الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

حسن إيكويسن.. الإمام المغربي الذي طردته فرنسا!

حيثيات طرد السلطات الفرنسية إماماً مغربياً محسوباً على جماعة الإخوان المسلمين تتفاعل.. والأوساط السياسية الفرنسية ترحب بالخطوة

كيوبوست- حسن الأشرف

قررت السلطاتُ الفرنسية طرد الإمام المغربي حسن إيكويسن، دون تحديد موعد لتنفيذ ذلك، بيد أن وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانان، قال قبل أيام إنه سيتم ترحيله قريباً من الأراضي الفرنسية، في الوقت الذي باشر فيه الإمام ذو الأصول المغربية إجراءات قضائية من أجل الطعن في قرار الطرد.

وفاجأ وزيرُ الداخلية الفرنسية الإمامَ المغربي، الذي تصفه السلطات الفرنسية بأنه مقربٌ من جماعة “الإخوان المسلمين”، بقرار طرده، مبرراً ذلك بأنه “يوجه دعوات إلى الكره والعنف؛ خصوصاً في حق الجالية اليهودية بفرنسا”.

اقرأ أيضاً: فرنسا تنتهج مقاربة جديدة تجاه مواطنيها المسلمين

قرار الطرد جاء في تغريدة لوزير الداخلية الفرنسي على موقع “تويتر”، ورد فيها: “هذا الداعية يتبنى منذ أعوام خطابَ كراهيةٍ ضد قيم فرنسا، وهو ما يتنافى مع مبادئ العلمانية والمساواة بين الرجال والنساء”.

وجاء ردُّ الداعيةِ المغربي سريعاً، بما كتبه في صفحته على “فيسبوك”، بالقول: “يُؤخذ عليَّ اليوم أنني أدلي بتصريحات تنطوي على تمييز وربما عنف، الأمر الذي أرفضه بشدة”، قبل أن يضيف: “أثق في القضاء الفرنسي بهدف إلغاء قرار الطرد”.

وزير الداخلية الفرنسي- (صورة: أ.ف.ب)

مَن يكون حسن إيكويسن؟

قد لا يكون الناشط الإسلامي الذي كان يحمل الجنسية الفرنسية، قبل أن تُسحب منه، معروفاً من طرف الجمهور الواسع في فرنسا، أو حتى في المغرب؛ لكن قرار الطرد الجديد جعل الكثيرين ينتبهون إلى هذا الرجل، ويتساءلون عمن يكون هذا الإمام المغربي، وما قصته بالتحديد.

هو حسن إيكويسن، يبلغ من العمر 57 عاماً، ولد في فرنسا، من عائلة أمازيغية مغربية، أب لخمسة أطفال، ويقيم في منطقة لورش Lourches شمال فرنسا، ويمتلك مهارة في التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بفضل قناته على “يوتيوب”، التي يتابعها زهاء 170 ألف شخص، وصفحته على “فيسبوك” التي تشمل 42 ألف مشترك.

اقرأ أيضاً: هكذا تشن فرنسا «حرباً مقدسة» على «الذئاب الإلكترونية المنفردة»

وتقول صحف فرنسية إنه في غضون بضع سنوات استطاعت عائلة حسن إيكويسن، الذي يعتبر -وفقها- أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا، تكوين قاعدة خلفية هائلة في منطقة دينين، وذلك كله بتواطؤ مع السلطات المحلية، كما يشتبه في تورط شقيقه سفيان إيكويسن، في العديد من عمليات الاختلاس، التي تم ارتكابها بين عامَي 2013 و2017.

وسبق للإمام ذي الأصول المغربية أن تعرض لشكوى قدمها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ضده، سنة 2004، إلى اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، بتهمة إلقاء خطب كراهية ضد اليهود، ونشر أفكار معادية للسامية.

المساجد تخضع لمراقبة السلطات الفرنسية

المغرب وحالة طرد الإمام “الإخواني”

وردَّ الإمام المغربي على جميع هذه الاتهامات؛ بنشره مقاطع فيديو في صفحته الفيسبوكية، اطَّلع عليها “كيوبوست”، يُظهر من خلالها أنه لا يحرض ضد العلمانية، وأنه ليس ضد مبادئ الجمهورية الفرنسية، من قبيل قوله في إحدى الندوات: “تحيا العلمانية إذا كانت تعني ممارسة كل شخص في فرنسا حريته الدينية، وإذا كانت الدولة تضمن العيش المشترك مع الحفاظ على خصوصيات الاختلاف”.

من جهتها، كشفت محامية الإمام المغربي، مي لوسي سيمون، لوكالة “فرانس برس”، أنها تدرس الطعن في قرار الطرد أمام المحكمة الإدارية بباريس، والإحالة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مبرزة أن مناصب ومداخلات موكلها كانت دوماً لصالح العلمانية والمساواة بين الجنسَين وقيم الجمهورية الفرنسية، وضد كراهية اليهود والأجانب، قبل أن تردف: “نشعر بالقلق من أنه إذا عاد إلى المغرب؛ فإن مواقفه السياسية ستعرض حياته للخطر”، في إشارة إلى إمكانية اعتقاله وسجنه في المغرب.

إدريس الكنبوري

ويعلق الدكتور إدريس الكنبوري، الخبير في الجماعات الإسلامية، على هذا الموضوع  لـ”كيوبوست” بالقول: إن هذه قضية فرنسية أولاً؛ لأن الإمام المطرود أدلى بكلامه فوق التراب الفرنسي، واتهامه بالتحريض على الكراهية جاء بناء على القانون الفرنسي؛ لأن فرنسا تعتبر أي حديث عن اليهود في القرآن مثلاً تحريضاً على الكراهية، وقد تعتبر حتى المواقف الدينية المعتدلة نوعاً من التطرف.

ويرى الكنبوري أن المغرب لا يجرم الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، مثل العديد من الدول الأوروبية؛ ولذلك فإنه غير معني بهذه التهمة الموجهة إلى الإمام المذكور، كما لا يوجد في المغرب قانون ضد التحريض على الكراهية بالمفهوم الأوروبي.

اقرأ أيضاً: في ظل صراع متواصل.. مَن سيمثل الإسلام في فرنسا؟

وبالتالي، يكمل المتحدث ذاته، فإن “القضية تظل مرتبطة بالجانب السياسي أكثر، وليس بالجانب القانوني في ما يتعلق بالمغرب؛ حيث قد يدفع هذا المعطى المغرب إلى المزيد من التعاون الأمني مع باريس في مراقبة الأئمة المغاربة”.

خطابات الكراهية ضد اليهود

من جهته، يقول الباحث الأكاديمي عبدالرحيم شهيبي: “إن خطابات الكراهية ليست وليدة اليوم؛ لكنها تكون خطيرة حين تنبني على أساس عرقي أو ديني، فقد تسببت في حروب على مدى التاريخ”، مبرزاً أن عدداً من الفقهاء والخطباء المسلمين يلجؤون إلى خطابات الكراهية، خصوصاً تجاه اليهود؛ لأن كتب التراث الإسلامي التي ينهج منها الفقهاء تعج بنصوص معادية لليهود.

عبدالرحيم شهيبي

ويكمل شهيبي، في حديث مع “كيوبوست”، بأن الفقهاء والخطباء المسلمين «وغيرهم» يبحثون عن الآخر النقيض «الكافر» الذي يعتبرونه مسؤولاً عن كل المشكلات والتراجعات التي تعانيها “الأمة الإسلامية”، وغالباً ما يكون هذا النقيض هو اليهود، لعدة اعتبارات؛ أولاً لأن هناك تاريخاً طويلاً مشتركاً من النزاع بين المسلمين واليهود منذ بدايات الإسلام. ثانياً، لأن اليهود يجرون وراءهم تاريخاً طويلاً من معاداة السامية التي عانوا منها في مختلف البلدان التي كانوا يعيشون فيها، والاعتبار الثالث، مرده إلى التطورات التي يعرفها صراع الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ حيث ترتفع خطابات الكراهية كلما ارتفعت حدة التوتر بين البلدين.

اقرأ أيضاً: معرض في فرنسا يستلهم التاريخ المشترك بين اليهود والمسلمين

ويزيد شهيبي معطى رابعاً، وهو أن الفقهاء والخطباء المسلمين يعتبرون أنفسهم مدافعين عن المقدسات والأراضي الإسلامية، وبالتالي يستهدفون اليهود الذين يتهمونهم بمحاولات الاستيلاء على المسجد الأقصى وقبة الصخرة بالخصوص، بالإضافة إلى أن أغلب الفقهاء والخطباء ناشري خطابات الكراهية مُسيسون، ويعبرون عن أفكار الجماعات السياسية أو الدينية التي ينتمون إليها؛ مثل “الإخوان” والسلفية والحركات الجهادية.

أسباب انتشار خطابات الكراهية في أوروبا

ويرى شهيبي أن خطابات الكراهية التي ينشرها الفقيه المطرود، وغيره أيضاً، وجدت أرضاً خصبة في أوروبا، لعدة عوامل؛ الأول أنهم مستفيدون من مناخ حرية التعبير، ورغم أن البلدان الأوروبية لديها حساسية كبيرة ضد خطابات الكراهية ومعاداة السامية؛ فإنها لا تتحرك إلا بعد فترة طويلة من التتبع.

يهود فرنسا- (صورة أرشيفية)

والعامل الثاني، حسب الباحث، يتجسد في كون المستهدفين بهذه الخطابات هم من الدرجة الأولى من المهاجرين من بلدان إسلامية، خصوصاً من الأجيال الحالية التي لديها مشكلات في الاندماج ضمن المجتمع الأوروبي؛ نتيجة الرفض والانغلاق اللذين يبديهما المجتمع الأوروبي نفسه تجاه ثقافات أخرى، ينظر إليها نظرة سلبية وتحقيرية، ثم نتيجة الانفصام في التربية التي تلقاها هذا الجيل، بين التربية الصارمة المغلفة بالدين، التي فرضها الآباء المهاجرون على فروعهم، وبين التربية المدنية التي تفرضها الدول المستقبلة في مدارسها التي يرتادها أبناء المهاجرين.

ويختم شهيبي: “تسبب هذا الانفصام في المشكلة الاجتماعية التي بات يعانيها الجيل الحالي من المهاجرين؛ ما يدفعهم ليكونوا فريسة سهلة لخطابات الكراهية والتطرف”، مشيراً إلى أن ما يدعم هذا الجانب هو “كون أغلب الهجمات الإرهابية التي استهدفت العديد من البلدان الأوروبية كان وراءه أبناء المهاجرين في الأحياء الأوروبية المهمشة”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

حسن الأشرف

صحفي مغربي

مقالات ذات صلة