الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
خاص لـ”كيوبوست”.. هفرين خلف.. تفاصيل اللحظات الأخيرة
".. كانت فتاة محبوبة ومثقفة ومحبة لوطنها سوريا وقوميتها الكردية؛ لكن ذلك لم يمنعها من أن تكون جسرًا بين العرب والأكراد وجميع المكونات التي تعيش هنا.. كانت تبحث عن التعايش السلمي، وتريد أن يعمّ السلام هذه المنطقة من العالم".

كيوبوست – خاص
حالة تخبُّط عاشتها الصحافة التركية؛ خصوصًا تلك المؤيدة للحكومة، بعد إعلان مقتل الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل الكردي هفرين خلف، رفقة سائقها، برصاص جماعات مسلحة موالية لأردوغان في شمال شرق سوريا.
صحيفة “يني شفق” القومية الإسلامية، المقربة من النظام التركي، أيَّدت وبقوة هذا الاعتداء الذي وصل إلى حد التمثيل بجثة امراة مدنية لا تحمل السلاح، وكتبت في تغريدة: “في أعقاب عملية ناجحة، فإن الأمينة العامة لحزب المستقبل السوري، المرتبط بالحزب السياسي الإرهابي PYD، قد أُعدمت”.
اقرأ أيضًا: تداعيات التدخل التركي في شمال شرق سوريا
وبعد ساعات على نشر التغريدة، أقدمت الصحيفة على مسحها من موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، كما أزالت المقال المتعلق بها من على موقع الصحيفة الرسمي؛ ولكن الصحف التركية دأبت على تكرار نفس المعلومات وبنفس النبرة: “المنظمة الإرهابية في حالة صدمة.. أحد قادتها قد أُعدم”؛ وهو العنوان الذي اختارته صحيفة “يني عقد” الموالية للحكومة.
شُجاعة تسعى للسلام
“كيوبوست” حاول التواصل مع عائلة السياسية الكردية، وتمكَّن من الحديث إلى أحد المقربين منها؛ لكنه فضل عدم الكشف عن هويته؛ خشية بطش تلك الجماعات المسلحة به، أو تعرُّض أحد أفراد عائلته إلى الأذى، كما أخبرنا بصراحة.
لكنه استطرد، قائلًا: “قصة هفرين، الفتاة ذات الخمسة والثلاثين ربيعًا، يجب أن يسمعها الجميع؛ كانت فتاة محبوبة ومثقفة ومحبة لوطنها سوريا وقوميتها الكردية؛ لكن ذلك لم يمنعها من أن تكون جسرًا بين العرب والأكراد وجميع المكونات التي تعيش هنا، كانت تبحث عن التعايش السلمي، وتريد أن يعمّ السلام هذه المنطقة من العالم”.
ويبدو أن التوجهات السياسية التي كانت تحاول هفرين نشرها، لم تكن محل رضا الجماعات المتطرفة في تلك المنطقة؛ فكان استهدافها أمرًا محتومًا، رغم أنها لم تنتهج مسيرة أمنية أو عسكرية، بل اختارت بعد تخرجها في كلية الهندسة جامعة حلب عام 2009، الانضمام إلى منظمات المجتمع المدني، والعمل على كل ما من شأنه تحقيق السلام في منطقة تعيش صراعات تاريخية من أجل البقاء.
تفاصيل الساعات الأخيرة
في يوم السبت 12 أكتوبر الجاري، كانت خلف تستعد لعقد اجتماعات مهمة، بعد أن أعلنت على الموقع الرسمي للحزب موقفها الرافض للعدوان التركي وتوغله داخل الأراضي السورية قبل يوم واحد فقط، واستقلت سيارتها رفقة سائقها؛ ليتوجها إلى مكان الاجتماع، لكن عناصر من فصيل يُطلق عليه اسم “أحرار الشرقية” كانت تتربص بها على الطريق الدولي بين حلب والقامشلي.
مصدرنا أكد هذه المعلومات، لكنه أضاف: “هفرين خلف لم تكن على علم بهروب مجموعات كبيرة من المتطرفين وعائلاتهم بمساعدة قوات تركية من مخيم عين عيسى المجاور، وهو المحيط الذي أُعدمت فيه خلف؛ تحديدًا بين بلدتَي تل تمر وعين عيسى، وهذا الطريق الدولي مؤمن جيدًا بعدة حواجز تابعة لقوات سوريا الديمقراطية”. وحسب المصدر، فإن “تلك العناصر أقدمت بدايةً على إعدام جنود أكراد عند أحد الحواجز، وأخذت مكانها بانتظار وصول السيارة المستهدفة التي كانت سوداء من نوع الدفع الرباعي، ويُقال إنها مصفحة”.
اقرأ أيضًا: بوتين: الغزو التركي لسوريا قد يُطلق سراح آلاف الدواعش
يستطرد المصدر: “يبدو أن إطلاق نار كثيف قد تم باتجاه السيارة، فحاولت السياسية الكردية وسائقها الخروج من السيارة بعد استهداف الزجاج والإطارات، إلا أن الوقت لم يسعفهما وتم إعدامهما والتمثيل بجثتَيهما؛ بل وتصوير أحد المقاطع الأكثر بشاعةً وألمًا، لتوثيق تلك الجريمة”.
هفرين خلف هي الفتاة الوحيدة لعائلتها بعد مقتل شقيقتها خلال عمليات خاضتها مع قوات سوريا الديمقراطية، يضيف المصدر: “أحد المسلحين الذين أقدموا على إعدامها، أخذ هاتفها واتصل بوالدتها في اللحظة نفسها؛ ليخبرها بمصير ابنتها، وهو الأمر الذي تسبب في انهيارها على الفور”.
اقتلوا.. لكن لا تنشروا
منذ يوم السبت الماضي، ظهر عديد من مقاطع الفيديو الخاصة بإعدامات نُفذت بحق المدنيين العزل على الشبكات الاجتماعية. ويبدو أن الانتقادات التي طالت أنقرة منذ ذلك الحين، دفعها إلى اتخاذ تدابير لتنظيم أو منع نشر مثل تلك المقاطع؛ لهذا فقد أقدمت قيادة الجيش الوطني السوري (وهي منظمة تضم مختلف الميليشيات السورية الموالية لتركيا) على إصدار بيان صحفي، نشرته على موقع “تويتر”، يمنع مقاتليها من نشر مقاطع فيديو عن ساحة المعركة، وَفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الكردية- العراقية.