الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة

حسن حسني.. رحيل فنان متعدد المواهب

بدأ نجوميته الحقيقية مع اقترابه من سن السبعين.. ليقدم أعمالاً تبقى في ذاكرة المشاهد بعد رحيله

كيوبوست

برحيل الفنان المصري القدير حسن حسني، (1936- 2020)، تفقد السينما المصرية واحداً من أبرز نجومها على مدار العقود الثلاثة الأخيرة؛ صحيح أنه لم يحصد دور البطولة في حياته، إلا أنه ترك بصمات فنية واضحة في أعماله؛ خصوصاً خلال العقود الثلاثة الأخيرة، مع جيل الشباب الذي برز من أواخر التسعينيات، فكان شريكاً في النجاح في غالبية الأفلام السينمائية قرابة 15 عاماً؛ لتبدأ نجوميته الحقيقية مع اقترابه من سن السبعين.

ولفظ الفنان الراحل أنفاسه الأخيرة بأحد المستشفيات الخاصة في القاهرة بعد ساعات من نقله إليه؛ حيث عانى جلطة في القلب وتم تركيب دعامة له، إلا أن تقدمه في العمر ووجود مشكلات صحية سابقة حالت دون قدرته على تحمل تبعات الجراحة.

من جنازة الفنان الراحل

لم يكن حسن حسني مفضلاً الظهور الإعلامي؛ فحواراته الصحفية نادرة، وكذلك إطلالاته التليفزيونية؛ إذ يفضل أن ينهي عمله ويعود إلى منزله، وهو ما جعل مسيرته الفنية غير موثقة بشكل كامل؛ باستثناء الكتاب الذي أعده عنه الناقد طارق الشناوي، بمناسبة اختيار حسني ليكون مكرماً في الدورة الأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

اقرأ أيضًا: رحيل عزت أبو عوف.. “ميموزا” الطبيب الذي فضَّل الموسيقى على الطب

وبخلاف الكثير من الفنانين؛ لم يكن حسن حسني راغباً في تكريمات وهمية من جهات غير مسؤولة، بينما لم يخفِ مفاجأته من إجماع اللجنة الاستشارية لمهرجان القاهرة على اختياره بين المكرمين، والسبب ببساطة أن إدارات المهرجان السابقة لم تكن تقوم بتوجيه دعوة إليه لحضور حفلَي الافتتاح والختام؛ لكن بقيت ليلة تكريمه وسط احتفاء خاص من نجوم السينما من أسعد لحظات حياته، كما وصفها لاحقاً.

ربما تسلَّم حسن حسني في حياته تكريمَين فقط عن مجمل أعماله؛ الأول من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والثاني قبل شهور قليلة من نقابة الممثلين، وهو التكريم الذي شهد احتفاء تلاميذه به؛ وفي مقدمتهم محمد هنيدي، ومحمد سعد، وهو ما جعله يشعر بسعادة كبيرة؛ لأنه حصد هذه التكريمات في حياته.

حرص عدد كبير على حضور الجنازة متبعين الإجراءات الوقائية

مسيرة حافلة

بدأ الفنان الراحل مسيرته الفنية منذ منتصف الخمسينيات بمسرح الجيش أو المسرح العسكري؛ حيث شارك فيه بالتمثيل والإخراج والتأليف بعض أفراد القوات المسلحة الذين لديهم تلك الهواية، وكان له زميل في الفرقة العسكرية؛ لكن نجوميته الحقيقية في السينما بدأت في التسعينيات مع عدد من الأدوار المميزة، كما أن السينما في نفس الفترة الزمنية ومع تغير إيقاعها ووجوهها أصبحت لا تستغني عنه؛ إذ أهلته ليكون شريكاً لنجوم السينما الصاعدين.

خلال مسيرته الفنية، قدَّم حسن حسني عشرات الأعمال المسرحية؛ وغالبيتها للأسف لم تصور للتليفزيون، نذكر من أعماله “انت اللي قتلت الوحش”، و”عمر الخيام”، و”سندريلا والمداح”، و”زواج مستر سلامة” و”جوز ولوز”. بينما عمل بالعديد من الفرق المسرحية؛ بدايةً من فرقة تحية كاريوكا، مروراً بمسرح الدولة، ووصولاً إلى مسرح جلال الشرقاوي، والعديد من فرق القطاع الخاص المسرحية.

اصابت حالة من الحزن عائلته

الصدمة الكبرى في حياة حسن حسني كانت رحيل ابنته رشا، التي أُصيبت بالسرطان؛ وهي الصدمة التي تركت أثراً نفسياً به حتى رحيله، وظل كل عام يقوم بإجراء عمرة لابنته الراحلة، وكان آخرها في أكتوبر الماضي.

 اقرأ أيضًا: رحيل فاروق الفيشاوي.. جزء آخر من الزمن الجميل يرحل

الناقد طارق الشناوي

يقول الناقد طارق الشناوي، في كتابه عن الراحل: “حسن حسني يقف دائماً على الشاطئ الآخر؛ فهو لا يذهب إلى الشخصية بمفاتيحه التي سبق أن اختبرها وتأكد من مفعولها، ولكنه يطلق للشخصية الدرامية العنان لتفرض مفاتيحها عليه؛ وهذا هو معنى الإبداع الحقيقي في فن التشخيص.. تستطيع أن تقول إن ملامحه عندما تجاوز الخمسين من عمره كانت هي التي حركت وميض الإبداع الفني بداخله. الحقيقة أن الأمر تخطى الملامح وانتقل إلى الوجدان، وكأن الجمهور كان ينتظره في تلك المرحلة العمرية؛ لتبدأ رحلة النجومية كحالة استثنائية مع بدايات العقد السادس من العمر”.

تقول الفنانة اللبنانية مادلين طبر، في تصريحٍ أدلت به إلى “كيوبوست”، إن حسن حسني كان أحد الذين ساعدوها بعد قدومها إلى مصر عقب نجاحها في لبنان والخليج؛ حيث جمعت بينهما مشاهد كثيرة في مسلسل “وداعاً قرطبة”، إذ قدمت دور ابنته، مشيرةً إلى أن الراحل برفقة آخرين منهم؛ أحمد ماهر وسيد راضي، نجحوا في تذويب إحساسها بالغربة، وساندوها كثيراً ودعموا موهبتها.

  اقرأ أيضًا:مواقف وذكريات من حياة ماجدة الصباحي

مادلين طبر

وأضافت طبر أن حسن حسني في كواليس التصوير ودون علمها راهن الراحل عبدالله غيث، على نجاحها في تصوير مشهد إلقائها الشعر دون خطأ، وعندما صورته من المرة الأولى وصفها بـ”الموهبة الخطيرة”؛ حيث كان يدعمها دائماً في هذه الفترة الصعبة بالنسبة إليها، خصوصاً أن النجاحات التي حققتها من قبل لم تكن معروفة في مصر.

من جهته، يقول الفنان السعودي مشعل المطيري، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”: “كان يكفي أن تسمع الاسم أو تقرأه في خبر عن فيلم أو مسلسل؛ حتى تعرف أنك موعود بالسعادة والسرور أثناء المشاهدة، فكان اسم حسن حسني فقط يعني الفنان الجميل القريب من القلوب”.

مشعل المطيري

وأضاف المطيري أن حسن حسني رغم أنه لم يكن النجم الأول؛ فإنه كان صانع النجوم، حتى إنه أصبح قاعدة فنية راسخة ومعادلة نجاح موثوقة النتيجة يعرفها الجميع في صناعة السينما، فإذا أردت صناعة اسم جديد في عالم النجومية، لا بد أن يكون بجانبه اسم حسن حسني؛ وهو أمر ناتج عن علاقة ثقة بينه وبين الجمهور، فوجوده يعني عدم الندم على المشاهدة في أغلب الأحيان.

وأوضح الفنان السعودي أن كل هذا ما كان ليحدث لو لم يكن حسن حسني واثقاً من نفسه ومؤمناً بالقاعدة المهمة في فن الدراما، بأنه ليس هناك دور كبير أو صغير؛ ولكنْ هناك فنان كبير أو فنان صغير، مشيراً إلى أنه رغم عدم عملهما معًا؛ فإن كل مَن عملوا معه تحدثوا عن تواضعه، ورغم رحيله جسدياً؛ فإن فنه سيبقى، وستبقى روحه في كل الضحكات والابتسامات على وجوه محبيه، وكل مَن سيشاهد أعماله دائماً.

حسن حسني خلال تكريمه في مهرجان القاهرة
سعد الصغير خلال الجنازة

أما الفنان الشعبي سعد الصغير، فيقول لـ”كيوبوست”: “إن الراحل كان يعامل الجميع مثل أبنائه، ويحب الجميع، ولم تكن له عداوات مع أحد؛ بل على العكس كان حريصاً على أن يكون مَن أمامه في أفضل حالاته”.

وأضاف الصغير أنه لا ينسى الدعم الاستثنائي الذي قدمه له الراحل في أولى بطولاته السينمائية خلال فيلم “لخمة راس”؛ حيث ساعده كثيراً، فوقتها “كان الراحل في قمة عطائه بينما أقدم تجربتي الأولى، ولم يبخل عليّ بتوجيهي ومساعدتي؛ حتى أكون في أفضل شكل”.

وأكد الفنان الشعبي أن علاقتهما ظلت قوية حتى في اللقاءات التالية بينهما خارج العمل؛ فكان يعتبره مثل والده، مشيراً إلى أن رحيله بهذا الشكل المفاجئ أصابه بصدمة شديدة.

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات