اسرائيلياتالواجهة الرئيسيةشؤون دولية

“حافة الهاوية”: سياسة أردوغان في علاقته “الاقتصادية” مع إسرائيل

بلغ مقدار التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل 4.3 مليار دولار في 2017

كيو بوست –

مرت شركات السياحة الإسرائيلية بهذا الأمر أكثر من مرة: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يهاجم إسرائيل لفظيًا، ويزعزع استقرار العلاقات بين البلدين، والنتيجة الفورية هي انخفاض في حجم السياحة.

أثّر هذا الأمر سابقًا على مدينة أنطاليا التركية، التي كانت وجهة لمئات الآلاف من الإسرائيليين، وجرى استبدالها بجهات أخرى، خصوصًا اليونان. ويقدر الآن عدد الإسرائيليين الذين يزورون المدينة بنحو 100.000 شخص.

اقرأ أيضًا: تركيا وإسرائيل: نظرة إلى الشراكة الاقتصادية بين “الحلفاء السيئين”

يميل معظم المعلقين إلى التنبؤ بأنه في ضوء الأزمة الاقتصادية المتسارعة في تركيا، لن يجرؤ أردوغان على قطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، لكن سابقة أنطاليا تُظهر أن حتى بمجرد تصريحه بقطع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، سيكون له تأثير كبير على الشركات التركية، خصوصًا أن شركات الطيران التركية تنقل مليوني شخص كل عام من وإلى إسرائيل.

ويشك الخبراء في إسرائيل فيما إذا كانت التهديدات ستنفذ. يقول البروفسور ميري شيفر-موسينسون من قسم الشرق الأوسط والتاريخ الإفريقي في جامعة تل أبيب: “التصريحات درامية للغاية… هذا هو الرجل وهذا هو أسلوبه. نعرف أن هناك انتخابات في غضون أسابيع قليلة. في الوقت نفسه، هناك أزمة اقتصادية كبيرة جدًا في تركيا… التجربة تظهر أنه حتى بعد أسطول مرمرة، كانت خطابات أردوغان نارية للغاية، ولكن لم يحدث أي شيء فعليًا”.

ووفقًا لمعهد التصدير والتعاون الدولي الإسرائيلي، بلغ حجم التجارة الثنائية بين إسرائيل وتركيا 4.3 مليار دولار عام 2017 -أي بزيادة 11٪ عن العام السابق- (2.9 مليار دولار في الواردات، و1.4 مليار دولار في الصادرات). ومن النقاط الجديرة بالملاحظة أن هذه المبالغ لا تشمل الطيران المدني، الذي تكسب منه شركات الطيران التركية مئات الملايين من الدولارات سنويًا.

 

الواردات: الأسمنت والطماطم

تتركز واردات إسرائيل -البالغة 2.9 مليار دولار- من تركيا في المنتجات الغذائية ومنتجات البناء والسيارات والسلع الكهربائية. ويتوقع شيفر-موسينسون أن الضرر الرئيس للمستهلك الإسرائيلي إذا توقفت الواردات من تركيا سيكون في الغذاء، بسبب أن استيراد المزيد من المنتجات سيكون باهظ الثمن إذا كان من بلدان أبعد، ولكن التأثير على البناء يمكن أن يكون كبيرًا أيضًا.

اقرأ أيضًا: إحصائيات رسمية تكشف: تركيا الداعم الأول للاستيطان الإسرائيلي

شركة Cobalt Trade، التي تمثل الشركات الإسرائيلية التي تستورد من تركيا، ستعاني بلا شك من أضرار ناتجة عن تهدئة العلاقات الاقتصادية. يقول إيال بيريتس، الرئيس التنفيذي لـCobalt Trade في قطاع الصناعات الغذائية: “تستورد إسرائيل البضائع الجافة والمياه المعدنية ومعجون الطماطم وزيت الطهي والحلوى والبقوليات. وسيحدث بعض النقص في هذه الأصناف، وسترتفع الأسعار، على الرغم من أنها ستكون هامشية نسبيًا”.

علاوة على ذلك، يضيف قائلًا: “تستورد إسرائيل الحديد والأسمنت، والرخام والسيراميك، والأدوات الصحية من تركيا. وسيؤدي وقف هذه الواردات إلى ارتفاع أسعار المواد الإنشائية”، بحسب معهد التصدير والتعاون الدولي الإسرائيلي.

ويقول مدير اتحاد شركات التجارة الخارجية الإسرائيلية دان كاتاريفاز: “هناك بديل للسلع الكهربائية البيضاء من تركيا مثل الغسالات والمجففات وغسالات الصحون (المصنع الرئيس في هذا القطاع هو شركة بيكو التركية)”.

ويضيف: “إن لم يكن من تركيا، تشتري إسرائيل بضائع ألمانية أو صينية، لكن المواد الخام والمعدات تكون أكثر تعقيدًا. هذه المواد الخام مناسبة بشكل خاص لعمليات إنتاج محددة. على سبيل المثال، يتم إنتاج صب الحديد في تركيا وفقًا لمقاييس محددة، ويستغرق بعض الوقت للعثور على مصدر بديل”.

 

هل ستنهار الشركات الإسرائيلية لأنها تستند إلى واردات من هناك؟

يضيف كاتاريفاز أيضًا: لا توجد شركات تتعامل فقط مع السوق التركية؛ الشركات الإسرائيلية صغيرة مع أسواق متنوعة. رجال الأعمال الإسرائيليون أذكياء بما يكفي لإدراك أنه من غير الصالح أن يرتكز نشاطك على مورد واحد، لذلك ينوّعون مواردهم وعملاءهم على حد سواء”.

“كما أن تكلفة الشحن مهمة للغاية في السعر، لذلك إذا كان على إسرائيل استيراد بعض المنتجات من الصين بدلًا من تركيا، فمن المعقول أن نفترض أن السعر سيكون أعلى بسبب المسافة”.

يذكر أن بعض المصادر المطلعة على العلاقات التجارية بين الدول تشير إلى حقيقة أن أول من سيتضرر من جراء إنهاء العلاقات الاقتصادية سيكون أبناء أردوغان، بلال وأحمد، اللذان يمتلكان أسطولًا من سفن الشحن التي عملت، على الأقل في السابق، على الطريق إلى إسرائيل.

 

ما الذي تصدره إسرائيل إلى تركيا؟

يمثل قطاع الكيماويات والمنتجات النفطية المكررة 75٪ من صادرات إسرائيل -البالغة 1.4 مليار دولار- إلى تركيا، بحسب الصحيفة الاقتصادية الإسرائيلية غلوبس. إن الانخفاض أو التوقف في هذه الصادرات سيؤثر أولًا وقبل كل شيء على شركات مثل مصافي النفط الإسرائيلية. هذه المنتجات مهمة للصناعة التركية، ولكن يمكن إيجاد البدائل بسهولة نسبية في السوق العالمية. يقول كاتاريفاس: “ضع في اعتبارك أنه حتى لو كانت التهديدات بقطع العلاقات ستتحقق، فإنها لن تحدث في يوم واحد”.

اقرأ أيضًا: تحقيق: هكذا يصل النفط العراقي بسرّية إلى إسرائيل عبر تركيا

وفي محاولة منه لتخفيف القلق، قال: “هناك دائمًا إجراءات بديلة، وحتى إذا قرروا إلغاء اتفاقنا التجاري مع تركيا غدًا، فسوف يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصبح ساريًا. هناك أيضًا عقود وأوامر على الطريق…”.

وأضاف: “ولكن ضع في اعتبارك أنه قال ذلك في أعقاب مؤتمر للدول الإسلامية، حيث طالبوا بمقاطعة إسرائيل، ومن خلال ما نفهمه، ربما يكون هذا الإعلان إعلانًا أساسيًا للاستهلاك الداخلي، وليس للسياسة الخارجية”.

“من الواضح أنه من الممتع للغاية القيام بأعمال تجارية مع بلد نقيم علاقات لطيفة معه، لكن هناك العديد من الأمثلة على البلدان التي لا تتمتع العلاقات الدبلوماسية فيها بأي شيء جيد، ولكن التجارة معها مستمرة. أوروبا لا تتحمس لنتنياهو، ولكن التجارة معها مستمرة”.

 

الطيران المدني

المكان الذي يكون فيه المستهلك الإسرائيلي عرضة للإحساس الفوري بمقاطعة تركية هو الطيران المدني. تعمل حاليًا ثلاث شركات طيران تركية بشكل مكثف في إسرائيل: الخطوط الجوية التركية، التي تملكها الحكومة بنسبة 50٪؛ خطوط “بيجاسوس” الجوية، و”أطلس” العالمية التي بدأت العمل فقط في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. تشغل أطلس جلوبال، الأصغر بين الثلاثة، رحلة يومية واحدة.

وتقوم شركة Pegasus بتشغيل 40 رحلة أسبوعية إلى إسطنبول، ولا تقل الخطوط الجوية التركية عن 11 رحلة يومية من مطار “بن جوريون”. لقد طار 2 مليون مسافر إسرائيلي بهذه الشركات في عام 2017، ويعتقد أن 85٪ منهم على الأقل واصلوا إلى وجهات أخرى. لا توجد بيانات دقيقة للعائد من هذا النشاط.

اقرأ أيضًا: إسرائيل الوجهة الأولى للطيران التركي!

يقول مصدر في الصناعة التركية: “التخلي عن السوق الإسرائيلية سيكون ضربة قاسية، والسوق الإسرائيلية هي ثاني أكبر سوق للشركة بعد السوق التركية. وقد حملت الشركة معظم الركاب الإسرائيليين بعد شركة “العال” الإسرائيلية في عام 2017. يقدر عدد هؤلاء بـ1.2 مليون شخص”.

“من السهل أن نفهم لماذا تكون إسرائيل جذابة للأتراك: الموقع الجغرافي لإسطنبول بعد ساعتين من إسرائيل. الرحلة سهلة التشغيل، والتكاليف منخفضة. إسطنبول في الطريق إلى أوروبا والولايات المتحدة، ويمكن أن تطير عبرها”.

يقوم مدير الشراكات التجارية في “هوليداي لاينز” أيلان شاليف، بإرسال ثلاث رحلات يومية إلى تركيا في المواسم السياحية، ورحلة واحدة خلال فترة الركود. ويقول إن شركات الطيران التركية سوف تتضرر بشكل كبير بسبب أي تغيير في الوضع، لأن مطار بن غوريون هو مطار مهم بالنسبة لهم.

السؤال الكبير هو بالطبع ما إذا كان الإلغاء، أو حتى الخفض، في حجم هذه الرحلات، سيؤدي إلى ارتفاع في الأسعار، وربما يكون الجواب نعم، حتى لو كان ذلك على المدى القصير فقط.

ماذا عن السياحة في تركيا؟ يقول إيزي مادم الرئيس التنفيذي لشركة إيزي ترافل (تاجر جملة للسياحة متخصص في تركيا)، إن نصف مليون إسرائيلي اعتادوا زيارة تركيا.

اقرأ أيضًا: في اليوم الذي هاجم فيه أردوغان إسرائيل.. صدّر إليها مليون برميل نفط!

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة