صرح أردوغان فيه قائلًا: “نتيجة للعمليات العسكرية التي نخوضها (الجيش التركي) في سوريا والأحداث التاريخية التي تشهدها منطقتنا (الشرق الأوسط)، بات من الضروري تجاوز حالة الغموض في أسرع وقت ممكن”. وتبدو الخلفيات متصلة أكثر بأزمات يمر بها أردوغان، كذلك يعزو البعض قراره إلى حيلة لتحقيق فوز ساحق في الانتخابات المتوقعة.

 

محاولة احتواء التورط 

رغم أن أردوغان حسم المعركة في عفرين بالتحالف مع الفصائل المسلحة السورية، وفرض سيطرته على الأكراد بالقوة، إلا أن التورط في المدينة السورية عسكريًا وضع الزعيم، الذي يحكم تركيا منذ 15 عامًا، بلاده في حالة استنزاف.

ويرى مراقبون للشأن التركي أن إعلان الرئيس التركي عن موعد مبكر للانتخابات الرئاسية، ما هو إلا خطوة للهروب إلى الأمام، بعد فشل خطة تركيا الداخلية والخارجية “صفر مشاكل”، التي أعلن عنها وزير خارجيته في 2013.

إذ ترافق إعلان تعجيل الانتخابات، مع تمديد حالة الطوارىء للمرة السابعة في تركيا. وزيادة عمليات القمع ضد الأكراد، وزيادة الاعتقالات في صفوف مشتبهين بالانضمام إلى حركة “جولن”؛ إذ وصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 150 ألف شخص، وعدد المحبوسين إلى 78 ألف شخص، وعدد المفصولين إلى أكثر من 110 ألف موظف حكومي، حسب تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية، التي طالبت بإنهاء حالة الطوارئ فورًا.

تقول أوساط سياسية تركية إن أردوغان لجأ إلى التبكير لتجديد شعبيته التي تتهاوى مع تدهور سعر الليرة -بعدما انزلقت إلى أدنى مستوى لها: 4.192 للدولار، في ثاني أسوأ أداء بين عملات الأسواق الصاعدة في شهر مارس 2018 بعد الروبل، بانخفاض 7% من قيمتها- بسبب ضخ الأموال إلى عمليات عسكرية تتسع في سوريا، الأمر الذي اعتبرته وكالة موديز للتصنيف الائتماني عامل تأثير سلبي محتمل على تصنيف ديون تركيا السيادية ويتسبب في إشكاليات في اقتصادها.

كما ترافق انهيار سعر صرف الليرة مع تقرير نشره البنك المركزي التركي، يوضح بأن عجزًا قيمته 468 مليار دولار بالاستثمار الأجنبي في تركيا، وصل إلى ذروته في فبراير الماضي.

كل تلك الأسباب أدت بحسب خبراء سياسيين، إلى تبكير موعد الانتخابات، من أجل محافظة أردوغان على منصبه، مع تزايد التدهور في شعبيته بعد النتائج السلبية في سياسياته الخارجية والداخلية والحقوقية والاقتصادية على حد سواء، واستنزاف الاقتصاد التركي في حروبه الخارجية ضد الأكراد.

ويرى محللون أن الأوضاع الاقتصادية في تركيا تدفع بالحكومة إلى الموافقة على إجراء انتخابات مبكرة، لاستباق أي تدهور اقتصادي كبير.

تقول تقارير إن نمو الاقتصاد التركي بنسبة 7.4% في 2017، يقابله تضخم بنسبة تفوق 10%، وازدياد عجز الحساب الجاري.

 

“حيلة” 

إلى جانب دافع الهروب من الأزمات، يرى الباحث السياسي التركي إسلام أوزكان، أن أردوغان يسعى بخطوة الانتخابات المبكرة إلى انتزاع فرصة الأحزاب الأخرى في ترتيب أوضاعها للمنافسة، فالوقت المتبقي لإجراء الانتخابات أقل من 70 يومًا، وهذا غير كاف لأي حزب لتجهيز مرشح يستطيع منافسة الرئيس الحالي، رئيس الوزراء السابق.

وفي مقابلة مع “سكاي نيوز عربية” من إسطنبول، تساءل أوزكان: “هل تستطيع هذه الأحزاب تجهيز أنفسها؟ ليس لديها سلطات ولا قدرة مالية بعكس حزب العدالة التنمية”.

ويتوقع أوزكان أن الرئيس السابق عبد الله غول، حليف أردوغان سابقًا قبل أن تنشب بينهما خلافات سياسية، قد يكون منافسًا قويًا للرئيس الحالي.

وقال: “غول له تجربة سياسية كبيرة ويتعاطف معه الرأي العام، ويعارض بعض سياسات أردوغان، ووقعت بينهما خلافات كبيرة. ربما سيحاول أردوغان عرقلة ترشيح عبد الله غول، لكن لا أتوقع أنه سينجح في ذلك”.

ولا تملك الأحزاب المنافسة أية جاهزية مالية، بعكس ما يملكه حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي عمل طوال الفترة السابقة على حبس وقمع معارضيه وإضعافهم، من أجل إخلاء الساحة أمام الحزب الحاكم.

وهو ما شخصّه المحلل السياسي والخبير بالشأن التركي، مصطفى اللباد، على صفحته في “فيسبوك”، حيث أعاد أسباب تقديم موعد الانتخابات على أنها هروب من الأزمة الاقتصادية التي تضرب تركيا، ومن أزمات المشكلة الكردية داخل تركيا وفي جوارها.

صندوقراطية أردوغانأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة تجرى يوم ٢٤ يونيو المقبل، في…

Posted by Mustafa Ellabbad on Wednesday, April 18, 2018

ووصف اللباد تلك الحالة من الانتخابات بـ”صندوقراطية أردوغان”، أي اقتصار الديمقراطية على صندوق الانتخابات فقط! إذ تنبأ بأن إشراف “العدالة والتنمية” على صندوق الانتخابات سيفضي إلى غالبية تدور حول 51% كالعادة، ثم مبارزة الخصوم -الذين تتقلص بمرور الوقت رقعة حرياتهم المدنية- بتلك النسبة الهشة.

 

الملف الطافح حول حقوق الإنسان  

يدخل أردوغان الانتخابات هذه المرة، حاملًا على ظهره ملفًا كبيرًا حول حقوق الإنسان، بعد حملات القمع والاعتقال التي شنها ضد أطياف تركية عدة، تحت غطاء ملاحقة الانقلابيين.

طالت حملة الاعتقال عشرات الآلاف من المدنيين والموظفين الحكوميين، وآلاف القضاة، وأعضاء مؤسسات الجيش، وكان آخرها إعلان تسريح 3 آلاف جندي من الجيش.

اليوم، هناك نحو 50 ألف شخص في سجون تركيا على ذمة المحاكمة، و150 ألفًا من الموظفين الحكوميين أوقفوا عن عملهم، بينهم مدرسون وقضاة وجنود بموجب أحكام الطوارئ التي فرضتها تركيا بعد محاولة الانقلاب.

في الواقع، يقف أردوغان خلف أزمات مرتقبة قد تدخلها بلاده، وأصبح التهديد المتواصل باحتلال مدن كردية سورية، وسياسة الإحكام على مفاصل الدولة، وقمع المعارضين بحجة الانقلاب، بحاجة لاختبار انتخابي.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة