الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

خبراء يناقشون الأعطال المتزايدة للدرونز التركية في ليبيا

تيد كارسيك لكيوبوست: هناك شكوك حول نجاحها العملياتي في أوكرانيا وقطر

كيوبوست

“نجحت مضادات الجيش الوطني الليبي في إسقاط عدد من الطائرات التركية المسيرة في سماء ليبيا في الآونة الأخيرة”، يُعيد هذا الخبر، الذي تناقله عدد من وكالات الأنباء، إلى ساحة النقاش مجددًا موضوع كفاءة القدرات القتالية والعسكرية للطائرة دون طيار (الدرون) التركية الذائعة الصيت، من طراز “Bayraktar TB-2″، وناقشت التقارير الموضوع من زوايا عدة؛ سواء تلك التي تهتم بقدرات زُعم أن الطائرة تمتلكها، والتي تنفيها وثائق سبق أن سربت في مايو الماضي، أو بيعها إلى قطر في صفقة ضخمة. وبين هذه الأخبار والتقارير يظل التساؤل الرئيسي حول حقيقة قدرات الطائرة التي تبدو منقوصة، والمساعي التركية لإخفاء هذه الحقائق؛ حتى لا تضر بصناعتها العسكرية.

الوثائق المسربة حول قدرات الطائرة

في 11 مايو الماضي، نشر موقع “نورديك مونيتور” المعني بتتبع الدعم التركي لتنظيم داعش، تقريرًا يتضمن وثائق مسربة، وقد أعاد عدد من المواقع نشر هذا التقرير؛ أبرزها الموقع اليوناني الذي يهتم بالأخبار العسكرية “ptisidiastima“. تدور هذه الوثائق حول أعطال طارئة تصيب الطائرة من طراز “”Bayraktar TB-2، وأن إحدى العمليات ذات الأهمية التي كان يجب أن تقوم بها الطائرة تأخَّرت بسبب هذا العطل، وأضافت الوثائق أن المسؤولين عن الصيانة قد أفادوا أن إصلاح هذا العطل يتطلب 45 يومًا.

اقرأ أيضًا: السوق المغربية تختنق بسبب اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا

تقف هذه التسريبات في مواجهة التقارير التي سبق أن نشرتها تركيا، والتي تزعم فيها وجود مميزات ضخمة للطائرة وللصناعات التركية العسكرية، ويبدو أن هذه التقارير كانت تضع نصب أعينها الصفقات التي سعت لها تركيا مع قطر وعدد من الدول الأخرى؛ حيث إن الطائرات التركية الجديدة يتم إنتاجها من خلال شركة يمتلكها زوج ابنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي نفَّذ عددًا من الصفقات مع قطر وحكومة السراج في ليبيا. وتشير التقارير إلى اتهامات للرئيس التركي باستغلال نفوذه؛ للتوسع داخل الدولة وتمكين أفراد عائلته من مفاصل البلاد، بما فيها الجيش؛ لا سيما أن الأنشطة الخاصة للشركة تضخمت بصورة كبيرة منذ زواج مالكها سلجوق بيراقدر، من سمية نجلة أردوغان الصغرى، قبل ثلاث سنوات. ورغم أن بداية النشاط العسكري لشركة عائلة بيراقدر، يعود إلى عام 1948 ودخولها مجال تصنيع المعدات الجوية قبل نحو عقد من الآن؛ فإن الشركة تحولت إلى المصنع الرئيسي لتصنيع الطائرات “الدرونز” التي كان قد بدأ إنتاجها على نطاق محدود، لتتحول وتكون الطائرات التي يعتمد عليها الجيش التركي بشكل رئيسي.

عيوب واضحة في هذا الطراز

حسب عسكريين، فإن الطائرات التركية من دون طيار تعتبر متواضعة القدرات؛ خصوصًا إذا قورنت بنظيرتها الصينية من طراز “وينج لونج 2” (Wing Loong II)، فالأخيرة تتمتع بمواصفات فنية تفوق الطائرات التركية “Bayraktar TB2″؛ ففي حين تستطيع “وينج لونج 2” حمل حمولة وزنها 480 كيلوجرامًا، فإن الطائرة التركية تستطيع حمل 55 كيلوجرامًا فقط؛ أي أن الطائرات الصينية تكون قادرة على حمل عدد أكبر من الصواريخ مقارنةً بنظيرتها التركية. ومن جهة ثانية، فإن “وينج لونج 2” يتم توجيهها من خلال الاتصال بالأقمار الصناعية؛ في حين أن “بيرقدار” يتم التحكم فيها عبر الترددات اللا سلكية في خط البصر، الأمر الذي يعرضها إلى التشويش عليها بسهولة نسبيًّا، كما أن وجود أي عوائق طبيعية؛ مثل الجبال أو غيرها، سوف يقطع الاتصال بين المحطة الأرضية والطائرة.

ويقول الطيار العسكري المتقاعد اللواء محمد أبو بكر: “إن طائرات الدرون يفترض أن تكون قدرتها على إصابة الأهداف عالية للغاية، ولا تتعرض إلى الأعطال والسقوط بسهولة؛ وهو ما لا يتسق مع الطائرات تركية الصنع، التي تتجاوز فيها نسبة الأعطال والسقوط المعدلات الطبيعية لمثل هذا النوع من الطائرات؛ الأمر الذي يعكس عيوبًا خطيرة تقلل من قيمتها السعرية، وهو ما يفترض أن تدركه الجهات التي اشترتها”.

الطيار العسكري المتقاعد اللواء محمد أبو بكر

وأضاف أنه رغم التقنية الحديثة التي يفترض أنها مزودة بها؛ فإن نسبة الأعطال المتزايدة فيها تجعل هناك خطورة في استخدامها، مشيرًا إلى أن هناك طائرات تصنعها دول أخرى أكثر تقدمًا وبنفس الأسعار التركية تقريبًا؛ وهو ما يجعل الطائرات التركية خيارًا أخيرًا لأي مشترٍ لا يريد إهدار أمواله.

التجربة خير دليل

لا يقتصر الأمر على آراء نظرية للخبراء حول عيوب الطائرة التركية؛ بل إن التجربة في العمليات الفعلية يمكن أن تكون مؤشرًا على ذلك. وفي ضوء الأخبار التي تواترت حول تمكن المدفعية الليبية من إسقاطها، وعن تاريخ هذه الطائرة العملياتي، يذكر الدكتور تيد كارسيك، كبير الخبراء العسكريين في مركز تحليلات دول الخليج “Gulf State Analytics”، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، أنه “منذ عام 2018، شيدت تركيا مرافق الطائرات من دون طيار؛ مثل حظائر الطائرات وأبراج الاتصالات في لييا، وتعتبر هذه المرافق ضرورية؛ لأن غالبية الطائرات من دون طيار التركية لديها نطاق تشغيلي محدود بنحو 100 ميل. كما شاركت في غارات جوية ضد المنظمات الكردية في 11 محافظة على الأقل في جنوب شرق تركيا. كما تم استخدامها في 5 عمليات على الأقل عبر الحدود في سوريا والعراق في أثناء عملية (نبع السلام). لكن يظل تقييم مدى نجاحها في أداء مهماتها أمرًا غير محدد بدقة، ولا تتوفر إجابات حقيقية مع شكوك حول نجاحها العملياتي سواء في ليبيا أو من قِبَل مشغلين آخرين لها من البلدان التي تتلقى تدريبات على هذه الطائرات؛ مثل قطر أو أوكرانيا”.

اقرأ أيضًا: قطر غير مستعدة للتخلي عن إيران وتركيا.. فهل المصالحة الخليجية ممكنة؟

الدكتور تيد كارسيك

الصفقة التركية- القطرية

تعتبر قطر عميلًا مهمًّا لتركيا في هذا المجال، ووَفقًا لما ذكره الدكتور كارسيك لـ”كيوبوست”: “في 2012 وقِّعت مذكرة تفاهم بين تركيا وقطر؛ لتوفير التعاون في مجال صناعة الدفاع، واشترت قطر الطائرات العشر الأولى دون طيار التي أنتجتها تركيا كجزء من صفقة بقيمة 120 مليون دولار لبيع سلع دفاعية تركية إلى قطر خلال عام واحد. وبعد مرور عام على بدء المقاطعة الخليجية، شهد معرض الدفاع البحري الدولي الذي عُقد في الدوحة في مارس 2018، توقيع اتفاقية لتزويد الجيش القطري بست طائرات من دون طيار من طراز (بيرقدار TB2)، فضلًا عن 3 أنظمة ومعدات محطة التحكم الأرضية، ونظام محاكاة تدريب الطيارين، وأيضًا مركز تشغيل الطائرات وبرامج تتبع البيانات وأرشفتها، وكجزء من الصفقة نفسها تم تدريب فريق قطري مؤلف من 55 شخصًا حول استخدامها”.

فالسؤال المطروح إذن في مثل هذه الحالة؛ هو: هل اشترت قطر الوهم من تركيا؟ وهل شاركها السراج في الأمر ذاته؟   

رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري اللواء متقاعد نصر سالم، قال لـ”كيبوست”: “إن صناعة الطائرات الدرونز لم تعد معضلة في العالم الآن؛ فطلاب كليات الهندسة بالجامعات أصبحوا يقومون بصناعتها، ولكن صناعة النوع العسكري منها والنجاح في تزويده بأحدث الإمكانيات هو الذي يعكس الفارق، والذي غاب عن الطائرات التركية التي يحاول الرئيس التركي تجميلها”، مضيفًا: “المعادلة الخاصة بصناعة هذا النوع من الطائرات مفهومة بشكل واضح وقائمة على أن تكون الصناعة تركية بتمويل قطري، ويتم اختبارها على الأرض في ليبيا، فهذه الطائرات بحاجة إلى ساحات حروب من أجل اختبارها”.

اللواء متقاعد نصر سالم

وأشار رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق إلى أن إسقاطها من قِبَل الجيش الوطني الليبي عكس عدم الجدوى منها؛ فهي ليست سلاح ردع كما يحاول الأتراك تصويرها، بالإضافة إلى أن كلفة إنتاجها بالمواصفات التي عرفت عنها تعتبر قليلة، وأمامها كثير من الوقت ليتم تحسين قدرتها؛ وهو ما يجعل ليس هناك طلب عليها من أية دولة حتى الآن بخلاف قطر التي تمول تصنيعها وتطويرها ولا تستفيد من شرائها بشكل فعلي”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة