شؤون عربية
حكومة “العدالة والتنمية” المغربية ترضخ للمقاطعين: أخيرًا فهمتكم!
"محاولة لتصحيح المسار السلبي"

كيو بوست –
بعد أسابيع من التجاهل وحملات التشويه للمقاطعين، ومع دخول حملة المقاطعة المغربية أسبوعها الثالث، بدأت معالم الاستجابة من الحكومة المغربية لمطالب المقاطعين تتضح، حين أعلنت الحكومة، الخميس 17 أيار/مايو، “تفهمها” للمقاطعين.
اقرأ أيضًا: المغرب: حكومة “العدالة والتنمية” تنحاز للشركات على حساب المواطن
ووعد رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، بإيجاد “حلول عملية” لأزمة المقاطعة في البلاد، بعد أن كشف تقرير برلماني عن أرباح خيالية لشركة المحرقات (تقدّر بـ7 مليارات درهم سنويًا)، جرى وصفها بأنها “غير مستحقة”، وتأتي على حساب المستهلكين منذ تحرير أسعار المحروقات عام 2015.
وجاءت استجابة الحكومة بعد حملة مقاطعة على فيسبوك -لم تتبناها أية جهة- بدأت بالاتساع، حتى انتقلت من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع، وكلفت الشركات المستهدفة خسائر هائلة لم تستطع إخفائها.
والشركات التي استهدفتها الحملة هي: محطات توزيع الوقود “إفريقيا” التي يملكها وزير الفلاحة عزيز أخنوش، ومياه “سيدي علي” المعدنية، وحليب “دانون”، في محاولة لممارسة ضغوط على هذه الشركات التي تستحوذ على حصة الأسد من السوق، لخفض أسعارها العالية.
وظهرت استجابة الحكومة على لسان الناطق باسمها، مصطفى الخلفي، في ندوة صحافية، جاءت بعد انعقاد مجلس الحكومة بالرباط، أوضح فيها أن من واجب الحكومة أن تنصت إلى المواطنين وتقوم بدعم القدرة الشرائية، مضيفًا: “الواجب هو الحرص على حفظ حقوق المواطن؛ سواء كان تاجرًا أو عاملًا أو مستهلكًا، وضمان حرية الاستثمار أيضًا، وتحسين الظروف المواتية للإنتاج وتشجيع المقاولة”.
اقرأ أيضًا: المقاطعة: سلاح المغاربة لمواجهة الغلاء
يذكر أن الخلفي، كان في وقت سابق قد هدد المقاطعين بالسجن في حال استمروا في حملتهم، كما توافق رأي حكومة العثماني المحسوبة على الإخوان المسلمين، مع رأي الشركات والأجهزة الأمنية، التي حاولت الترويج بأن المقاطعة مؤامرة تضر بالاقتصاد المغربي. أثر هذا الأمر بالإيجاب على حملة المقاطعة، التي كسبت بعد تلك التهديدات مزيدًا من المتضامنين معها، كما أثّر بالسلب على شعبية حزب “العدالة والتنمية”، بعد خروج وزراء منها، للتنديد بالحملة ومهاجمة المقاطعين، وما تلا ذلك من ردود فعل منتقدة لتصريحات وزرائها.
وقد أكد الخلفي في بيانه الأخير ما فسرّه مراقبون بأنه محاولة لتصحيح المسار السلبي الذي اتخذته الحكومة، وأضاف أن “الحكومة لا يمكن لها أن تسيء إلى المواطن، بل هي موجودة لخدمته”.
نجاح شعبي على حساب الحكومة والشركات
تعتبر حملة المقاطعة للشركات الكبرى في المغرب، هي الأكبر من نوعها في المغرب، إذ أكدت الحملة بحضاريتها، على مقدرة المواطن المغربي على تصحيح مسار العدالة الاجتماعية المفقودة، ورضوخ الحكومة والشركات الكبرى معًا لمطالب محدودي الدخل، ومدى التلاحم الذي أحدثته الحملة بين طبقات المجتمع المختلفة.
واستجابت شركة “سنطرال” هي الأخرى لمطالب المقاطعين، وقامت بتخفيض سعر لتر الحليب إلى 6 دراهم، فيما أسمتها بـ”رسائل صلح” إلى المستهلك، بعد الحملة التي استهدفت منتجاتها.
وكشف مصطفى الخلفي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي للحكومة، أن “الحكومة تدرس مراجعة القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة”، بعد أن حوّل رئيس الحكومة تهديداته الموجهة إلى المقاطعين، إلى تهديدات بالضرب على أيدي كل من سولت لهم أنفسهم الرفع في الأسعار أو احتكار المواد الاستهلاكية والتلاعب في جودتها خلال شهر رمضان.
ويشير مراقبون إلى أن الحصيلة النهائية لحملة المقاطعة، ستكون طويلة الأمد، خصوصًا أنها عرَت سياسة الحكومة، التي انحازت أول الأمر للشركات الكبرى ورأس المال، ثم أجبرتها على اتخاذ مواقف تنحاز للمواطن محدود الدخل، وذلك ليس بسبب احتياجات المواطن لتلك المواقف السياسية، ولكن لأسباب تتعلق بمصلحة الحكومة نفسها، خصوصًا أن الحملة رفعت شعارات تهدد فيها الحكومة من أن المقاطعة الشعبية ستشمله إذا ما واصلت الانحياز للمحتكرين.