الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية

حرب استنزاف: الاقتتال بين داعش والقاعدة يصل إلى ذروته

جهاديو آسيا الوسطى يقتلون بعضهم البعض في سوريا!

ترجمة كيو بوست –

“النزاع المسلح بين عناصر داعش والقاعدة وصل إلى ذروته، ومن المتوقع أن يؤدي إلى تآكل قدرات التنظيمين المالية والعسكرية والبشرية والتقنية في المراحل المقبلة”، هذا ما ذكره الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة والحركات الإسلامية، أستاذ العلوم السياسية، يوران بوتوبيكوف.

بعد انهيار “الخلافة” في العراق وسوريا عام 2017، استأنف تنظيم داعش هجماته في سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان وكندا في عام 2018. وقد تمكن التنظيم من استعادة قوته وتوسيع جغرافيا عملياته العسكرية بشكل تدريجي. ويبدو أن مقاتلي داعش نجحوا في إدراك تكتيكات حرب العصابات، والاندماج في المجتمع السني في الشرق الأوسط وآسيا. وتشير الهجمات الإرهابية بوضوح إلى أن الانتصار النهائي على داعش لا يزال بعيد المنال، وأن الجهاديين مصممون على الانتقام.

اقرأ أيضًا: هذا ما يخفيه إعلان الطلاق بين القاعدة والنصرة في سوريا!

واليوم، يقوم تنظيم داعش بحرب عصابات هجومية مكثفة، ليس فقط ضد الدول الغربية وأنظمة الحكم في المنطقة، بل كذلك ضد طالبان والجماعات المسلحة في تنظيم القاعدة، الذي يشكلون منافسًا أيديولوجيًا شرسًا على قيادة العالم الجهادي. في الحقيقة، ينخرط الجهاديون من دول آسيا الوسطى الخمس في معركة وحشية جارية بين فصائل فئوية تابعة لداعش من جهة، والقاعدة وطالبان من جهة أخرى. وبسبب المواجهة الأيديولوجية، انقسم الإسلاميون من وادي فرغانة بين تأييد البغدادي وأيمن الظواهري، ووصل الأمر بهم إلى ارتكاب أعمال إرهابية ضد بعضهم البعض في سوريا.

ووفقًا لوكالة “إباء” التابعة لهيئة تحرير الشام، جرى تنفيذ هجوم في مدينة إدلب السورية، في التاسع من يوليو/تموز 2018، ضد منزل الأوزباكستاني أبو صلوح، أمير الجماعة الإرهابية الآسيوية -كتائب التوحيد والجهاد- الأمر الذي أسفر عن مقتل زوجته وطفله. وبحسب المتحدث باسم هيئة تحرير الشام، أنس شيخ، جرى الهجوم على يد “خوارج مسلحين” من تنظيم داعش، “إذ اعترف المنفذ بارتكاب جريمته بعد تجنيده من قبل الدولة الإسلامية في تركيا”. وبالطبع، أفادت “إباء” أن المنفذ لقي عقوبة الإعدام فيما بعد.

هذه ليست الضحية الأولى بين الجهاديين الآسيويين كنتيجة لمواجهات مسلحة بين تنظيمي القاعدة وداعش. ففي السابع والعشرين من نيسان/إبريل 2017، أثناء صلاة الجمعة في إدلب، قام عنصر داعشي أوزباكستاني بقتل زعيم كتيبة الإمام البخاري التابعة للقاعدة، الشيخ صلاح الدين. وحينها، وزع تنظيم داعش بيانًا يقول فيه: “قمنا بمعاقبة أمير كتيبة الإمام البخاري حسب الشريعة الإسلامية بسبب خياناته الكثيرة”. وبعد ذلك، تمكن تنظيم القاعدة من القبض على قتلة الشيخ صلاح الدين، وهم من أوزباكستان وطاجاكستان، وقام بإعدامهم فيما بعد. وفي الآونة الأخيرة، كثف مقاتلو داعش هجماتهم الإرهابية على المواقع الدينية والعسكرية التابعة لهيئة تحرير الشام المدعومة من القاعدة، لا سيما في إدلب. إن المنظمات الإرهابية من آسيا الوسطى، مثل كتائب التوحيد والجهاد، وكتيبة الإمام البخاري، ومجموعات الإيغور من شينيجانغ الصينية، والحزب الإسلامي التركستاني، وكتيبة الغرباء، كلها تابعة للقاعدة، وتتمركز في إدلب، وتقاتل تحت مظلة المجموعة الجهادية الأكبر – هيئة تحرير الشام.

وقد أفادت تقارير مؤكدة أن أكثر من 229 جهاديًا من تنظيم القاعدة جرى اغتيالهم على يد مقاتلي داعش. من بين هؤلاء القتلى 153 مقاتلًا ينتمون لهيئة تحرير الشام، ومجموعة أحرار الشام، وجيش العزة، فضلًا عن مجموعات أخرى تابعة للقاعدة في سوريا. كما جرى اغتيال 25 من الجهاديين الأوزباكستانيين والإيغور والقوقازيين بالطرق ذاتها على يد داعش.

اقرأ أيضًا: كيف تمدد تنظيم داعش إلى جنوب شرق آسيا؟

ومن الجدير ذكره أن وكالة أعماق التابعة لداعش تقوم بنشر تقارير شبه يومية لهجمات مسلحة ناجحة ضد “أعداء الإسلام” – هيئة تحرير الشام وفروع القاعدة الأخرى. كما تقوم بنشر صور وتفاصيل عمليات الاغتيال الناجحة ضد عناصر القاعدة.

وفي المقابل، تقوم هيئة تحرير الشام منذ عام 2017 بحملات سرية للتعرف على خلايا داعش السرية، وبدأت بتنفيذ حملة إعدامات علنية ضد عناصر داعش المقبوض عليهم، وذلك خلافًا لما اعتاد عليه التنظيم في السابق، عندما تجنب الإعدامات العلنية بناء على تعليمات أيمن الظواهري. ولكن، يبدو أن الواقع الصعب الذي فرضه داعش أجبر تنظيم القاعدة على تغيير تكتيكاته الدعائية.

في 14 يوليو/تموز، قال أنس الشيخ لوكالة “إباء” إن هيئة تحرير الشام أعدمت 8 من أعضاء داعش في قرية سرمين السورية، بمن فيهم القيادي في داعش، أبو البراء الساحلي. وحينها، قام العاملون في مجال الدعاية في القاعدة بنشر صور الإعدام.

وفي 24 يوليو/تموز، أفادت وكالة “إباء” أن مقاتلي هيئة تحرير الشام قاموا بتدمير خلية كبيرة تابعة للدولة الإسلامية في قرية جسر الشاغور غربي إدلب. وخلال العملية، جرى القبض على نائب أمير داعش في إدلب، أبو سعيد الشيشاني، وتم إعدامه على الفور، وقد جرى نشر صور الإعدام على موقع وكالة إباء. من الجدير ذكره أن أبو سعيد الشيشاني هو شقيق وزير الجيش في داعش، أبو عمر الشيشاني، أقرب مستشار عسكري لأبي بكر البغدادي.

 

التضحية من أجل الإسلام النقي

لقد وصل التنافس الأيديولوجي والصراع المسلح بين القاعدة وداعش إلى ذروته. وكما هو معروف، تحارب كلتا المجموعتين من أجل نقاء الإسلام، وتسعيان إلى إقامة قوانين الشريعة وخلق الخلافة ونشرها حول العالم. منظرو داعش يعتبرون أنصار هيئة تحرير الشام مرتدين وكفارًا، بينما يصف أنصار القاعدة تنظيم داعش باسم الخوارج.

اقرأ أيضًا: الإخوان والقاعدة وداعش: من الأشد خطورة علينا؟

ومن خلال تحليل أنشطة داعش على مدى الأشهر الستة الماضية، يمكن استنتاج ما يلي:

أولًا، أن الدولة الإسلامية تسعى إلى تعويض فقدانها الخلافة من خلال تنفيذ أعمال إرهابية خلف خطوط عدوها القاعدة، وتوسيع جغرافية “الحرب المقدسة”.

ثانيًا، أن أنصار داعش نجحوا في إنشاء شبكة موسعة ومتقدمة بين المسلمين السنة في سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان وتركيا واليمن ومصر.

ثالثًا، أن المنشورات والبيانات الصحفية في وكالة أعماق الداعشية تدلل على أن الأعمال الإرهابية في مختلف البلدان والمناطق يجري إدارتها من قبل مركز داعشي واحد.

 

الخلاصة

من وجهة نظر عملية، من شأن الاقتتال بين الجهاديين في صفوف داعش والقاعدة أن يصب في مصلحة جميع الدول التي تحارب التطرف الإسلاموي والإرهاب. ولا شك في أن المواجهة الطويلة والدموية ستضعف القدرات البشرية والتقنية والمالية عند الجماعات السلفية الجهادية كافة.

 

المصدر: مجلة “مودرن دبلوماسي” الأوروبية

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة