الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية

خبراء يشككون في خروج سلطنة عمان عن دورها الحيادي

كيوبوست

بعد الأخبار المتفرقة التي نُشرت في وسائل الإعلام التركية حصراً عن وجود استعدادٍ لإنشاء قاعدة عسكرية في سلطنة عمان، وتوافق من السلطنة على دعم جهود أنقرة لإنشاء قاعدة تركية على أراضيها، استطلع “كيوبوست” آراء عددٍ من الخبراء الذين أجمعوا على استحالة خروج السلطنة عن دورها الحيادي، وتهديد أمن جيرانها الخليجيين…

د.هشام الغنام

د.هشام الغنام- كبير الباحثين بمركز الخليج للأبحاث في كامبريدج

تشهد العلاقات العمانية مع المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات خصوصاً، انفتاحاً وتطوراً في مجالات حيوية شتى. هذا التقارب السياسي ينعكس على ملفات مختلفة؛ منها الاقتصادي عبر لجنة اقتصادية مشتركة، وافتتاح المنفذ البري، ومبادرة أكبر من القطاع الخاص السعودي نحو عمان، وكذلك الملف الدفاعي الذي بدوره سينعكس على أمن الخليج برمَّته، وأمن دوله وأمن المضائق المائية؛ مما سيصب في مصلحة عمان مباشرة. وأتوقع تقارباً أكبر في وجهات النظر في الفترة القادمة، وتنسيقاً عالي المستوى بين عمان والمملكة؛ خصوصاً في ما يتعلق بملف اليمن وتوابعه من تشديد لعمليات التهريب على الحدود اليمنية- العمانية، سواء أكانت برية أم بحرية.

د.دنيس ساموت

د.دنيس ساموت- مدير مؤسسة “لينكس يورب”

هناك قصة خبرية تتكهن بإنشاء قاعدة بحرية تركية في عمان، تم استخدامها في الأيام الأخيرة بطريقة رخيصة إلى حد ما؛ لإثارة الخلاف بين مسقط وبعض جيرانها. وقد حافظت عمان، في عهد سلطانها الجديد، هيثم بن طارق، الذي تولى قيادة البلاد قبل بضعة أشهر فقط، على مسار ثابت في السياسة الخارجية.

ولا يزال ذلك المسار يستند إلى الإرث الذي تركه السلطان قابوس، الذي قاد طوال فترة حكمه الطويلة علاقة حساسة ومتوازنة بدقة مع البلدان المجاورة التي غالباً ما تكون في صراعٍ مع بعضها بعضاً. وإن اقتراح أن تنضم عمان إلى تحالف ما بقيادة تركيا ضد واحدة أو أخرى من جيرانها، هو مجرد خيال.

 اقرأ أيضاً: هل تحيد عمان عن دورها السلمي المهم في المنطقة؟

وتتمتع تركيا وعمان بعلاقات جيدة على مر السنين، حتى في مجال الدفاع البحري. فقد زار قائد البحرية التركية عمان في عام 2014، ووصل وفد رفيع المستوى من البحرية التركية إلى مسقط مؤخراً في فبراير الماضي. وكدولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقدراتها البحرية متوسطة الحجم، تحتفظ تركيا بعلاقات مع مجموعة من البلدان.

اقرأ أيضاً: كيف تغير السلوك البحري الإيراني في الخليج بين فترتي أوباما وترامب؟

فهذا الأسبوع على سبيل المثال، نفذت القوات البحرية التركية والأمريكية تدريبات بحرية مشتركة في وسط وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​بمشاركة الفرقاطة “كمال ريس” التركية، من طراز “بارباروس”، وحاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس أيزنهاور”. ومن المتوقع أن تستلم تركيا أول حاملة طائرات لها العام المقبل.

ومن جانبها، كانت للبحرية العمانية الملكية دائماً مساحة تصرُّف أكبر قليلاً في ما يتعلق بإدارتها العلاقات الدولية؛ حيث تتميز عن الجيش والقوات الجوية اللذين ينظران تقليدياً وبشكل أكثر نحو بريطانيا والولايات المتحدة. وبالتالي، فإن العلاقة بين البحرية التركية وعمان ليست بالشيء غير العادي.

وعلاوة على ذلك، فلا يزال سعي عمان لعلاقات حُسن الجوار قوية وثابتة. وقد يخيب أمل أولئك الذين يحاولون بث الخلاف.

مروان البلوشي

مروان البلوشي- باحث دكتوراه من الإمارات في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة إدنبره البريطانية

يُطلق الأتراك شائعات جديدة هذه الأيام عن استضافة مدينة البريمي العمانية قاعدة عسكرية للجيش التركي. التوقيت غير مفاجئ، فهناك مواجهة مباشرة بين الدول العربية الفاعلة (الإمارات والسعودية ومصر) وتركيا في بعض بلدان المنطقة العربية.. ولأن القوة الإماراتية الصلبة توجد بفعالية في ليبيا، يبدو أن أنقرة قررت إرسال رسالة إلى أبوظبي بأنها راغبة في نقل الخطر من شمال إفريقيا إلى حدود الإمارات نفسها.

العمانيون يدركون جيداً أن السلطنة بجغرافيتها المهمة هي البوابة الشرقية للجزيرة العربية وبالذات الإمارات، علاوة على ذلك فإن سياسة مسقط الخارجية المتوازنة ذات الصوت البراغماتي؛ والتي فضلت دائماً تهدئة الإقليم والابتعاد عن نيرانه، لن تقبل الآن أن تكون مصدراً مباشراً لتهديد أمن الإمارات القومي، التي هي عمق اقتصادي واجتماعي وأمني للسلطنة.

اقرأ أيضًا: السلطان قابوس الذي أخرج دولته من العصور الوسطى

وسلطان عمان الجديد هيثم بن طارق، وريث لتقاليد جيوسياسية عريقة، يقبع في أعماق ذاكرتها تاريخ من الحرص على الموازنة بين القوى الإقليمية المختلفة؛ ولكن أيضاً حراسة الأمن العماني، وإن كان من الصعب -في اللحظة الحالية على الأقل- أن نرى تغيرات سريعة في سياسة مسقط، إلا أنها لن تفرط في جيرة إماراتية مؤثرة وباقية بطبيعة الحال مهما تغيرت عناوين وموازين القوة في المنطقة.

ولا نعرف حتى الآن جدوى وعقلانية الحسابات التركية من وراء إطلاق هذه الشائعات. فأنقرة بذلك تسيء تقدير محركات وثوابت السياسة العمانية، كما أنها تزيد من قناعة القيادة الإماراتية بأن مواجهة مشروعات الرئيس أردوغان هي أولوية كبرى مهما طالت. النتيجة أن أنقرة نجحت في ما تمرست عليه مؤخراً: تأليب الآخرين ضدها…”.

عادل مرزوق

عادل مرزوق- صحفي بحريني ورئيس تحرير البيت الخليجي للدراسات والنشر 

لسلطنة عمان شريط ساحلي يبلغ طوله نحو ألفي كيلومتر، وحدود برية تتجاوز الألف كيلومتر بتضاريس صحراوية وجبلية، هذا العامل وعوامل أخرى أثَّرت تاريخياً، وتؤثر اليوم، بشكل واضح على تموضعات السلطنة وسياساتها الخارجية التي ترتكز على مبدأ الحياد، وتجنب الدخول في أي صراعات إقليمية معقدة.

وإذا كانت حالة “التمايز” العمانية في سياساتها الخارجية قد تبدو غير مفهومة في بعض الأحايين؛ إلا أن ذلك لا ينفي التزامها الكامل بأمن دول الخليج، والحفاظ على خصوصيته، وعلاقاتها بدوله. وعليه، فلا يبدو الحديث عن قاعدة تركية على الأراضي العمانية أكثر من مناكفة إعلامية من إسطنبول أو تكتيك -لا يخلو من الخفة- لجس النبض؛ وهو ما لن يعجب العمانيين أنفسهم.

منذ عام 2003، مع صعود الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، ترسم تركيا سياساتها الخارجية بناءً على شهية مفتوحة للوجود العسكري والتأثير السياسي خارج حدودها. ولا يُرجح أن تكون مسقط غافلة عن ذلك، وعن الحساسيات الخليجية التي قد يخلقها وجود قاعدة تركية على أراضيها. لا يجب إغفال أن هذه الحساسيات أيضاً ستمتد إلى المملكة المتحدة بوصفها الحليف السياسي والعسكري التاريخي للسلطنة منذ القرن السابع عشر، ولواشنطن التي تربطها مع السلطنة علاقات وازنة.

ترتكز السياسة الخارجية لجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، على ذات الثوابت والأسس لسلفه السلطان قابوس بن سعيد (رحمه الله)؛ وهي سياسة تتسم بالحكمة والاعتدال وتفعيل دور عمان باعتبارها الوسيط المقبول من جميع الأطراف في شتى الأزمات السياسية التي تشهدها دول المنطقة. وهو مسارٌ أثبت نجاعته وفعاليته وملاءمته للعمانيين؛ قيادة وشعباً.

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة