الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة

“حد الطار”.. معالجة مختلفة لقصة حب سعودية

كيوبوست – أحمد عدلي

“إذا ما قدرت تعيش مع اللي تحبه، على الأقل خليه يعيش مع اللي يحبه”، هكذا جاءت رسالة الفيلم السعودي الجديد “حد الطار”، الذي عُرض للمرة الأولى عالمياً ضمن فعاليات المسابقة العربية بالدورة الثانية والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وحصد إشادات نقدية واسعة؛ بسبب تقديمه صورة غير مألوفة للواقع في السعودية، فضلاً عن طرح العديد من القضايا بإيقاع سريع ومعالجة لقصة حب لا يمكن توقع نتائجها حتى المشهد الأخير.

نجح مخرج الفيلم عبدالعزيز الشلاحي، في إبقاء الجمهور مترقباً للأحداث وتصاعدها على مدار 80 دقيقة هي مدة الشريط السينمائي، وهو ما جاء انعكاساً للسيناريو الذي كتبه بإحكام مفرج المجفل؛ الأمر الذي يفسر عملية التعديلات المطولة التي استغرقها الفيلم خلال التحضير، وحتى خرج إلى النور في 2020؛ بعد ثلاث سنوات من المعالجة الأولية.

فريق عمل الفيلم خلال المؤتمر الصحافي بعد العرض

تشويق وإيقاع سريع

أحداث الفيلم تدور في أواخر التسعينيات وبداية الألفية؛ وهو ما فضَّل الكاتب الإشارة الرمزية إليه من خلال إعلان إحدى السيارات الجديدة على الطرقات، فضلاً عن الأجواء التي سادت في تلك الفترة من صعوبة الاتصالات الهاتفية وندرة الهاتف المحمول.. وغيرها من التفاصيل التي وظِّفت ليس فقط درامياً؛ ولكن حرص صناع الفيلم على إبرازها أيضاً داخل المنازل والمحلات الصغيرة.

يروي الفيلم قصة “دايل”، ابن السياف، الذي لا يرغب في أن يرث مهنة والده وأن يكون موظفاً بدائرة الحقوق والقصاص، لينفذ أحكام القتل أو الحرابة بالسيف في حق مَن صدرت بحقهم الأحكام الشرعية، والذي يحب الفتاة “شامة” ابنة “الطقاقة”؛ وهي المغنية في الأفراح الشعبية، لكن عم دايل والمسؤول عنه بعد وفاة والده، يرفض هذا الحب ويقف عائقاً أمام هذه الزيجة؛ ليس فقط لرغبته في تزويجه من ابنته، ولكن بضغوطه المالية على دايل وحرمانه من ميراث جده بالشرع والقانون؛ نظراً لأن والد دايل توفي قبل جده، ومن ثمَّ لا يحق له شرعاً الحصول على ميراثه.

اقرأ أيضاً: حوار خاص مع د.هند السديري حول المرأة السعودية ووسائل التواصل الاجتماعي

على مدار الأحداث نكتشف تصاعدها؛ فصحيح أن شامة تُظهر مشاعر الحب لدايل؛ لكنها لا تتوقف عن التفكير في حبيبها وابن خالتها المتهم في قضية قتل، ولا تستطيع عائلتها دفع الدية الخاصة به لإنقاذ رقبته من تنفيذ حكم الإعدام، لنشاهد تصاعداً للأحداث بصورة دراماتيكية محكمة؛ خصوصاً أن دايل يفترض حال موافقته على الوظيفة التي سيرثها عن والده أن يكون المسؤول عن تنفيذ الإعدام على حبيبها.

بخلاف التطورات المتسارعة للأحداث والنهاية غير المتوقعة والمعبرة عن فكرة الفيلم، فإن الأحداث قدمت صورة لما كان يعيشه المجتمع السعودي خلال تلك الفترة؛ بداية من بروز المتشددين الرافضين حتى لمشاهدة مباريات كرة القدم، مروراً برفض بعض العائلات الموسيقى في الأفراح والمشكلات التي عاناها الموسيقيون في الفرق الشعبية، ونظرة المجتمع الدونية إلى العاملين في مجال الموسيقى، حتى مع تقديم النساء موسيقاهن وأهازيجهن في المجالس النسائية فقط بالأفراح.

جانب من ندوة الفيلم

قضايا متعددة

يناقش الفيلم قضايا متعددة، ويسلط الضوء على بعضها من دون إسهاب؛ خصوصاً في ما يتعلق بمسألة “الثأر” التي تشكل المعالجة الرئيسية للفيلم؛ فالأسرة لو كانت تحظى بوفرة المال لاستطاعت إنقاذ ابنها من الموت. كما يلقي الفيلم بالظلال على الاستغلال السيئ للتفسيرات الشرعية والدينية؛ سواء باستغلال العم مسألة الميراث للضغط على ابن شقيقه، أو إمكانية أن يتحول دايل إلى سياف من أجل قطع رأس مَن تحبه الفتاة التي أحبها من قلبه.

اقرأ أيضاً: ما جذور المحاربات الحسناوات في الكتب الهزلية والأفلام السينمائية؟

على الرغم من حداثة السينما السعودية؛ فإن مخرج الفيلم استطاع أن يستفيد من الخبرات المصرية التي ساعدت في خروج العمل إلى النور؛ سواء في الإنتاج أو في التصوير، بينما جاء استخدام اللهجة السعودية المحلية للقرى القريبة من الرياض ليضفي مزيداً من المحلية الشديدة على الفيلم؛ وهو ما يُحسب لفريق العمل، لا سيما أن هذه اللهجة ليست مألوفة عربياً.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

أحمد عدلي

صحفي وباحث سياسي

مقالات ذات صلة