الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

خطاب الكراهية الإخواني يستهدف المرأة ويثير غضب التونسيين

نساء تونس يتداعين إلى تحرك وطني اليوم (10 ديسمبر) تنديداً بالعنف المتواطئ ضد النساء في الفضاء السياسي

تونس- وفاء دعاسة

أثارت تصريحات النائب محمد العفاس، عن كتلة ائتلاف الكرامة، القريبة من حركة النهضة، وذلك خلال جلسة استماع لوزيرة المرأة والأسرة بشأن ميزانية الوزارة، عاصفةً من الغضب والاستهجان في الأوساط البرلمانية والجمعياتية في تونس.

واعتبر محمد العفاس أن المرأة “سلعة”، وهاجم المنظمات التي تدافع عن حقوق النساء وحريتهن ومجلة الأحوال الشخصية، مشيراً إلى أنها “تجعل من المرأة سلعة رخيصة مكشوفة لكل من هبّ ودبّ”.

وقال العفاس: “هم يتكلمون عن حرية المرأة، ونحن نعتبرها حرية الوصول إلى المرأة”، واصفاً المنظمات النسوية بـ”تجار المرأة”، مضيفاً: “مكاسب المرأة عندهم الأمهات العزباوات، الإنجاب خارج إطار الزواج، الحق في الإجهاض، ممارسة الرذيلة، الشذوذ الجنسي.. ونقول لهم، إن هي إلا أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطان؛ الأمهات العزباوات هنّ إما عاهرات وإما مغتصبات، الإنجاب خارج إطار الزواج هو زنا، الإجهاض هو قتل نفس بغير حق، الحرية الجنسية عهر”.

اقرأ أيضاً: احتجاجات جنوب تونس تفضح فشل الحكومات واستغلال “النهضة

تصريحات حوَّلت من جديد قبة البرلمان التونسي إلى مسرح مفتوح لممارسة العنف ضد المرأة؛ وهو ما استنكرته المنظمات والجمعيات النسوية في بياناتها، منددة بما تضمنته الكلمة من تعبيرات مهينة وبشعة وتمييزية؛ للنيل من كرامة المرأة كمواطنة كاملة الحقوق والواجبات، معتبرةً ذلك تنكراً لما يقر به الدستور وتشرِّعه القوانين عن مكانة المرأة التونسية ودورها في المجتمع.

محمد العفاس

غضب حقوقي

ونددت جمعية النساء الديمقراطيات، في بيانها، بهذه التصريحات، مستنكرة في الآن ذاته ما اعتبرته “تواطؤ رئيس الجلسة العامة طارق الفتيتي، الذي لم يقاطع النائب وسمح له بترويج إهاناته للتونسيات تحت قبة المجلس”، مشيرةً إلى أن ما قاله النائب عن ائتلاف الكرامة يعد “انتهاكاً صارخاً للدستور والحقوق والحريات، والذي لا يمكن أن يندرج بأية حال من الأحوال تحت غطاء حرية التعبير التي تعلل بها هذا النائب”.

كما استنكرت جمعية النساء الديمقراطيات تمادي النائب في الرمي بتهم الخيانة والعمالة على كل المنظمات المدافعة عن حقوق النساء وعن الحريات، متهماً إياها بالدعوات إلى “الفسق والفجور”، معبرةً في الوقت ذاته عن تخوفها من تواصل استهداف النساء في مجلس نواب الشعب، داعيةً النساء الديمقراطيات إلى تحرك وطني اليوم (10 ديسمبر)؛ تنديداً بالعنف المتواطئ ضد النساء في الفضاء السياسي، كما سيتم تنظيم سلسلة بشرية أمام مجلس النواب يوم 11 ديسمبر؛ احتجاجاً على الاستهتار بالقوى النسائية.

ابتسام جمعة

وفي هذا السياق، أكدت ابتسام جمعة؛ رئيسة جمعية “نبض الوطن”، أن تصريحات النائب عن ائتلاف الكرامة، والذي يشكل حليفاً قوياً لحركة النهضة، محاولة للتغطية على حادثة وفاة الطبيب الشاب في حادثة المصعد والغضب الشعبي الذي رافقها، وذلك بالعودة إلى الجدل القديم بشأن مجلة الأحوال الشخصية.

واعتبرت جمعة، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، أن تصريحات النائب محمد العفاس تمسّ من مدنية الدولة، متسائلةً عن سبب صمت وزيرة المرأة إزاء التصريحات المهينة التي فيها تقليل لدور المرأة التونسية في مجالات عدة.

وأشارت رئيسة جمعية “نبض الوطن” إلى أن تغلغل هذه الأفكار الرجعية المنتمية إلى تيارات الإسلام السياسي في تونس، قد انطلقت منذ عودة حركة النهضة ودخولها إلى الحكم ما بين 2011 و2014، حين اعتمدت العقيدة والوازع الديني في خطاباتها وحملاتها الانتخابية؛ من أجل كسب أصوات الناخبين.

عنف يعرِّي الإخوان

واعتبر مراقبون أن العنف هو استراتيجية النواب الإسلاميين الذين أفرزتهم انتخابات 2019، على غرار نواب الائتلاف الإسلامي الذين تعمَّدوا في العديد من المناسبات الإساءة إلى الدولة ورمزيتها.

ووَفق متابعين، فإن ائتلاف الكرامة جزء لا يتجزأ من الإسلام السياسي؛ وهو مجرد أداة أكثر عنفاً وفظاظة من حركة النهضة التي تحاول كاذبة أن “تتمدَّن” أمام الرأي العام.

اقرأ أيضاً: “النهضة” وحلفاؤها يحاولون عرقلة مبادرة للحوار الوطني في تونس

ووصفت الأوساط البرلمانية خطاب العفاس بالخطاب المتطرف الذي يحرِّض على الكراهية والعنف ضد النساء، ويتهجَّم على الأحزاب المدنية والديمقراطية، مقللاً من شأن النظام المدني البورقيبي، معتبراً أن الاتجاه الإسلامي المتشدد الذي ينتمي إليه هو الاتجاه الصائب.

رضا الزغمي

وقال النائب عن التيار الديمقراطي رضا الزغمي، إنه لم يعد لائتلاف الإرهاب من سبيل سوى اعتماد العنف بعد أن حاصرتهم القوى الديمقراطية المؤمنة بمدينة الدولة بأرقى أشكال النضال.

وأضاف الزغمي، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، أنهم أمام ازدياد عزلتهم، لجأوا في مرحلةٍ أولى إلى السب والشتم، ثم انتقلوا إلى خطاب التكفير والترهيب والتهديد، وانتهوا إلى ممارسة العنف الجسدي على القوى الديمقراطية، وأبناء التيار الديمقراطي.

وأكد النائب عن التيار الديمقراطي أن المحاولات المتكررة التي يأتيها دعاة التطرف والظلامية لإشاعة العنف والفوضى، هدفها تحقير مؤسسات الدولة؛ لضرب أركان الجمهورية وبنيانها، حتى تعم الفوضى؛ وهي المجال الحيوي الذي تنتعش فيه هذه “الفطريات”، لتحقيق مأربهم والدفاع عن أخطائهم ونيل مطالبهم بالقوة، لافتاً إلى أن منطق القوة والعنف الذي نظروا إليه وهددوا به وأقدموا على ممارسته سيفضي حتماً إلى عنف أكبر ربما يصل إلى حد الاغتيالات.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

وفاء دعاسة

كاتبة صحفية تونسية

مقالات ذات صلة