الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
حرائق غابات الأمازون.. الطبيعة في مواجهة الاقتصاد
سيكون للحرائق تأثير كارثي على المياه والمناخ والتنوُّع البيولوجي.. كما ستسهم في ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر

كيوبوست
بعد أسابيع من اشتعال نيران الحرائق في غابات الأمازون بالبرازيل، والتي سجَّلت ارتفاعًا قياسيًّا، حسب الإحصاءات الرسمية هذا العام، تحرَّكت الحكومة البرازيلية أخيرًا للعمل على إطفاء الحرائق ومساعدات الولايات المحلية، في وقت تراجع فيه الرئيس البرازيلي عن موقفه المتشدد الرافض للمساعدات الدولية من أجل إنقاذ غابات الأمازون، والتي يرى خبراء البيئة في حرائقها تهديدًا للبيئة العالمية.
شاهد: كاميرا CNN تأخذكم إلى قلب حرائق الأمازون
ونقل تقرير موقع “Phys.org” المعني بشؤون البيئة تحذير الخبراء من أن التدمير المستمر للغابات الاستوائية سيكون له تأثير هائل على المناخ والتنوُّع البيولوجي في مختلف أنحاء العالم، منوهًا بأن غابات الأمازون تغطي أكثر من خمسة ملايين كيلومتر مربع (مليونَي ميل مربع).
شاهد: فيديوغراف.. حرائق غابات الأمازون.. الطبيعة في مواجهة الاقتصاد
وأشار التقرير إلى اختفاء نحو 20% من غابات الأمازون المطيرة خلال النصف الأخير من القرن الماضي؛ حيث تم تطهير مساحات شاسعة من الأشجار، معظمها لإنتاج الخشب وفول الصويا وزيت النخيل والوقود الحيوي أو اللحم البقري، دون إدراك أن قطع شجرة واحدة سيسهم في تسريب الكربون المخزن تدريجيًّا ويتحول إلى ثاني أكسيد الكربون؛ ما يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.
اقرأ أيضًا: ليوناردو دي كابريو يتبرع بخمسة ملايين دولار لتقديم المساعدة في التخفيف من أضرار حرائق الأمازون.. BBC
فمن بين نحو 160000 كيلومتر مربع من الغطاء الشجري الاستوائي الذي فُقد في جميع أنحاء العالم في 2017، كان 35% منها في منطقة الأمازون، وأكثر من ربعها في البرازيل، وَفقًا لمعهد الموارد العالمية؛ وهو مركز أبحاث في السياسة البيئية. بينما قال المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء: إن اشتعال الحرائق في غابات الأمازون زاد بنسبة 84% منذ بداية العام الحالي وحتى الشهر الجاري، مقارنة بالعام الماضي فقط.
شاهد: حرائق غابات الأمازون.. رئة العالم تحترق.. ABC News
اتهامات لبولسونارو
وربطت عدة تقارير صحفية بين موقف الرئيس البرازيلي جيير بولسونارو، الملقب بـ”ترامب اللاتيني”، من البيئة ورغبته في إزالة الغابات التي يرى فيها عقبة أمام التنمية الاقتصادية، وبين تشجيع غير معلن للمزارعين على إشعال النيران وإزالة الغابات؛ خصوصًا في ظل التباطؤ الذي وُصِف بأنه متعمَّد من أجل إطفائها والتعامل معها.
شاهد: حرائق الأمازون تثير منصات التواصل وتسبب أزمة رئاسية.. قناة العربية
الرئيس البرازيلي الأسبق، لولا دا سيلفا، الذي يخضع للحبس الانفرادي لمدة 22 ساعة يوميًّا، تحدث لقناة “بي بي سي”، عن مخاوفه من تدمير الرئيس البرازيلي الحالي إرثه البيئي، مشيرًا إلى أن الغباء يسيطر على أعلى مستويات السلطة في بلاده.
اقرأ أيضًا: حتى 2030 فقط: الكوكب أمام فرصة أخيرة للنجاة من كوارث التغير المناخي
وأضاف دا سيلفا أن بولسونارو يضر كثيرًا بالبرازيليين من تصرفاته، ولا يجب التهجم عليه، ولكن يجب أن يكون هناك حوار من أجل حماية الغابات التي يتعاملون معها وكأن البرازيل والعالم لا يريدانها، وهذا ليس صحيحًا.

أهمية عالمية
تكمُن أهمية غابات الأمازون في أنها تخزِّن 25% من الكربون العالمي، وَفق ورقة بحثية نُشرت في مجلة “الطبيعة” الدورية، وتعرضها إلى الاحتراق سيؤدي إلى خروج الكربون المخزن في صورة ثاني أكسيد الكربون؛ الأمر الذي سيدفع إلى تسريع وتيرة التغيُّرات المناخية ويزيد من الاحتباس الحراري.
ووَفقًا لبحث نشرته مجلة “ديسكفر”، فإن الفطريات التي تخرج من غابات الأمازون المطيرة تعبث في كثير من أشكال الحياة؛ منها 2.5 مليون نوع من الحشرات و40 ألف نوع من النباتات و1300 نوع من الطيور، وهو ما تم التوصل إليه فقط حتى الآن؛ فالـ1.4 مليار فدان من البيولوجيا الممتدة، والتي تغطي غابات الأمازون، تساعد على تنشيط التمثيل الغذائي ذاته لقارة بأكملها.
اقرأ أيضًا: لماذا لا تثير الحرائق في إفريقيا نفس الاهتمام الدولي كحرائق الأمازون؟ فرانس 24
يقول جوناثان فولي، المدير السابق لأكاديمية كاليفورنيا للعلوم ومؤسس “مشروع دروداون”: “إن ما يحدث سيكون كارثة لدورة الكربون على الأرض، وكذلك على المياه والمناخ والتنوع البيولوجي، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يعيشون في هذه الغابات، وذلك وسط تضارب للآراء بين العلماء حول التأثيرات البيئية المباشرة من استمرار الحرائق بهذه المعدلات”.
meu coração ta doendo demais com esse vídeo, alguém tem que fazer alguma coisa plmdsss pic.twitter.com/FOmsD9dtG6
— jessicat (@ops_jessi) August 20, 2019
شاهد: فيديو على تويتر لمواطنة من قاطني غابات الأمازون تتحدث والحرائق من خلفها
تقرير المناخ الصادر عن الأمم المتحدة في 2014، أشار إلى أن تغيُّر المناخ لن يكون بسبب الغابات فقط في منطقة الأمازون؛ لكن ارتباط إزالة الغابات مع الجفاف الشديد سيؤدي إلى تغيُّر في النظام البيئي بها، ومن ثَمَّ سيؤدي إلى تقليل قدرة الغابة في التعامل مع ثاني أكسيد الكربون.
وقد وجدت دراسة أُجريت في 2007 أن فقدان 40% من الغابة من شأنه تقليل هطول الأمطار وزيادة موسم الجفاف؛ مما يحول جزءًا كبيرًا من الجزء الشرقي إلى سهول معشبة، حيث لا يمكن إلا لعدد قليل من الأشجار أن يزدهر فيها، وذلك حسب تقرير نُشر على موقع “تكنولوجي ريفيو“.
اقرأ أيضًا: العالم أمام تحول الطاقة: هل بات تهديد تغير المناخ تحت السيطرة؟
وحسب دراسة أعدتها الباحثة بجامعة وهران، إيمان قلال، فإن القارة الإفريقية هي الأكثر تضررًا من عواقب التغيُّرات والتهديدات المناخية على الرغم من أنها مسؤولة عن نسبة 4% فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في هذه التهديدات، والمتمثلة في الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وموجات الجفاف، والفيضانات والأعاصير المتطرفة؛ الأمر الذي يؤدي إلى اندثار الأمن المناخي للقارة السمراء نتيجة عدم القدرة على التكيُّف مع التغيرات المناخية.
شاهد: فيديوغراف.. نداء أخير إلى كوكب الأرض.. احترس.. نسبة الأكسجين تنخفض
الباحث بمعهد الدراسات والبحوث البيئية أحمد بهجات، قال لـ”كيوبوست”: “إن هناك تعمدًا من الحكومة البرازيلية على الأرجح في تأخُّر التعامل مع الحرائق؛ وهو ما شجع المزارعين على القيام بالمزيد من إشعال الحرائق، لإزالة الأشجار والبدء في عمليات زراعة واسعة بالمنطقة”، مؤكدًا ضرورة اتخاذ موقف دولي موحد تجاه الحكومة البرازيلية؛ خصوصًا من الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر من أهم الشركاء التجاريين لها.
اقرأ أيضًا: ترجمات: ما العلاقة بين التغيُّر المناخي وأمراض المحاصيل الزراعية؟
وأضاف بهجات أن تأثير ما حدث في 2019 من احتراق لمساحات شاسعة من الغابات ربما يأخذ بعض الوقت لتحديد آثاره المناخية بدقة؛ سواء أكانت على البرازيل أم العالم، نظرًا للأهمية الاستراتيجية لغابات الأمازون، مشددًا على أهمية التعامل السريع مع الحرائق؛ لتخفيف آثارها السلبية على البيئة.