الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربيةفلسطينيات
“حماس” تقر بدعم طهران العسكري.. والحرس الثوري يسعى لاستنزاف أمريكا وإسرائيل
تبادل المسؤولون الإيرانيون مع قادة "حماس" رسائل الشكر والدعم بشكل علني.. الأمر الذي كشف للعيان عن حجم المساندة والدعم الذي تتلقاه الحركة من طهران

كيوبوست
أثارت الرسائل المتبادلة المعلنة بين حركة حماس؛ ممثلة في رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، وعدة مسؤولين إيرانيين؛ لا سيما قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني، ردود فعل متباينة، خصوصاً بعد إعلان طهران استعدادها توفير الدعم العسكري للحركة التي تسيطر على قطاع غزة، في الوقت الذي كانت فيه الأطراف الدولية المختلفة تسعى للتهدئة ووقف الاشتباكات.

وشكر هنية طهران على تقديم الدعم المالي والمسلح للحركة، بعد أيامٍ من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن الدعم الإيراني لـ”حماس” و”حزب الله”، وإحباط بلاده عملية إرسال طائرة دون طيار مسلحة عن طريق العراق، نجحت إسرائيل في إسقاطها عند الحدود الإسرائيلية- الأردنية.
اقرأ أيضاً: هل تزيح “حماس” منظمة التحرير؟
اعتراف متبادل

أقرت “حماس” واعترفت بالدور الإيراني الذي ساعدها خلال الفترة الماضية، حسب الباحث في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات مجاهد الصميدعي، الذي يؤكد، في تعليقٍ لـ”كيوبوست”، أن دعم الحرس الثوري لـ”حماس” ينظر إليه باعتباره من ضروريات المرحلة، وَفق استراتيجية تحتم على إيران دعم الجهات القادرة على استنزاف القدرات الأمريكية، عن طريق استهداف المواقع الأمريكية في العراق، وكذلك الإسرائيلية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن كل عملية استنزاف تخدم إيران، وتثبت للجهة المقابلة أن إيران لديها أدوات في المنطقة.
تحصل “حماس” على ملايين الدولارات سنوياً من إيران، حسب الدكتور علي نوري زادة، مدير مركز الدراسات العربية- الإيرانية في لندن، الذي يؤكد، في تعليقٍ لـ”كيوبوست”، أن الدعم الإيراني لحركة حماس لا يتوقف وهو معلن وواضح؛ لكن ثمة محاولات تلاعب بنتائج ما حدث على أرض الواقع؛ خصوصاً من إظهار أن عشرات الصواريخ التي أُطلقت ستتمكن من إثارة الرعب في إسرائيل، والنظر إلى القوة العسكرية الإسرائيلية باعتبارها قوة هشة، وليست لديها قدرة الدفاع عن نفسها؛ وهو أمر غير صحيح، لأن مَن دفع الثمن الأكبر هم الفلسطينيون الذين تكبدوا خسائر جسيمة على الأرض في غزة، في الوقت الذي لم تنجح فيه إيران حتى في حماية علمائها داخل أراضيها من العمليات التي ينفذها الموساد الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً: جدل في ألمانيا حول آلية التعامل مع حركة حماس!

وأضاف زادة أن “حماس” تتلقى مساعدات تقنية من إيران بشأن إنتاج الصواريخ والقنابل للتغلب على الحصار الذي تعيشه خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى أن التقنيات المتطورة التي حصلت عليها “حماس” ساعدتها في تعزيز قوتها العسكرية على أرض الواقع؛ لكن في النهاية هناك خسائر كبيرة تكبدها الفلسطينيون نتيجة تصرفات “حماس”، في وقت يصور فيه الإعلام الإيراني أن ما حدث بمثابة انتصار في المعركة بلا خسائر.
مصالح مشتركة
يشير مجاهد الصميدعي إلى أن عملية الدعم المقدمة من إيران إلى “حماس” مهمة للإيرانيين لعدة أسباب؛ منها خدمة القضية الفلسطينية من وجهة نظرهم، وكسب الرأي العام العربي المناهض لإيران؛ حيث أصبح للقضية داعم رسمي هو إيران، وأثبت وجوده عملياً أثناء المعارك، وكذلك استعراض العضلات الإيراني على أيدي “حماس”، والذي أظهر للولايات المتحدة وإسرائيل أن لدى طهران أوراقاً للضغط والمساومة، وأدواتٍ تستطيع استخدامها إذا ما احتاجت.
اقرأ أيضاً: كواليس انتخابات “حماس” تكشف عن ازدواجية المعايير
لكن في المقابل، وعلى الرغم من دعم طهران لـ”حزب الله” في لبنان؛ فإن الحزب لم يتحرك لمساندة حركة حماس رغم الاستنفار والمراقبة الإسرائيلية للأنشطة على الحدود اللبنانية، في الوقت الذي توقفت فيه قيادات الحزب عن الحديث حول الوضع في فلسطين بشكلٍ علني.
لا يرغب “حزب الله” الدخول في حرب مع إسرائيل، حسب المؤرِّخ الإسرائيلي بروفيسور إيال زيسر، الذي يرى، في تعليقٍ لـ”كيوبوست”، أن اكتفاء الحزب بالتعاطف والدعم مع الفلسطينيين فقط من دون مشاركة بعملٍ عسكري، أمر مرتبط بما حدث في حرب 2006، ولرغبة الحزب في ألا يتسبب في حدوث دمار في بيروت على غرار ما حدث في غزة، مؤكداً أن الصواريخ المحدودة التي أُطلقت ليست بالضرورة تابعة للحزب؛ ولكن قامت بها مجموعة صغيرة من الفلسطينيين، للتعبير عن تضامنها مع غزة.
وأضاف زيسر أن الجيش اللبناني على الرغم من رغبته في عدم التصعيد العسكري؛ فإنه لا يريد الدخول في إشكالات مع الفصائل الفلسطينية أو “حزب الله”، مرجحاً أن يكون قرار الحزب بعدم الانخراط في الحرب قراراً داخلياً ليس مرتبطاً بإيران بشكلٍ كبير؛ خصوصاً مع وجود تصريحات الدعم الإعلامي والمعنوي.
يؤكد مجاهد الصميدعي أن إيران وإسرائيل تتجنبان بشكلٍ واضح الاشتباك العسكري المباشر؛ لكنْ في المقابل هناك تحرك عبر الأدوات لكلا البلدَين. فرغم أن إسرائيل والولايات المتحدة وجَّهتا إلى طهران ضربات قوية، سواء على المستوى الاقتصادي أو حتى مستوى الأمن السيبراني، والاغتيالات المباشرة؛ فإن إيران تحاول استخدام أدواتها في المنطقة لتحقيق انتصارات لصالحها في صراعٍ قد يمتد لمدة طويلة.