الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

خطابات قائد أركان الجزائر.. بين الرسائل المشفرة والتأويلات

كيوبوست-الجزائر

خرج قائد الأركان الجزائري قايد صالح – بعد غياب عن الأنظار طرح عديدًا من التساؤلات – بخطابات يومية ردّ من خلالها على عديد من التساؤلات والانشغالات، كما ترك ملفات دون إجابات واضحة؛ ما يكشف عن استمرار الانسداد في البلاد إلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من محاولات شخصية؛ سياسية وحزبية، للتدخل عبر تقديم مبادرات لحل الأزمة، تُضاف إلى دعوات قائد الأركان إلى الحوار مع مؤسسات الدولة؛ فإن الوضع لم يعرف انفراجًا، بل على العكس تتخوَّف العديد من الجهات من انزلاق قد يعصف بالبلاد نحو الفوضى.

تأطير الحراك

قد يكون أهم شيء جديد جاء في خطابات قايد صالح مطالبته بضرورة تأطير الحراك، في خرجة نظر إليها الشارع بعين الريبة والتشكيك في أن أمرًا ما يُدبر بليل؛ من أجل إطفاء نور الحراك، خصوصًا بعد تسييج البريد المركزي “الرمز”؛ لمنع المعترضين من الوصول إليه. كما تم اتهام النُّخب بالغياب عن المشهد؛ على الرغم من أن عديدًا من الشخصيات السياسية والحزبية والعسكرية قدَّمت بعض الاقتراحات والمبادرات، وآخرها مبادرة ثلاثية من وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، والحقوقي علي يحيى عبد النور، والتي رفضتها المؤسسة العسكرية ضمنيًّا؛ الأمر الذي فتح باب التأويل على مصراعَيه حول تصريحات قايد صالح بهذا الخصوص، فمن جهة يرفض مبادرات الأحزاب والشخصيات السياسية والعسكرية، ويتساءل عن غياب النُّخب عن المشهد من جهة أخرى.

قائد أركان الجيش الجزائري قايد صالح

اقرأ أيضًا: قائد أركان الجيش الجزائري يسعى لتحرير البلاد من قبضة “أذناب” باريس.

كما عادت “العصابة” إلى خطابات قايد صالح، بقوة، وأخذت حيزًا واسعًا من الحديث، برغم أن رؤوسها في السجن العسكري؛ وهي: سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل، ورئيس جهاز الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين، وخليفته اللواء عثمان طرطاق. وراح قائد الأركان يحذِّر من أبواقها وأذرعها التي تواصل استهداف المؤسسة العسكرية وتشكِّك في عمل العدالة التي تحارب الفساد وتلاحق المفسدين؛ وهو ما فهمه مراقبون بأن قيادة الجيش تتعرَّض لضغوطات من الداخل والخارج، بسبب الشبكة الواسعة التي وضعتها العصابة على كل المستويات، وعلاقتها بعواصم غربية وعربية.

اللواء بشير- سعيد بوتفليقة- الجنرال توفيق

جوهر الصراع

وأوضح المحلل السياسي رابح لونيسي، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، أن خطابات قائد الأركان لم تخرج عن ورقة الطريق التي يريد تمريرها؛ وهي التطبيق الحرفي للمادة 102 التي تسمح للنظام بالبقاء مع تجديد الأشخاص فقط، مشيرًا إلى أن قائد الأركان سجن نفسه بين أسوار الدستور في مادته 102، قائلًا إنه عندما تستمع إلى قائد الأركان تشعر بشيئَين: إما أنه متعنّت في موقفه ولا يريد سماع مطالب الشعب، وإما أن التقارير التي تصل إليه تغالطه عن حقيقة هذه المطالب، متابعًا بأن ما يدعو إلى الاستغراب هو طلبه تأطير الحراك، وكأن هذا الحراك غير مؤطر بسلميته.

وواصل لونيسي: “جوهر الصراع اليوم هو حول مَن له الحق في اختيار الرؤساء ومسؤوليه، الشعب أم قيادة الأركان، ونعتقد أن الشعب الجزائري مُصر على استعادة سيادته كاملةً؛ خصوصًا بعدما اكتشف مدى فساد بوتفليقة الذي جاءت به مجموعة من جنرالات الجيش في 1999″، مضيفًا أنه تجنَّب ذكر تاريخ 4 يوليو؛ من أجل أن يترك المجال مفتوحًا للتأويلات ويزداد الحراك انقسامًا ونقاشًا حول موعد الاستحقاق.

