الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية

خسارة إسلاميي المغرب في الانتخابات نتيجة متوقعة لسياسات خاطئة

لم يلبِّ حزب العدالة والتنمية طموحات الناخبين، واتخذ قراراتٍ غير شعبية، ودخل في صدامات عديدة خلال فترة تولي الحكم، ورغم تفاوت تفسيرات المحللين المتعددة بشأن أسباب خسارة التيار الإسلامي لشعبيته في البلدان التي وصلها بالانتخاب، فإن العامل المشترك بين جميع التفسيرات هو عدم قدرة قادة هذه التيارات على حلِّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

تلخيص كيوبوست

استعرض الدكتور فزور رحمن صديق؛ الزميل الباحث بالمجلس الهندي للشؤون العالمية، في مقالٍ نشره موقع المجلس، خسارة جماعة الإخوان المسلمين للانتخابات في المغرب بعد الهزيمة التي تعرض لها حزب العدالة والتنمية الحاكم عقب 10 سنوات من الصعود للسلطة كأحد المستفيدين من الأحداث التي بدأت في 2011 بالتزامن مع صعود تيار الإسلام السياسي في المنطقة؛ باعتباره قوة مؤثرة لفترة طويلة.

لكن وضع الصعود تغير سريعاً مع الإطاحة بإخوان مصر من السلطة عام 2013 وإجبار حركة النهضة على تقديم تنازلات في 2014 مرتبطة بقبول شراكات في السلطة، وصولاً إلى الإطاحة بالحكومة التي تهيمن عليها بقرار من الرئيس قيس سعيد في يوليو الماضي، ليكون إخوان المغرب آخر المنضمين لخاسري السلطة من تيارات الإسلام السياسي بالمنطقة.

 اقرأ أيضاً: حزب العدالة والتنمية بالمغرب وانتكاسة الثامن من سبتمبر

حلَّ حزب العدالة والتنمية في المغرب بالمرتبة الثامنة في الانتخابات البرلمانية التي جرَت الشهر الماضي، وحصد 13 مقعداً فقط بعدما كان يشغل 125 مقعداً في برلمان 2016، لتكون أقسى هزيمة للحزب الإسلامي في الانتخابات التي يشارك بها منذ عام 1997، حيث سعى الحزب طوال السنوات الماضية لاستغلال تآكل شعبية الأحزاب التقليدية، وتقديم نفسه كبديلٍ لها قادر على تولي الحكم.

البرلمان المغربي- وكالات

لكن هذه التجربة التي بقي فيها الحزب 10 سنوات، منذ تشكيل أول حكومة برئاسته، عقب التعديلات الدستورية التي جرت عام 2011، عكست تناقضاً واضحاً وعدم قدرة على التعامل مع المشكلات الحقيقية التي تواجه المواطنين، فتسببت سياسات الحزب في اكتساب العديد من الأعداء، وحتى مخططات العمل من أجل تقليص البطالة وحدة الفقر تسببت في استعداء الطبقة الوسطى والعليا، بجانب الإخفاق في بناء الثقة مع الإعلام، وافتقاد القدرة على إبراز أي أداء اقتصادي جيد.

ورغم تفاوت تفسيرات المحللين المتعددة بشأن أسباب خسارة التيار الإسلامي لشعبيته في البلدان التي وصلها بالانتخاب، فإن العامل المشترك بين جميع التفسيرات هو عدم قدرة قادة هذه التيارات على حلِّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ففي المغرب، على سبيل المثال، أصبح لدى المواطنين رغبة في تشكيل حكومة قادرة على تغيير ظروفهم المعيشية اليومية للأفضل، بعد إخفاق حكومة العدالة والتنمية في تحقيق ما وعدت به حول محاربة الفساد والبطالة والفقر.

 اقرأ أيضاً:  أزمة “كورونا” تكشف عن ضعف حكومة العدالة والتنمية في المغرب

يشير الدكتور فزور رحمن صديق إلى أن تصويت الناخبين المغاربة ضد الحزب ربما جاء بشكلٍ عقابي نتيجة الإخفاق الحكومي بالسيطرة على جائحة كورونا، بعدما أصبح المغرب من أكثر البلدان تضرراً في المنطقة، وسط اعتقاد لدى غالبية المواطنين بأن التعامل مع الجائحة وتبعاتها لم يكن في أولويات الحزب الحاكم بالرغم من آثارها السلبية على الشركات والمؤسسات العامة التي أغلقت أبوابها لأشهر، بينما لم تقدم لها الحكومة أية مساعدة، فمع ذروة الجائحة تراجع نمو الاقتصاد، وتزايد عجز الميزان التجاري، وخسرت السياحة، إحدى الركائز الاقتصادية الرئيسية، عائداتٍ تقدر بـ14 مليار دولار تقريباً في غضون عامين.

في المقابل، تبنتِ الحكومة العديدَ من الإجراءات غير الشعبية؛ مثل إلغاء الدعم عن البترول، واعتماد نظام تعاقدي في المدارس يحرم المعلمين من الأمان الوظيفي، وخفض سن التقاعد للمسؤولين الحكوميين، بالإضافة إلى خصخصة العديد من المدارس العامة، مما رفع كلفة الدراسة، من بين الإجراءات التي أسهمت في تراجع شعبية الحزب إطلاق مشروع استبدال اللغة العربية بالفرنسية في تخصص العلوم بخطوة تتناقض مع مبادئه؛ باعتباره حامل شعار الهوية العربية الإسلامية.

مشهد من إجراءات فرز وإحصاء نتائج الانتخابات المغربية- “هسبريس”

نتائج الحزب الأخيرة في الانتخابات شكَّلت صدمة ليس فقط بسبب التراجع الكبير في المقاعد التي فاز بها مرشحوه، لكن لأن العديد من الأعضاء البارزين فشلوا في الحفاظ على مقاعدهم، ومن بينهم رئيس الوزراء سعد الدين العثماني، وهو الأمر الذي يرجعه عضو في مقاله إلى عدم بلورة خطاب معين من الحزب، على مدار العقد الماضي، يوجه للناخبين فضلاً عن الصراع الموجود داخل الحزب بين شبابٍ لديهم تطلعات مختلفة ودعوات لمواكبة الواقع السياسي المتغير، وقيادات فقدت الحماس والطموح.

اقرأ أيضاً: حكومة “العدالة والتنمية” المغربية ترضخ للمقاطعين: أخيراً فهمتكم!

يشير الزميل فزور رحمن صديق إلى أن الحزب يحاول تفسير الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها باعتبار أن السبب فيها التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخابات الذي يعزز السياسة الائتلافية في الحكم، والذي جرَت الانتخابات بموجبه، لكن ما يمكن التأكيد عليه هو أن ما حدث للإسلاميين في المغرب جاء انعكاساً لواقع تيار الإسلام السياسي في المنطقة مع إخفاقهم في إحداث أي تغيير ملحوظ بالمجالات الاجتماعية والاقتصادية، لكن الفرصة أمام إخوان المغرب لم تغلق لأنهم لا يزالون يمارسون العمل السياسي، ويمكنهم العودة مرة أخرى للسلطة من خلال صناديق الاقتراع التي لفظتهم في الانتخابات الأخيرة، على العكس من أقرانهم في مصر وتونس.

يختتم فزور رحمن صديق مقاله بتأكيد التأثير السلبي وطويل الأمد الذي أحدثته سياسات العدالة والتنمية على الوضع الاقتصادي للأفراد، وأنه لا يمكن نسيانه من قبل الناخبين، بجانب ما تسببوا فيه من انقساماتٍ داخلية وفئوية؛ معتبراً أن نتيجة الانتخابات الأخيرة حملت رسالة مهمة بانتهاء عصر الانتخاب على أسسٍ أيديولوجية، وأن الشباب لم يعد رهينة للشعارات الدينية، وأن الناخبين باتوا مدفوعين بشكلٍ أكبر باحتياجاتهم ومتطلباتهم اليومية.

المصدر:icwa

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة