الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
حماس والأردن.. هل من عودة للعلاقات؟
عدم مشاركة حماس في الحرب الأخيرة بين "الجهاد" وإسرائيل قد يشجع الأردن لتبني مقاربةٍ جديدة مع الحركة لكن الحذر يبقى سيد الموقف

كيوبوست
يبدو أن حركة حماس تبحث عن إعادة علاقاتها مع دول الجوار، تمهيداً لتسلم السلطة الفلسطينية حال إجراء انتخابات، حسبما يرى خبراء ومحللون تحدثوا إلى “كيوبوست”. فبعد نحو شهرين من الحديث عن إعادة العلاقات مع سوريا بعد 10 سنوات من القطيعة، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” تقريراً مطلع الأسبوع الجاري، يشير إلى إحتمالية عودة العلاقة بين الحركة الفلسطينية المنتمية لجماعة الإخوان، وبين المملكة الأردنية المقطوعة منذ نحو 20 عاماً.
اقرأ أيضاً: هل يقبل السوريون عودة “حماس” إلى دمشق؟
وبحسب التقرير، أعادت زيارة زعيم حماس خالد مشعل إلى الأردن فكرة احتمالية عودة العلاقات بين المملكة والحركة المحظورة داخل البلاد منذ عام 1999، بعد اتهاماتٍ وجِّهت إليها بشأن القيام بأنشطة غير مشروعة. وتسمح الحكومة الأردنية لقيادات الحركة بدخول أراضيها، بين فترة وأخرى، لزيارة ذويهم الذين يقيمون في الأردن، أو حضور واجبات العزاء، وزيارة قبور المتوفين من أهاليهم.

وزار مشعل، الشهر الماضي، الأردن لمدة أسبوعين، ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصادر أردنية وفلسطينية قولها، إنها زيارة خاصة للقاء أفراد الأسرة والأقارب. وبعد الزيارة، دعا عددٌ من السياسيين والأكاديميين الأردنيين حكومتهم إلى إعادة العلاقات مع حماس، في ندوةٍ نظمها مركز دراسات أردني. ما أثار التساؤلات حول الفائدة التي قد تعود على الأردن حال إعادة العلاقات، وكيف تضمن الحكومة الأردنية عدم استئناف حماس لأنشطتها غير المشروعة على أراضي المملكة.
تفاؤل حذر

وقال وزير الدولة الأردني السابق للشؤون القانونية، محمود الخرابشة، إن العلاقة بين حماس والأردن تتصف بالاستقرار تقريباً، وطرأت تطورات قد تساهم في زيادة التقارب بين الجانبين، من بينها مؤشرات نحو تطور إيجابي في هذه العلاقة من خلال سماح الأردن لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، ورئيس الحركة بالخارج خالد مشعل، بزيارة المملكة.
وأضاف الخرابشة في تصريحاتٍ أدلى بها إلى “كيوبوست”، أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل العلاقة بين الأردن وحماس، على الرغم من أن المعلومات تشير إلى أنها تتجه نحو التحسن، لكن بحذر، وحماس تعلم حساسية الموقف الأردني، علماً بأن السياسة الأردنية تتسم بالمرونة، وتترك أبواب تعزيز علاقاتها مفتوحة.
اقرأ أيضاً: “حماس” وإسرائيل.. مكاسب متبادلة على حساب الجهاد!
وأعاد الخرابشة التأكيد على أن الأردن يعمل بحذرٍ شديد، ولديه أجهزة أمنية قادرة على أن تحمي البلاد، وتتعامل مع حماس وغيرها من التنظيمات، وجهاز المخابرات الأردني من أكثر الأجهزة الأمنية قدرة على التعامل مع مثل هذه التنظيمات، ومعرفه حقيقة نواياها وأهدافها، كما أن المواطن الأردني على درجةٍ من الوعي واليقظة التي لا تسمح لحماس، ولا غيرها، بالعبث بأمن الأردن واسقراره.

مقاربة جديدة
وقال المحلل السياسي الأردني، الدكتور منذر الحوارات، إن مقترح إعادة العلاقة بين الأردن وحماس شكل من أشكال التوازن، يريد الأردن أن يحصل عليه في علاقته مع الفلسطينيين، ولا يمكن لأحد أن يغفل أن حماس قوة موجودة على الأرض، تعترف بها وتتعامل معها دول كثيرة، حتى إسرائيل نفسها، وليس من الذكاء أن يستمر الأردن في تجاهلها وعدم التعامل معها، على اعتبار أن هناك خلافات سابقة بين الطرفين.

وأضاف الحوارات في تصريحاتٍ أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن الأردن كان -ولا يزال- يعوِّل على السلطة الفلسطينية، ومكانتها كشرعية معبرة عن الفلسطينيين، لكن ابتعاده عن حماس أضاع عليه فرصاً كبيرة للتدخل في الصراعات التي نشبت في المرحلة الماضية، وهذا أضعف دوره في القضية من هذه الناحية.
اقرأ أيضا: الصراع بين الفصائل المسلحة يطرح تساؤلاتٍ حول مصير حماس!
واستطرد المحلل السياسي الأردني: حماس تخلت عن استراتيجيتها السابقة، ويبدو أنها تتمنى مقاربة جديدة في الصراع مع إسرائيل، ولاحظنا هذه الاستراتيجية من خلال مفاوضات ومناقشات مع تل أبيب حول قضايا متعلقة بالصراع، وفي الحرب الأخيرة، بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل، امتنعت حماس عن التدخل، ولم تهاجم الجانب الإسرائيلي كعادتها.

وأشار الحوارات إلى أن عدم مشاركة حماس في الحرب الأخيرة، بين “الجهاد” وإسرائيل، يدلِّل على تطور أو تغير في مفهوم علاقة حماس مع إسرائيل، وربما هذا ما دفع الأردن لتبني مقاربة جديدة مع الحركة، باعتبارها فصيلاً موجوداً لو قُدر أن تُجرى انتخابات سيفوز بها.

لا تحول في الموقف
ويرى المحلل السياسي الأردني زيد النوايسة، أن ما جاء في تقرير “جيروزاليم بوست” لا يمكن الركون إليه والبناء عليه، فيما يتعلق بالحديث عن عودة العلاقات السياسية بين الأردن وحركة حماس، فصحيحٌ أن هناك زيارات غير رسمية لبعض قادة حماس، وآخرها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق للحركة، في إطار زيارة لأقاربه، وقبر والديه، سمحت بها الحكومة، لكن لا يمكن اعتبار هذا تحولاً في الموقف.

وقال النوايسة في تصريحاته لـ”كيوبوست”، إن الحكومة الأردنية قررت منذ 20 عاماً قطع العلاقات مع حماس، واعتبار قادتها غير مرغوبٍ بهم على الأراضي الأردنية، لأن عمَّان لا تريد لحماس أن تكون طرفاً فاعلاً على الصعيد الداخلي الأردني، نظراً للتداخل بينها وبين حركة الإخوان في الأردن، خصوصاً أن علاقة الأخيرة مع الحكومة تمر بفترات فتور وأزمات مع الحكومات المتعاقبة.
وشدَّد المحلل السياسي الأردني على أن بلاده لم تغير موقفها السياسي من التعامل مع السلطة الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، كإطار سياسي وقانوني، لكن عمان توازن بين الموقف الثابت من القضية الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطين على حدود 1967، ولا تفتح حوارات مباشرة مع أحد الفصائل الفلسطينية، وتتعامل مع النافذة الرسمية الممثلة في السلطة برام الله.
اقرأ أيضاً: بعد تركيا.. ما مصير حركة حماس؟
واستطرد النوايسة: من المبكر الجزم بأن الأردن بصدد إعادة علاقاته مع حركة حماس أو غيرها من الفصائل، والمملكة حريصة طول الوقت، على أن يكون العنوان هو السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا توجد مشاغبات بين حماس وعمّان، والأردن مواقفه ثابتة تجاه الحركة، ومن المستبعد أن نشهد تحولاً في المدى القريب.