الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية
حاخامات يدعمون “حماس”
مفاهيم الأكاديميين الغربيين مشوهة إلى درجة أنه حتى طلاب الحاخامات الأمريكيين يسوقون لصالح منظمة إسلامية إرهابية ملتزمة بقتل اليهود

كيوبوست- ترجمات
آساف روميروسكي♦
أجبر القتال بين إسرائيل و”حماس” اليهودَ الأمريكيين مرة أخرى على الاختيار بين الوقوف إلى جانب إسرائيل أو إلى جانب قيمهم العالمية المثالية التي يرون أنها لا تتوافق مع المشروع الصهيوني. على سبيل المثال، أصدرت مجموعة من طلاب الحاخامات اليهود الأمريكيين الذين يدرسون في مؤسسة غير أرثوذكسية رسالة مفتوحة يتهمون فيها إسرائيل بالتمييز العنصري، ويطالبون الجاليات اليهودية الأمريكية بتحميل إسرائيل المسؤولية عن “قمعها العنيف لحقوق الإنسان”.
من نواحٍ عديدة، هؤلاء الطلاب هم صورة مصغرة عن اليهود الأمريكيين الشباب الذين يرون الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني من منظور أمريكي للعرق، يقوم على معادلة التنوع والمساواة والاندماج التي تهيمن على المجتمع الأمريكي اليوم، ويتزامن مع الممارسات شبه الدينية التي تتمثل في القيام بممارسة العدالة بدلاً من المشاركة في الصلاة والعبادة.
اقرأ أيضاً: “حماس” تقرّ بدعم طهران العسكري.. والحرس الثوري يسعى لاستنزاف أمريكا وإسرائيل
قال حاخامات المستقبل في رسالتهم: “إن مؤسستنا تفكر وتسأل “كيف نتواطأ مع العنف العنصري؟”… ومع ذلك فإن العديد من تلك المؤسسات نفسها تلتزم الصمت، عندما تندلع أعمال العنف العنصري، وسوء استخدام السلطة في إسرائيل وفلسطين.
وهذا ما يطرح السؤال: هل يعرف هؤلاء الأشخاص الحريصون ما “حماس” وما الذي تمثله؟
كانت “حماس”؛ وهي فرع من جماعة الإخوان المسلمين المصرية، كما تعلن بفخر في ميثاقها، في غاية الوضوح في أهدافها وأساليبها. إن نظرة سريعة على ميثاق “حماس” كافية لتفضحها: “حركة المقاومة الإسلامية تعمل على رفع راية الله فوق كل شبر من فلسطين”، “إسرائيل ستبقى، وستظل قائمة، إلى أن يمحوها الإسلام كما محا غيرها من قبل”، “تتعارض المبادرات، وما يُسمى الحلول السلمية، والمؤتمرات الدولية، لحل القضية الفلسطينية، مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية”.

وإذا لم يوضح كل ما سبق غاية الحركة، يضيف الميثاق البيانَ الصريح التالي:
“إن حركة المقاومة الإسلامية تتطلع إلى تحقيق وعد الله مهما طال الزمن، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهودَ فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر يا مسلم، يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعالَ فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود”.
خاطب عضو المكتب السياسي لـ”حماس” ووزير الداخلية السابق فتحي حماد، مؤخراً، أهل القدس، قائلاً: “يا أهل القدس، نريدكم أن تقطعوا رؤوس اليهود بالسكاكين. مزقوا شرايينهم بأيديكم. السكين لا يكلف أكثر من خمسة شياكل، اشترِ سكيناً واشحذه وضعه هنا (تشير إلى العنق) واقطع (رؤوسهم) سيكلفك الأمر خمسة شياكل. بخمسة شياكل سوف تهين الدولة اليهودية”.
اقرأ أيضاً: هل تزيح “حماس” منظمة التحرير؟
يجسد حاخامات المستقبل في أمريكا اللا مبالاة والجهل الديني؛ الاستبدال المتعمد للعدالة الاجتماعية بالطقوس التقليدية اليهودية. وهذا يفسر تراجع انخراطهم مع إسرائيل. تسلط هذه الغرائز الليبرالية الأمريكية الضوءَ على خطر وضع كراهية دولة إسرائيل اليهودية في مركز الاعتقاد الديني. إن تنامي الازدراء والشعور بالذنب تجاه إسرائيل بين اليهود الأمريكيين؛ خصوصاً بين اليسار الثقافي الذي يحاول التعامل مع ما تعنيه الصهيونية بالنسبة إليهم وإلى أولادهم وأحفادهم في غياب أي شعور قوي تجاه اليهودية أو إخوانهم اليهود.

يتم تضخيم الشعور الخاطئ بالذنب عن عمد من خلال تصريحاتٍ صادرة عن أعضاء في “الفرقة” الموالية لـ”حماس”؛ مثل النائبة رشيدة طليب (ديمقراطية عن ولاية ميشيغان) التي قالت: “يلتزم كثيرون الصمت أو اللا مبالاة بينما يستمر استخدام أموال دافعي الضرائب الأمريكيين في هذا النوع من الوحشية. لقد سئمت من الناس الذين يتصرفون بتأثير شعورهم بالخوف من تنمر جماعات الضغط الموالية لإسرائيل، بدلاً من فعل ما هو صحيح. إن هذا فصل عنصري؛ الأمر واضح وبسيط”.
كما ألقت خطاباً في اجتماعٍ حاشد في وزارة الخارجية الأمريكية، اتهمت فيه إسرائيل بالتورط في جرائم تطهير عرقي، وقالت: “إن ما يفعلونه بالفلسطينيين هو ما يفعلونه بإخواننا وأخواتنا السود هنا. وبما أنكم جميعاً تتظاهرون من أجل حرية فلسطين، فاعلموا أنكم يجب أن تتظاهروا من أجل حريات الجميع؛ فالأمر كله مترابط”.
اقرأ أيضاً: الأسباب الاجتماعية لغضب يهود الفلاشا في إسرائيل
يتصارع اليهود الأمريكيون الشباب، على وجه الخصوص، مع الصهيونية، التي أصبحت في القرن الواحد والعشرين مصدراً للنقاش والجدل، والإحراج والشعور بالذنب، بينما يحاولون التصالح مع أنشطة الدولة اليهودية ومسؤوليها المنتخبين. وهذا دفع الكثيرين إلى محاولة النأي بأنفسهم عما كان يجسد جوهر الهوية اليهودية المعاصرة.
تاريخياً، ومنذ حقبة ما قبل الدولة إلى ما بعد حرب الأيام الستة عام 1967 كان هنالك تقدير كبير لإسرائيل -ليس فقط لأنها تحقيق للتوق القديم للعودة؛ بل أيضاً كملاذ آمن- ففي أعقاب الهولوكوست، كان ينظر إلى التهديد بالإبادة على أنه حقيقي وداهم. وكان ينظر إلى الصهيونية على أنها جزء لا يتجزأ من الهوية اليهودية الأمريكية؛ خصوصاً في السنوات التي سبقت عام 1967. لم يكن هنالك أي تناقض في أن يكون هناك أمريكي ليبرالي ويهودي في الوقت نفسه.

وقد عبَّر عن ذلك بشكل جيد لويس برانديز، قاضي المحكمة العليا:
“لا ينبغي لأي أمريكي أن يتخيل أن الصهيونية تتناقض مع الوطنية.. لا يوجد أي تضارب بين الولاء لأمريكا والولاء لليهودية؛ فالروح اليهودية، التي هي نتاج ديننا وتجاربنا، هي في أساسها حديثة وأمريكية.. حقاً إن الولاء لأمريكا يتطلب من كل يهودي أمريكي أن يصبح صهيونياً؛ لأنه فقط من خلال التأثير النبيل للصهيونية، يمكننا تطوير أفضل ما فينا، ومنح هذا البلد منافع تراثنا العظيم”.
واليوم، على عكس برانديز، تعتبر أيديولوجية المجموعات الليبرالية “ماركسية” أكثر منها “ديمقراطية”، وتهدف إلى العدالة بدلاً من المساواة؛ ولذلك فهم يتبعون خطى ماركس في خلق ثوراتٍ اجتماعية من خلال سياسات الهوية، ويعملون على تقويض منظومة القيم الأمريكية. حتى الآن لم تنجح هذه الجهود، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة لا تزال ترتكز على قواعد قومية تفتقر إليها أوروبا.
اقرأ أيضاً: يتزوجن في الـ17 وينفقن على أزواجهنّ وأطفالهنّ: هل تخرج الحريدية من قوقعة طائفتها؟
ولكن هناك حاجة ماسة إلى ركائز صهيونية ضمن المجتمع اليهودي للتغلب على الشعور بالذنب ولوم الذات على وجود إسرائيل. اختفتِ الذاكرة التاريخية الجماعية من الخطاب المعاصر حول الصهيونية؛ خصوصاً في الولايات المتحدة. وبينما يوجد صهاينة في اليمين وفي اليسار ممن لا يزالون يقدرون التاريخ اليهودي، ويؤمنون بمصير اليهود، فإن التجديد الصهيوني خارج أرض صهيون هو أمر مطلوب بشدة.
♦المدير التنفيذي لمركز “باحثون من أجل السلام في الشرق الأوسط”، وزميل في منتدى الشرق الأوسط.
المصدر: جويش نيوز سينديكيت