الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

“حزب الله” وخيارات الهروب من تحديات مصيرية

تقرير إسرائيلي يستبعد إقدام "حزب الله" على إشعال حرب مع إسرائيل.. ويطرح الخيارات التي سينتهجها للخروج من أزمته الخانقة

كيوبوست

دفعت التغيرات التي شهدها الشرق الأوسط منذ صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى سدة الحكم، وفرضه سياسات صارمة ضد تغلغل إيران وأذرعها في سوريا والعراق ولبنان، إلى حصار مطبق وأزمة مصيرية باتت تعصف بـ”حزب الله”، أحد أبرز الكيانات التي تتبع إيران في الوطن العربي.

هذه التغيرات مسَّت بشكل كبير قدرة إيران المالية، ولا يزال الحزب يرزح تحت آثارها، بدءاً من إلغاء الاتفاق النووي، مروراً بالعقوبات الاقتصادية القاسية على طهران، ووصولاً إلى الاستهداف المباشر واغتيال أحد أبرز رموز التوسع الإيراني في الإقليم، قائد فيلق القدس، وعراب الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق واليمن، الجنرال قاسم سليماني.

بيروت تغرق في الظلام بسبب انقطاع الكهرباء- ” “AP

خيارات صعبة

ويبدو الحزب اليوم أمام خيارات صعبة للهروب من تحديات مصيرية، أوردها تقرير استراتيجي لمركز الأمن القومي الإسرائيلي؛ منها داخلية على خلفية الأزمة الاقتصادية، وأخرى خارجية على خلفية الضغوط التي تمارس على “حزب الله” وشركائه في “المحور الشيعي”؛ فضلاً عن ضغوط إسرائيلية على خلفية استمرار الغارات في سوريا واستغلال الأجواء اللبنانية.

اقرأ أيضاً: يد “حزب الله” الثقيلة تعزل لبنان عن العالم

وقال التقرير إن قادة الدولة اللبنانية يواجهون مصاعب في إنقاذ الاقتصاد المنهار، وإن الليرة اللبنانية فقدت قرابة 80% من قيمتها مقابل الدولار، وتطول فترات انقطاع التيار الكهربائي، بينما نسبة البطالة قد تجاوزت 40%، ونصف السكان يعيشون بمستوى أدنى من خط الفقر. وفي المقابل، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 200%، وطرأ ارتفاع على حالات الانتحار؛ بسب الوضع الاقتصادي.

المحلل اللبناني أسعد بشارة، أكد، في حديث إلى “كيوبوست” أن “حزب الله نجح في السيطرة على السلطة في لبنان من قمة رأس الهرم إلى تشكيل الحكومة وفرض القانون الانتخابي، وبعد سيطرته لم يستطع أن يخرج بحلول عملية؛ لأنه تحالف مع مكونات الطبقة السياسية ليحمي فساد هذه الطبقة مقابل أن تقدم له ورقة الشرعية”.

المحلل اللبناني أسعد بشارة

ولفت بشارة إلى أن هذا الوضع أدى إلى الانهيار الاقتصادي الكبير في لبنان؛ “فالحزب يحمي الطبقة السياسية الفاسدة ويعزل لبنان عن المجتمع العربي والدولي، وبالتالي كانت الترجمات الاقتصادية لهذا العزل هي أن لبنان فقد كل الإمكانات؛ ليبقي اقتصاده على قيد الحياة”.

وحسب التقرير الإسرائيلي، فإن هذه الأزمة الاقتصادية أعادت المتظاهرين اللبنانيين إلى الشوارع. واللافت في المظاهرات الحالية “توجيه إصبع اتهام مباشر إلى حزب الله”؛ فخلال مظاهرة في 6 يونيو الماضي، تعالت هتافات فظة ضد الحزب، وشملت مطالب بنزع سلاحه. وأدت هذه الهتافات إلى تصاعد مستوى العنف من جانب جهات شيعية وحتى استخدام السلاح الناري ضد المتظاهرين.

اقرأ أيضاً: أزمة السفيرة الأمريكية تكشف عن سيطرة “حزب الله” على القضاء في لبنان

الخبير السياسي الإيراني د.علي نوري زادة، يرى من جهته أن “حزب الله” يواجه أزمة مالية خانقة جداً؛ بسبب الأزمة الاقتصادية في إيران، مضيفاً أن الحزب لأول مرة يشعر بتضييق الخناق وبأزمة كبيرة؛ خصوصاً أنه خسر الشارع اللبناني.

وأوضح زادة، في حديث إلى “كيوبوست”: “في الماضي كان هناك دعم شعبي لـ(حزب الله)؛ خصوصاً بعد الحرب مع إسرائيل، ولكن الحزب يمثل اليوم عائقاً حيال حياة التغيير في لبنان وعودة الاستثمارات العربية، وبالتالي أصبح تنظيماً مكروهاً داخل البلاد، وهو ما تُرجم إلى مطالبات شعبية بإنهاء وجوده العسكري والسياسي. وإن استطاع الحزب إحكام القبضة بالقوة على الوضع الداخلي في لبنان ومواصلة قمع الاحتجاج الشعبي، فإن تحدياتٍ خارجية ماثلة لا يستطيع التحكم فيها؛ أبرزها التحدي الإسرائيلي”.

د. علي نوري زادة

لا حرب مقبلة

واعتبر التقرير أن الغارات الإسرائيلية، التي يطلق عليها إسرائيلياً تسمية “المعركة بين حربين”، هدفها “منع تعاظم القوة العسكرية للحزب؛ خصوصاً تسلحه بصواريخ دقيقة”. ويشمل هذا التحدي استخدام الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء اللبنانية؛ لشن هجمات في سوريا.

وقال المحلل اللبناني أسعد بشارة إن هناك خرقاً للأجواء اللبنانية؛ من أجل قصف مواقع إيرانية في سوريا، ولكن الأخطر هو انتقال إسرائيل لتنفيذ تهديدها بضرب مصانع ومخازن الصواريخ الدقيقة لـ”حزب الله”، وفي هذه الحالة فإن الساحتَين اللبنانية والسورية ستصبحان مسرحاً واحداً.

اقرأ أيضًا: هل تستطيع حكومة “حزب الله” إنقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار؟

ويتحدث التقرير الإسرائيلي عن أن الحزب قد يلجأ إلى خيارَين؛ للهروب من الأزمة الراهنة، أولهما ممارسة مزيد من القمع الداخلي؛ لإسكات التحرك الشعبي ضده، وثانيهما تصدير الأزمة على شكل حرب مع إسرائيل.

لكن من وجهة نظر المراقبين، فإن الخيار الثاني صعب وقد يهدد وجود الحزب.

وحسب بشارة، فإن الخيار الأول هو عملياً مطبق منذ اللحظات الأولى للثورة اللبنانية؛ فالحزب شكك وخوَّن الثورة منذ اندلاع شرارتها الأولى.

جانب من تظاهرة مطالبة بنزع سلاح “حزب الله” في لبنان- وكالات

أما بالنسبة إلى الخيار الثاني، فلن تكون لدى “حزب الله” الجرأة على إشعال أية حرب مع إسرائيل؛ “لأنها ستكون مكلفة”، حسب بشارة، “هذه معادلة قديمة لم يعد بالإمكان تطبيقها؛ لأن لبنان بكل فئاته لا يستطيع أن يتحمل خسائر حرب مقبلة، ولأن بيئة (حزب الله) لا تسطيع أيضاً ذلك”؛ لكنْ هنالك احتمال أن يناقش (حزب الله) تحريكاً بسيطاً لهذه الجبهة عبر عملية من هنا أو هناك؛ لتصويب الاتجاه وإلهاء اللبنانيين بأن هناك عدواً هو إسرائيل له الأولوية.

وفي الاتجاه ذاته، يرى د.زادة أن “حزب الله” يعرف جيداً أن إسرائيل هذه المرة “لن تسمح له بأن يتنفس”؛ لذا من المستبعد أن يغامر الحزب بمستقبله ومصيره بحرب مع إسرائيل.

وفي ما يتعلق بممارسة القمع ضد الشعب، قال زادة: “أعتقد أن هذا خياره وليس هناك خيار آخر؛ مزيد من الضغط على الشعب والساسة في لبنان”.

 اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة