شؤون عربية

خبراء يوضحون: هذا هو موقف المغرب الفعلي من أزمات المنطقة

ما هي الأسس التي تعتمد عليها المغرب في علاقاتها الخارجية؟

كتب: رشيد العزوزي – المغرب

رغم تبني دول الخليج العربي الوازنة لقضية المغرب الأولى (الصحراء المغربية) -كما أكد على ذلك البيان الختامي للقمة المغربية الخليجية الأولى من نوعها سنة 2016- إلا أن المغرب لم يتبن موقفًا حاسمًا من الأزمة الخليجية مع قطر.

ويبدو أن للمغرب تقديرات خاصة سيجيب عليها خبراء مغاربة في هذا التقرير، أما عندما يتعلق الأمر بالخطر الإيراني في المنطقة، فقد اتخذ المغرب موقفًا ثابتًا وحاسمًا تمثل بقطع علاقاته الدبلوماسية، بمجرد تدخل طهران في الشؤون الداخلية للدول العربية، بما في ذلك البحرين واليمن.

اقرأ أيضًا: أين تقف دول المغرب العربي من الأزمة الخليجية؟

 

العلاقات المغربية الخليجية ضاربة في أعماق التاريخ

يرى الباحث في التاريخ الحديث والمعاصر رشيد بن عمر في اتصال مع كيوبوست أن الخليج العربي والمغرب شكلا على مر التاريخ العمق الإستراتيجي لبعضهما البعض، وعلى المستويات كافة، سواء منها السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني. ويقول ابن عمر: “إن المجال الأمني بات يفرض نفسه على العلاقات بالنظر إلى تعاظم قوة جماعات متطرفة في الساحل والصحراء، أو غطرسة وتجبر قوى إقليمية توسعية وتيارات تخدم أجندات أجنبية لا عربية”.

ويضيف ابن عمر أن “هذه العلاقات الضاربة في عمق التاريخ بحكم الدين واللغة والمصير المشترك، اتسمت بنوع من الانسجام التام والتكامل البناء، وهو ما يجب استحضاره في راهننا؛ لأن عالم اليوم سريع يتجه نحو تعدد الأقطاب، يعوّل فيه على التكتلات المنسجمة والمتجانسة والمتكاملة، القادرة على الاستجابة لتطلعات الشعوب العربية، للصمود في وجه هزات اقتصادية عالمية آخرها كان سنة 2008، ناهيك عن تحدي الأحزاب الدينية عربيًا، وتحدي التنامي السريع لليمين المتطرف في الغرب، الذي وصل إلى الحكم في بعض الدول، ويجاهر بعدائه للمصالح العربية والإسلامية”.

 

أزمة صامتة لكن العلاقات إستراتيجية وثابتة

من جهته، يؤكد الباحث في العلاقات الدولية محمد نشطاوي لكيوبوست على قوة ومتانة العلاقات المغربية الخليجية التي تكتسي طابعًا إستراتيجيًا، واستدل على ذلك بحجم الاستثمارات السعودية والإماراتية بالخصوص، وكذلك حجم العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني، الذي كان آخره مشاركة المغرب في التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن. 

اقرأ أيضًا: لماذا لم يصدر الملك المغربي عفوًا عن معتقلي الحراكات الشعبية؟

يقول نشطاوي: “أعتقد أن تصويت السعودية والإمارات ضد استضافة مونديال 2026، هي النقطة التي جعلت البعض يتحدث عن أزمة صامتة؛ خصوصًا بعد عدم مجاراة المغرب للسعودية والإمارات والبحرين ومصر في قطع العلاقة مع قطر، وإصرار المغرب على لعب حياد إيجابي في هذه الأزمة، في الوقت الذي ترى فيه دول الخليج أن هذه الأزمة خطيرة جدًا، نظرًا لحجم العداء القطري الذي يحرك بأياد إيرانية لزعزعة استقرار المنطقة، وعليه لا بد لكل الدول أن تكون في صف الإمارات والسعودية للجم هذه التحركات”.

وكان تحقيق صحفي مغربي كشف عن استغلال قطر لأراض مغربية تستخدمها كمحميات طبيعية، لكنها في حقيقة الأمر تخدم علاقة قطر بجبهة البوليساريو المعادية للمغرب. ومما زاد الجدل حول هذه العلاقات، قيام الخطوط القطرية بتخصيص طائرة خاصة لنقل كبير الجبهة “إبراهيم غالي” إلى زامبيا، وما تناولته أحاديث غير رسمية، حول قيام البوليساريو بفتح المجال أمام قطر للاستفادة من الثروة الحيوانية في هذه المناطق، مقابل القيام بـ”أعمال مشبوهة”، بحسب ما كشف التحقيق.

فيما يقلل “نشطاوي” من أهمية ما يثار في بعض وسائل الإعلام حول توتر العلاقات المغربية الخليجية قائلًا: “الأزمات الصامتة بين الدول العربية كثيرة، وقد تكون ما تمر به العلاقات المغربية الخليجية واحدة منها، إلا أنها ستعود إلى قوتها وعنفوانها، خصوصًا أنه حتى الآن لم يصدر أي بيان رسمي حقيقي من الجانبين يؤكد بالملموس أن هناك ما يستدعي القلق نهائيًا”.

 

تشابه في أنظمة الحكم وتكامل في الاقتصاد

أما البشير المتقي الباحث في العلوم السياسية فقال في اتصال مع كيوبوست إن المتتبع للعلاقات المغربية الخليجية يقف عند مجموعة من المحطات التاريخية التي جمعت المملكة المغربية بهذه البلدان، خصوصًا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تتقاسم مجموعة من المقومات السياسية، باعتبارها أنظمة ملكية اعتمدت نهج الإصلاح المتدرج والدعم المتبادل، مما مكنها من تجاوز مرحلة الحراك الذي عم أغلب البلدان العربية، وبالتالي بقي سؤال الإصلاح ومساره الورش المفتوح لدى هذه الدول التي راكمت تقدمًا مهمًا على أكثر من صعيد.

“فعندما نتحدث عن عمق العلاقات نجدها ارتبطت بشكل كبير بعهد الملك المرحوم الحسن الثاني الذي عبر خلالها المغرب عن مواقف متميزة، تدعم وحدة الدول وتدافع عن الشرعية الدولية مند أزمة الكويت؛ بل نجد المملكة المغربية من بين الدول الداعمة للشرعية السياسية في اليمن، وما انخراطه في عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية، والدعم الدائم لوحدة البلاد، إلا دليل على ذلك”، يضيف.

اقرأ أيضًا: تراكم أزمات المغرب في عهد الإخوان، فهل من خطط لإنقاذ البلاد؟

ونوه المتقي إلى أهمية الجانب الاقتصادي الذي يشكل عنصرًا أساسيًا في العلاقات المغربية الخليجية، مذكرًا بحجم المبادلات الاقتصادية القياسي في المنطقة، وذلك بتوقيع أكثر من 60 اتفاقية تعاون بين المغرب والإمارات تغطي مجالات كثيرة.

وتابع المتحدث: “حسب بعض الدراسات، تعتبر الإمارات العربية المتحدة أول مستثمر عربي وثالث مستثمر أجنبي مباشر في المغرب، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عمق العلاقات السياسية والإستراتيجية بين هذه البلدان؛ لأن الجانب الاقتصادي يعتبر مدخلًا مفسرًا في ظل المتغيرات الدولية والاتجاه الكبير لبناء التحالفات التي تتأسس على منطق المصالح الاقتصادية بشكل كبير، علمًا أن ما يجمع هذه البلدان يتأسس على عناصر حضارية وتاريخية عميقة”.

ويضيف: “كما يعد الرهان على تحقيق التقدم والنماء والحفاظ على السلم والأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب أحد الرهانات الأساسية في أجندة هذه الدول، لا يمكن بناء مواقف أو تحاليل منطقية على أساس لحظات عابرة أو مواقف سياسية غير رسمية، في ظل التحولات الجيوستراتيجية التي يعرفها المجتمع الدولي، الذي يتجلى في مجموعة من بؤر التوتر في المحيط الجغرافي العربي”.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة