الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

“حزب الله” يشعل فتيل أزمة طائفية في جنوب لبنان بسبب “المقاومة”

اضطر الحزب إلى كشف طبيعة تحركه العسكري في واقعة نادرة الحدوث بعد عرقلة الأهالي مقاتليه الراغبين في اندلاع الحرب

كيوبوست

بعد نحو 13 عاماً من الاشتباكات المسلحة بين “حزب الله” والدروز، عاد شبح التوتر يخيم مجدداً على خلفية قيام عدد من أهالي بلدة شويا في منطقة حاصبيا الحدودية، باحتجاز شاحنة محملة بقواعد إطلاق الصواريخ، وذلك بعد دقائق من إطلاقها عدة صواريخ نحو إسرائيل، بينما سلم الأهالي الموقوفين مع الشاحنة إلى قوات الجيش التي أفرجت عنهم لاحقاً.

وتعتبر هذه الواقعة هي الأولى من نوعها منذ عقود، في وقتٍ يأمل فيه اللبنانيون في تجنب شبح الحرب مع إسرائيل؛ بسبب تكرار عمليات الاستهداف العسكري التي يقوم بها “حزب الله” لمواقع إسرائيلية من داخل الحدود اللبنانية، مخالفاً القرارات الدولية كافة.

تجمهر أمام إحدى كلمات الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله- “رويترز”

سياق تاريخي 

فوزي ليان

لا بد من النظر إلى ما حدث في سياقه التاريخي، حسب المحامي اللبناني فوزي ليان، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن منطقة الجنوب اللبناني التي تحررت من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000، ظلت تتبع الجيش السوري حتى عام 2005، ومن بعد تصدي “حزب الله” للعدوان الإسرائيلي على لبنان في 2006، تحولت لتكون تحت سيطرة الحزب بشكل كامل؛ انطلاقاً من المفاهيم التي رسخها، آنذاك، بقدرته على المقاومة وغيرها من الأمور التي تبين لاحقاً عدم صحتها، مع توجيه سلاح الحزب إلى الداخل اللبناني، وتورط الحزب في سوريا، وبالخلايا الإرهابية في الكويت.. وغيرها من التصرفات التي جعلت تأييد اللبنانيين له يتراجع بشكل حاد على مدار سنوات.

يشير ليان إلى أن سياسة الحزب دفعت بالبلاد نحو عزلة عربية واضحة، وتحويل لبنان ليكون تحت سيطرة إيرانية كاملة، مشيراً إلى أن احتقان الدروز من الحزب وأنشطته لا يعكس حالة فصيل لبناني واحد، ولكن يعكس مواقف جميع التيارات الدينية والشعبية في لبنان؛ خصوصاً في ظلِّ التطورات من بعد انفجار مرفأ بيروت العام الماضي.

  اقرأ أيضًا: أنصار “حزب الله” يسعون لإشعال فتنة سنية- شيعية في خلدة اللبنانية

يؤكد المحامي اللبناني أن ما حدث هو معطى مهم وسط جملة معطيات تشهد تطورات في الفترة الأخيرة؛ لكن الأمر بحاجة إلى تعامل رسمي أيضاً لا يتوقع حدوثه، مشيراً إلى أن الدروز لن يصعدوا الأمر في الوقت الراهن؛ لأن التصعيد لن يكون في مصلحتهم، لذا حدث تحرك سريع من وليد جنبلاط ورفاقه، وحتى طلال أرسلان حليف الحزب، وسيكون هدفهم التهدئة؛ خصوصاً أن جنبلاط عندما دخل في صدام مع الحزب عام 2008 لم يجد دعماً دولياً لمواقفه.

جانب من المناوشات – صورة من مواقع التواصل

استفزاز مستمر

وسعى “حزب الله” إلى إظهار رد فعل شعبي، بعدما قام عدد من أنصاره بالنزول إلى المنطقة، وإجبار عدد من الموحدين الدروز على إيقاف أعمالهم التجارية، وإجبارهم على الرحيل في مقاطع مصورة اتهموا فيها الدروز بالعمالة؛ لرفضهم إطلاق الصواريخ على إسرائيل، في وقتٍ لم تعلن فيه السلطات اللبنانية التحقيق في هذه المقاطع التي شكَّلت استفزازاً لمشاعر اللبنانيين.

وبثَّ الحزب، عبر منصاته المختلفة، مقاطع فيديو تظهر احتفالاتٍ بعودة مطلقي الصواريخ عقب إنهاء عملية توقيفهم من جانب قوى الجيش، كما صدر بيان تحدث الحزب فيه عن العملية بشكل تفصيلي.

 اقرأ أيضًا: لبنان.. الغضب والاحتقان من الوضع الاقتصادي يخيمان على مناطق “حزب الله”

إيلي محفوض

عملية الإفراج عن المتهمين بإطلاق الصواريخ، هي بمثابة تحصيل حاصل، حسب رئيس حركة التغيير المحامي اللبناني إيلي محفوض، الذي يشدد لـ”كيوبوست” على أن قرار الجيش بالإفراج عنهم بعد توقيفهم جاء من باب تحاشي المواجهة مع “حزب الله”، أو كما يُقال باللبناني “فض مشكل”؛ حتى لا تكون هناك مواجهة في الوقت الحالي، مؤكداً أن استمرار الوضع بطريقته الحالية سيدفع نحو وقوع المشكلة حتماً في المستقبل القريب.

يقول إيلي محفوض: إن تصرفات المواطنين جاءت طبيعية بعدما وصلت إلى ذروة الضيق من سلوك ميليشيا “حزب الله” الذي يصر على إدخال لبنان في التجاذبات الإيرانية- الأمريكية، وغياب لتطبيق الدستور والقانون وشرعنة للسلاح المنفلت، مؤكداً أن الغضب الشعبي من تصرفات الحزب واسع وليس قاصراً على فئة محددة.

عناصر حزب الله اللبناني – أرشيف

يؤيد هذا الرأي المحامي فوزي ليان، الذي يلفت إلى التناقضات التي حدثت في التعامل مع الموقوفين في ظلِّ البيان الوزاري للحكومة، الذي يعطي غطاءً شرعياً لسلاح “حزب الله” تحت ذريعة المقاومة، وهو مصطلح لم يعد له مبرر في الوقت الحالي، مؤكداً أن ما قام به الأهالي هو تطبيق شعبي للقرارات الأممية التي لا تلتزم بها الحكومة في ما يتعلق بوضع الميليشيات المسلحة.

يشرح إيلي محفوض المسلك القانوني الذي كان يجب أن يتم اتخاذه بعد تسلم الموقوفين؛ بحيث تتم إحالتهم للمحاكمة أمام القضاء العسكري بموجب قانون العقوبات الذي يحظر حمل السلاح وليس راجمات صواريخ؛ لكن ما حدث هو العكس تماماً بإخلاء سبيلهم والإفراج عنهم فوراً، بل وتسليمهم الأسلحة التي كانت بحوزتهم.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة