الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
خطران مباشران على الاقتصاد العالمي بعد غزو تايوان
إذا غزت الصين تايوان فإن صناعة الكابلات البحرية وشحنات الحاويات قد تتأثر وتؤثر على قطاع التكنولوجيا العالمي

كيوبوست- ترجمات
كريستين مكدانيل♦ & ويفنغ تشونغ•
نشر مركز ميركاتوس للدراسات بجامعة جورج ميسون ورقةً بحثية تناولت الخسائر الاقتصادية المتوقعة في حال مضت الصين في طريقها باتجاه غزو تايوان. حيث قالت إن أحد أوجه عدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي حالياً هو ما إذا كان مضيق تايوان سوف يشهد حدثاً جيوسياسياً خطيراً.
سواء من خلال قيام الصين بغزوٍ صريح لتايوان، أو إعلان الاستقلال من جانب الأخيرة، أو حدوث صدام عرضي في البحر بين الصين وتايوان أو الولايات المتحدة. وأيٌّ من هذه التطورات يمكن أن يؤدي إلى أزمة في المضيق، من شأنها أن تشكل خطرين مباشرين على الاقتصاد الأمريكي، ومن ثم العالمي، كالتالي:
اقرأ أيضاً: المناورات العسكرية الصينية في مضيق تايوان ما هي إلا بروفة لـ”قطع الرأس”!
الاضطرابات المحتملة للتدفقات الرقمية من الكابلات البحرية المعرضة للخطر عند محطات الإنزال في تايوان تتمثل في تأخير أو تعطيل شحنات الحاويات في مضيق تايوان، وبحر الصين الجنوبي، وبحر الصين الشرقي، في الطريق من وإلى الولايات المتحدة.
وأكد الباحثان اللذان عملا على الورقة، وهما خبيران في السياسة والاقتصاد والأمن الرقمي، أن التأثيرات التجارية والاقتصادية لغزو الصين لتايوان يمكن أن تتجاوز بسهولة تلك المترتبة على الغزو الروسي لأوكرانيا. لأن اقتصادات الصين وتايوان أكبر بكثير من اقتصادات روسيا وأوكرانيا، كما أن ارتباط الاقتصاد الأمريكي والعالمي بالصين وتايوان أكبر بكثير.

كما تلعب تايوان دوراً كبيراً في صناعة رقائق أشباه الموصلات المتقدمة على مستوى العالم، ومن شأن انقطاع الإمدادات من هذه الرقائق أو الاتصالات الرقمية بين الشركات أن يزعزع استقرار قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة وكل صناعة تقريباً تستخدم رقائق الكمبيوتر المتقدمة.
اقرأ أيضاً: اللعبة الكبرى..استراتيجية الصين الكبرى لإزاحة النظام الأمريكي
ويبدو أن جيش التحرير الشعبي قد خطط على نطاق واسع لسيناريوهات الغزو. حيث يكشف تحليل البيانات مفتوحة المصدر، الذي أجراه مركز ميركاتوس عن نقاط الاهتمام الاستراتيجية للصين من حيث المواقع ذات الأهمية الاقتصادية، والمواقع العسكرية، وكذلك البنية التحتية الرقمية الأساسية مثل محطات إنزال الكابلات البحرية.
الكابلات البحرية والاقتصاد الرقمي
تشير الورقة إلى أنه ربما يكون من السهل العثور على طرق عبر المحيط لنقل البضائع في سفن الحاويات كبديل عن تعطل الطرق عبر تايوان، غير أن البنية التحتية للتدفقات الرقمية تشكِّل صعوبة أكبر، حيث تصطف مئات الآلاف من الأميال من الكابلات في قاع المحيط، وتتصل بمحطات أرضية مزودة بالطاقة وبنية تحتية للشبكات لتسهيل الاتصالات الموثوقة العابرة للقارات.

وإذا تم قطع كابل أو تضررت محطة إنزال (عن قصد أو بغير قصد)، فإن تدفق هذه البيانات سوف يتأثر بشكلٍ مباشر كما تثبت الأدلة الجديدة من مختبرات “نيو كيت داتا” والتي تسلِّط الضوء على المواقع المهمة في تايوان، والتي قد تشكل أولويات استراتيجية للصين على الصعيدين الاقتصادي أو العسكري.
اقرأ أيضاً: من الخاسر في الحرب الاقتصادية العالمية..أوكرانيا، روسيا، أم الاتحاد الأوروبي؟!
وهذا الدليل الجديد هو قاعدة بيانات تُركت دون حراسة في عنوان بروتوكول الإنترنت الصيني، وحصلت عليها مختبرات “نيو كيت داتا” في أبريل 2021. ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها باحثون من شركة “بريدكرامب سيبرسيكيورتي” باستخدام منصات استخباراتية مفتوحة المصدر، ارتبط عنوان بروتوكول الإنترنت الصيني بالعديد من حوادث الأمن السيبراني الضارة بين أغسطس 2019 وأكتوبر 2021.
ويعود تاريخ الكابلات البحرية إلى عشرينيات القرن التاسع عشر، عندما تم استخدام الكابلات الأولى لإرسال تليغراف من السفارة الروسية في ميونيخ. واليوم يوجد أكثر من 450 كابلاً في قاع المحيط وأكثر من 1300 محطة إنزال ساحلية. وكابلات الألياف الضوئية المتطورة هذه مسؤولة عن نقل جميع البيانات والاتصالات الرقمية عبر المحيطات.

وعلى الرغم من دورها الحيوي في الاقتصاد الرقمي، فإن الكابلات البحرية معرضة للخطر بشكلٍ يثير الدهشة، كما أن القواعد التي توفر لها الأمن عفا عليها الزمن. والتهديدات الأكثر وضوحاً هي التهديدات المادية، نظراً لأن الكابلات البحرية يمكن أن تتلف بعدة طرق: كأن تقضمها أسماك القرش، أو تضربها مراسي السفن، أو تهتز بفعل الزلازل، أو يتم تخريبها من قبل جهاتٍ عدائية، إلى آخره.
اقرأ أيضاً: كيسنجر: لا ينبغي لتايوان أن تكون في قلب المفاوضات بين الصين وأمريكا
وقد حاول بعض الباحثين تقدير مساهمة الإنترنت في الاقتصاد العالمي، حيث يقول أحد التقارير إن التأثير اليومي للإغلاق المؤقت للإنترنت وخدماته في بلدٍ متصل بشكلٍ كبير يبلغ حوالي 23,6 مليون دولار لكل 10 ملايين شخص، وفقاً للبيانات المتاحة.
شحنات الحاويات في مضيق تايوان
من جانبٍ آخر، يُعد بحر الصين الجنوبي أحد أكثر الطرق البحرية ازدحاماً في العالم. وتشير التقديرات إلى أن 3,4 تريليون دولار من التجارة مرَّت عبره في عام 2016 فقط، وهو ما يعادل 21% من التجارة العالمية في ذلك العام.
ويرتبط بحر الصين الجنوبي عن طريق مضيق تايوان مع بحر الصين الشرقي، الذي يلتقي بكوريا الجنوبية واليابان، ومضيق لوزون ببحر الفلبين.

ويقول الباحثان إن الاضطراب الناجم عن وقوع أزمة في مضيق تايوان سيؤثر على شحنات الحاويات من وإلى الموانئ الرئيسة في الصين واليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام. وقد حدث مثل هذا الاضطراب مع الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي تشير بيانات التأمين إلى أنه تسبَّب في انخفاضٍ كبير في حركة المرور في البحر الأسود.
اقرأ أيضاً: التراجع الخطير في القوة البحرية الأمريكية
وفي حال حدوث أزمة جديدة، فإن طرق الشحن -التي تمر عادة عبر مضيق تايوان- يمكن أن تتأخر، أو يُعاد توجيهها، أو كلاهما، وسوف ينعكس ذلك بلاشك على حركة التجارة العالمية.
تكاليف إيجاد مسارات بديلة
وتشير الورقة إلى أن إيجاد مسارات بديلة لتجنب تكاليف مخاطر الحرب ربما يكون ممكناً، لكن مع زيادة التكلفة على نحوٍ خيالي. وإذا تم احتواء الأزمة، فيمكن إعادة توجيه حركة المرور الحالية في مضيق تايوان إلى الممرات المائية شرق الجزيرة، لكن القيام بذلك سيؤدي إلى إطالة مدة الشحن من جانب آخر.

فعلى سبيل المثال، يقع أحد أكثر طرق الشحن البحري ازدحاماً في مضيق ملقا، نظراً لأنه أقصر طريق بحري بين المحيطين الهندي والهادي. وقد قدرت تكاليف تغيير مسار كل حركة المرور حول مضيق ملقا بما يتراوح بين 279 مليون دولار شهرياً (إذا تم تغيير المسار عبر إندونيسيا) و2,82 مليار دولار شهرياً (إذا تم تغيير المسار عبر أستراليا).
اقرأ أيضاً: المنافسة الحتمية الولايات المتحدة والصين ومأساة سياسات القوى العظمى
ويمكن أن يمتد النطاق الجغرافي للأزمة إلى مناطق أبعد غرب المحيط الهادي، وعبر مضيق لوزون، وهو طريق أساسي للشحن والاتصالات الدولية. وبصفة عامة، فإن أيَّ توسع جغرافي لأزمة تبدأ في مضيق تايوان من شأنه أن يجعل تغيير المسار أكثر صعوبة، إن لم يكن مستحيلاً.
وهناك احتمال أكثر قتامة يتمثل في فقدان سفن الحاويات في مضيق تايوان، والطرق القريبة في بحر الصين الجنوبي أو بحر الصين الشرقي. وقد تحدث مثل هذه الخسارة إذا أغُرقت هذه السفن بواسطة الغواصات البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي والتي تفرض حصاراً صارماً على تايوان، أو إذا أصابت الصواريخ الأمريكية أو الصينية سفينة تجارية.

كما أن الصين وتايوان موردان ومستهلكان رئيسان للشركاء التجاريين الاستراتيجيين للولايات المتحدة، في جميع أنحاء العالم، بدءاً من اليابان وألمانيا، ووصولاً إلى المملكة العربية السعودية. وبالتالي سيشعر كل اقتصاد شريك للولايات المتحدة بآثار هذه الأزمة أو الحصار.
اقرأ أيضاً: الاستعداد لحرب مع الصين أفضل وسيلة لمنع وقوعها
وختم الباحثان الورقةَ بالإشارة إلى ضرورة أن تعمل الولايات المتحدة، مع السلطات التايوانية، وغيرها من الحلفاء والشركاء في منطقة المحيط الهادئ والهندي لتحسين أمن الكابلات البحرية، ومحطات إنزالها، فضلاً على المشاركة في التخطيط للطوارئ المتعلقة بحركة شحن الحاويات والمدخلات الوسيطة الأساسية لسلاسل الإنتاج والقيمة.
♦باحثة أولى في مركز ميركاتوس بجامعة جورج ميسون، تركز أبحاثها على التجارة الدولية، والعولمة وحقوق الملكية الفكرية.
•باحث أول في مركز ميركاتوس بجامعة جورج ميسون، يركز عمله على التعلم الآلي، ودراسات السياسة الاقتصادية.
المصدر: مركز ميركاتوس للدراسات