رابح لونيسي

 

اقرأ أيضًا: الجزائر تتجه إلى حل دستوري بتوابل سياسية للخروج من الأزمة.

واستطرد المحلل السياسي: “برغم أن قائد الأركان أكد أن إجراء الانتخابات الرئاسية في البلاد يقطع الطريق أمام مَن يريد إطالة أمد الأزمة، ويجنب الوقوع في فخ الفراغ الدستوري؛ فإنه تجنَّب الكشف عن موعدها الذي يعتبر أحد أهم الملفات التي تهدِّد بنسف الرابطة الوثيقة بين الجيش والشعب، حيث إنه لم يتحدث عن تاريخ 4 يوليو، ولم يُشِر إلى موعد لاحق؛ وهو ما فُهم بأن الأمر مقصود منه المزيد من الانقسامات داخل الحراك الشعبي لإضعافه؛ لكن انتهاء آجال تقديم ملفات الترشّح وتصريح المجلس الدستوري بأنه لم يتلقَّ أي ملف، يجعلان الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو تسقط في الماء، وفي انتظار إعلان تأجيلها وتحديد تاريخ جديد لتنظيمها، ويكون بذلك قائد الأركان مستمرًّا في تمسكه بالإطار الدستوري وقد استجاب لمطلب الحراك بتأجيل الانتخاب في آن واحد”.

وحسب الناشط السياسي فاتح ربيعي، فإن خطابات قايد صالح تؤكد تمسُّك المؤسسة العسكرية بالحل الدستوري وأنها ليست مستعدة لتحمُّل تبعات الفراغ الدستوري، موضحًا في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، أن تجنبه الحديث عن انتخابات 4 يوليو يعطي الانطباع بإمكانية تأجيلها، وما يعزز هذه القراءة دعوته إلى الإسراع في تشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات، متابعًا: “في نظري أنه من السابق لأوانه الحكم على اتجاه المؤسسة العسكرية ومدى تمسُّكها برئاسيات 4 يوليو، قبل الإعلان الرسمي للمجلس الدستوري عن نتائج غربلة قائمة المرشحين لهذه الانتخابات”.

مؤشر إيجابي

ويعتقد مدير مركز “الحوار” الإعلامي محمد يعقوبي، أن تصريح قائد الأركان بإعطاء الأولوية لتشكيل لجنة لتنظيم الانتخابات، وحديثه لأول مرة عن لجنة تنظيم وليس لجنة مراقبة، هو مؤشر إيجابي نحو تأجيل الانتخابات، مشددًا على أن مربط الفرس وضمان نزاهة الانتخابات المقبلة ليس رحيل ابن صالح أو بدوي، بل تشكيل لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات لها كامل الصلاحيات يحتكم إليها ويرضى بحكمها الجميع، قائلًا: “إن هذا لن يتأتى إلا بآلية حوار أصبح من المهم إيجادها والتوافق حولها؛ للخروج من حالة الاستقطاب غير المبرر التي نعيشها منذ أسابيع، والاحتكام أولًا وأخيرًا إلى الصندوق الكفيل وحده بوضع البلد على سكة الاستقرار والنماء”.

مدير مركز “الحوار” الإعلامي محمد يعقوبي

اقرأ أيضًا: الجزائر .. صراع قائد الأركان ورئيس الاستخبارات السابق يهدِّد البلاد.

وتابع يعقوبي بأن قيادة أركان الجيش الجزائري حذَّرت ولا تزال تحذِّر من جهات تحقد على الجيش وقيادته، بلغت درجة أنهم أصبحوا فعلًا منزعجين من هذه الأشواط التطويرية التي قطعها جيشنا على أكثر من صعيد، هذا الانزعاج الذي وصل إلى حدود خطيرة هدفها الواضح هو محاولة إضعاف الجيش والوقوف مانعًا أمام هذا الجهد التطويري المعتبر، متجاهلين أن مَن يقف في طريق الجيش وقيادته ويعمل على عرقلة جهوده هو بالضرورة يقف ضد مصلحة الجزائر، في إشارة إلى مَن وصفهم بـ”العصابة وأذرعها وأبواقها”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة