شؤون دولية

حلول تركيا الخاسرة في إدلب

على كل الحالات، ستخسر أنقرة بسبب إدلب

كيو بوست –

يمكن اختصار ما يجري في محافظة إدلب شمالي سوريا، بأنه اختبار شامل لاشتباكات الأزمة السورية، فقيادات من قوات “قسد” الكردية المقرّبة من واشنطن أعلنت استعدادها للمشاركة بعملية تحرير المحافظة، في خطوة تعبر عن التقارب الروسي الأمريكي فيما يخص الاتفاق على تحرير المحافظة.

وفي الجانب الآخر، تقوم دمشق بترتيب مقرات جنوب دمشق للنازحين من إدلب، في حال تمت العملية، إذ أعلنت الدولة السورية بأنها لن تتوقف قبل رفع العلم السوري على أراضي الجمهورية كافة.

اقرأ أيضًا: إدلب: تسوية أم حرب؟

أما بخصوص الدور التركي في المحافظة الحدودية، فقد استخدمت أنقرة نفوذها لدى المسلحين، وشكلّت ما أطلق عليه “الجبهة الوطنية للتحرير”، بقوام 100 ألف مسلّح، ينتمون لتنظيمات جهادية متطرفة، أشرفت تركيا على تنظيمهم، مع رفض جبهة “النصرة” الانضمام لذلك التحالف، مخافة أن يتم تصفية وجودها كما حدث في الجنوب، مع عدم وجود عوامل للثقة بين الحركة وأنقرة، إذ تتهم النصرة تركيا بأنها باعتها في أكثر من مواجهة، خصوصًا في معركة حلب.

التقارب الأمريكي-الروسي فيما يخص إدلب، أسس تلقائيًا لتحد بين تركيا وروسيا؛ فقد تحدثت وسائل إعلام روسية، بأن روسيا منحت تركيا شهرًا واحدًا لإيجاد حل سلمي في إدلب، قبل أن يبدأ الجيش السوري بفتح جبهة ضد المسلحين فيها، وهو ما قابله رد تركي، تمثل في إعطاء أنقرة تعليمات للجبهة الوطنية للتحرير باعتقال قادة من المعارضة السورية كانوا يتباحثون مع روسيا والنظام على إجراء مصالحات، مما يعني أن تركيا ترفض الحل الذي حدث بالجنوب، حيث حلت الفصائل المسلحة نفسها في درعا بناءً على توافق بين روسيا والدولة السورية من جهة، والأردن والولايات المتحدة من جهة أخرى، مما أدى إلى تسليم المحافظة الجنوبية من دون كلفة عسكرية أو بشرية.

العمليات التي قامت بها “الجبهة الوطنية للتحرير” ضد لجان المصالحة، تعتبر ضربة قوية لجهود روسيا في إيجاد حل سلمي يستبق العسكري، وهو ما فسره المندوب السوري في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، بأنه سعي أنقرة لتتريك المحافظة، وجعلها تابعة لها، خصوصًا مع بدء تركيا إعادة تموضعها وتحصين نقاط المراقبة في المدينة.

اقرأ أيضًا: محافظة إدلب: الحرب السورية تدخل محطة أخيرة حاسمة

وفي حال فشل مهلة الشهر التي منحتها روسيا لتركيا، من المتوقع أن تشهد إدلب أكبر عملية عسكرية، قد تؤدي لأكبر كارثة إنسانية منذ اندلاع الأزمة، إذ قدرت الأمم المتحدة عدد الذين قد تضطرهم الحرب للهجرة بـ 2.5 مليون نسمة، من المرجّح أن تكون وجهتهم تركية.

بينما ستؤدي المواجهة العسكرية التي ستكون مدعومة من موسكو والأكراد -بلا شك- إلى خسارة تركيا لمجالها الحيوي على الحدود مع سوريا؛ إذ ستكون قوات “قسد” من ضمن القوات الرديفة للجيش السوري، مما يشكل كابوسًا لتركيا.

أما في حال تدخل الطيران الروسي لدعم القوات البرية السورية، فإن ذلك سيؤدي لإحراج أنقرة أمام حلفائها من الفصائل المسلحة، وسينالها الاتهامات بالتآمر، التي نالتها إبان تحرير مدينة حلب.

وفي حال صممت تركيا على الحل العسكري، والدفع بالمسلحين الذين وحدتهم تحت اسم “الجبهة الوطنية للتحرير” لعرقلة المصالحات، فإن كلفة ذلك ستكون كبيرة على تركيا، بسبب تدهور الاقتصاد التركي، وعدم مقدرتها على استضافة مئات الآلاف من اللاجئين.

تبقى جميع الخيارات خاسرة بالنسبة لتركيا، سواء العسكرية منها أو السلمية، ولذلك تبقى الورقة الوحيدة بيدها هي استخدام المسلحين كورقة تفاوضية، لتحقيق مصالحها في الشمال السوري ومناطق الأكراد.

اقرأ أيضًا: تحرير إدلب.. استدارة تركية نحو أمريكا بعد أزمتها مع روسيا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة