الواجهة الرئيسيةصحة
حتى لا نصل إلى السيناريو الكارثي بسبب “كورونا”

كيوبوست
تحوَّلت الحياة بشكل كامل في إيطاليا بعد تفشِّي فيروس كورونا؛ حيث سُجِّلت إيطاليا في المرتبة الثانية بعد الصين في البلدان الأكثر تضررًا حول العالم. وما حدث في المدن الإيطالية يقدِّم نموذجًا محتملًا لما يمكن أن يحدث في نيويورك أو لندن أو باريس في غضون أسبوع أو أسبوعَين، حسب موقع “بلومبرج”.
شاهد: فيديوغراف.. “كورونا” يعطِّل الشعائر الدينية عالميًّا
البقاء في المنزل
ويضيف موقع “بلومبرج” أن الإجراءات الصحية تنصح الإيطاليين بالبقاء في المنزل كآلية للحد من تفشِّي الفيروس؛ لكن مثل هذه التوصية تعد كارثية بالنسبة إلى المحلات والحانات التي أغلقت أبوابها أمام المواطنين والسائحين، فجسر ريالتو بالبندقية الذي من المفترض أن يكون مليئًا بالسائحين الراغبين في التقاط الصور السيلفي أصبح خاليًا، وبات من الواضح أن الاقتصاد الإيطالي يتعرَّض إلى كارثة بسبب توقف الأعمال التجارية بصورة تهدِّد بعدم تسديد القروض في مواعيدها المحددة سلفًا.
ومن جانبها، أعلنت الحكومة الإيطالية إجراءات بقيمة 25 مليار يورو؛ لتخفيف وطأة وباء كورونا، تشمل مساعدة الشركات التي تأثرت، فضلًا عن بعض مدفوعات الرهن العقاري ودعم العمال الذين يواجهون شبح التسريح المؤقت نتيجة حالة الإغلاق، ومساعدة أسواق المال التي هبطت فيها السندات الإيطالية إلى أدنى مستوياتها.

قرار الإغلاق
ويعتبر تقرير “بلومبرج” أن إيطاليا تقدِّم درسًا لبقية دول العالم؛ ففي غضون 48 ساعة أصبحت الأراضي الإيطالية معزولةً عن العالم، وفرضت الحكومة إجراءات قاسية وبسرعة، رغم معارضة رئيس الحكومة في البداية لمطالب زعماء المعارضة باتخاذ تدابير صارمة. ورغم أعمال الشغب بالسجون؛ فإن المسؤولين يؤكدون عدم وجود خطر كبير من الاضطرابات أو سقوط الحكومة بسبب حالة الطوارئ.
اقرأ أيضًا: “كورونا” يخلِّف آثارًا عميقة على الاقتصاد وخطوط الطيران
سيناريوهات الانتشار المرعب
اعتاد الإيطاليون منذ تسجيل الإصابة الأولى بالفيروس نهاية الشهر الماضي، انتظار السادسة مساءً ليتم الإعلان عن أعداد المصابين، التي سجلت أرقامًا محدودة قبل أن تتزايد بشكل مضطرد خلال الأيام الأخيرة؛ وهو ما لم ينجح العلماء في تفسير أسبابه حتى الآن بشكل دقيق. وسائل إعلام إيطالية نقلت عن الدكتور ماسيمو غالي، أستاذ الأمراض المعدية بجامعة ميلانو، ترجيحه احتمالية انتشار المرض قبل رصد الحالة الأولى من الإصابة رسميًّا؛ وهو ما أدى إلى تفاقمه، وهو الترجيح الذي يأتي استنادًا إلى تزايد أعداد المصابين بالأمراض الموسمية بشكل مضاعف خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير وطوال شهر فبراير.
وطالب البروفيسور لوثر فيلير، مدير معهد روبرت كوخ الألماني، خلال حديثه إلى “دويتشه فيله“، بعدم التسرع في استخلاص النتائج من أرقام مؤقتة للوفيات والإصابات، مشيرًا إلى أن ما يُفسر ارتفاع أعداد الوفيات مقارنةً بعدد الإصابات في إيطاليا هو أن الفيروس انتشر بصمت لفترة دون أن يلاحظه أحد.
اقرأ أيضًا: إيطاليا.. فيروس كورونا وتجربة الاستمتاع بالخوف
سيناريو كابوسي
من جانبه، يتوقع تقرير “بلومبرج” أن عدد الإصابات لم يبلغ ذروته بعد؛ فقبل أسبوع فقط كان المتزلجون على الجليد لا يزالون يحجزون عطلات في إيطاليا، وكان طلاب الجامعات الأمريكية يركضون في جميع أنحاء أوروبا. والسيناريو الكابوسي هو انهيار المرافق الصحية بشمال إيطاليا؛ حيث يتوقع أن تعاني المستشفيات في الشمال نقصًا في أَسرَّة العناية المركزة وأجهزة التنفس، وقد يؤدي الانتشار السريع للفيروس عبر الجنوب الأفقر إلى كشف الحلقة الأضعف بالنظام الصحي. وحسب دراسة لوزارة الصحة الإيطالية، فإن الرعاية في بعض المناطق الجنوبية دون المستوى. وتحاول السلطات الإيطالية التماسك؛ لتجنب انهيار المنظومة الصحية بالجنوب عن طريق جلب معدات جديدة. بينما شهدت الأيام الأخيرة نقل مرضى العناية المركزة المصابين بأمراض غير “كورونا” إلى مستشفيات على مسافات أبعد؛ لكنَّ الإيطاليين يستعدون لاتخاذ قرارات أصعب.
اقرأ أيضًا: “كورونا” في إيطاليا.. هل ما زلنا قادرين على التضحية؟
وفي 6 مارس نشرت الجمعية الوطنية للتخدير والعناية المركزة توصيات للتعامل مع “ظروف استثنائية من عدم التوازن بين الاحتياجات والموارد المتاحة”؛ وهي النشرة التي تضمنت اعتبارات الفرز المحتمل للمرضى بناءً على أعمارهم وفرص البقاء على قيد الحياة.

حل نظري
“نظريًّا إذا بقي الجميع في المنزل لمدة ثلاثة أسابيع، فإن ذلك سيمنع من ظهور مصابين جدد”، هكذا يرى الدكتور جياكومو غراسيلي، طبيب التخدير في جامعة ميلانو، ومنسق شبكة وحدات العناية المركزة في لومباردي، الحل في الوقت الراهن، مطالبًا دول العالم بأن تتخذ إجراءات جذرية لتجنب السيناريو الإيطالي، وحتى لا يصل العالم إلى نقطة اللا عودة التي لن تكون فيها الموارد كافية للجميع.