الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
جيرارد راسيل لـ”كيوبوست”: سندفع ثمناً باهظاً نتيجة سقوط النظام في أفغانستان
تحدث الناطق السابق باسم الخارجية البريطانية -في مقابلة مع "كيوبوست"- عن تداعيات سقوط النظام الأفغاني.. وفي مقدمتها موجة لجوء جديدة ستستمر سنوات

كيوبوست

قال الناطق السابق باسم الخارجية البريطانية جيرارد راسيل، إن طريقة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان خلقت شعوراً بريطانياً بضرورة عدم الاعتماد على الولايات المتحدة بنفس الدرجة التي كانت تعتمد بها عليها في الماضي، مشيراً إلى تنسيقٍ أوروبي- بريطاني متزايد بشأن السياسات الدفاعية. وتوقع جيرارد راسيل انتعاش الحركات الجهادية وتمركزها في أفغانستان خلال الفترة المقبلة، مؤكداً وجود موجة من اللاجئين ستستمر لسنوات.. وإلى نص الحوار:
* كيف ترى الموقف البريطاني مما يحدث في أفغانستان؟
– لعبت بريطانيا دوراً أساسياً ومهماً في أفغانستان منذ عام 2001، وهذا الدور انتهى بانسحاب آخر القوات البريطانية بالفعل من الأراضي الأفغانية. ولندن؛ مثل حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، تشعر بالإحباط؛ لأنه رغم التضحيات التي قُدمت في الماضي، والعلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة؛ فإنها لم تُخطر بقرار الانسحاب أو يتم التشاور معها بشكل كافٍ قبل الانسحاب، لدرجة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يوافق على الحديث مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، على الفور عندما طلب الحديث معه، وقرار الانسحاب الأمريكي جعل هناك شعوراً بريطانياً بأنه لا يجب أن تعتمد على الولايات المتحدة بنفس الدرجة التي كانت تعتمد بها عليها في الماضي؛ لكن في نفس الوقت واشنطن لا تزال أهم وأقوى دولة في العالم عسكرياً وسياسياً.

* هل تعتقد أن تنسيقاً بريطانياً- أوروبياً قد يلعب دوراً أكبر خلال الفترة المقبلة؟
– رغم الخلاف البريطاني مع الدول الأوروبية؛ خصوصاً بعد البريكست؛ فإنه هناك مصالح مشتركة قائمة يتم العمل على تعزيزها، ومن بين هذه المصالح العمل المشترك من أجل الدفاع عن النفس، وهناك علاقة وثيقة بين بريطانيا وفرنسا متزايدة بشكلٍ ملحوظ في الفترة الأخيرة، ويجب أن يتم توسيع التعاون من أجل بناء قدرة أوروبية مستقلة لمعالجة التحديات الأمنية المشتركة.
صحيح أنني لا أعتقد أن هذه القدرة يمكن الآن أو في المستقبل أن تجعل لأوروبا إمكانية التصرف بشكل منفرد في أفغانستان من دون الولايات المتحدة؛ لكن في النهاية نحن أمام ضرورة لإيجاد هذه القدرة، وأفغانستان بعيدة عن أوروبا جداً، ودعنا نتذكر أن السبب الرئيسي للحرب في أفغانستان هو الاعتداءات التي نُفذت على الولايات المتحدة، وليس على أوروبا.. هناك أماكن تعتبر أقرب إلى أوروبا بحاجة إلى مزيدٍ من الاهتمام؛ من بينها شمال إفريقيا على سبيل المثال.

* هل تعتقد أن حلف شمال الأطلسي سيتأثر سلباً بما حدث؛ خصوصاً بعد تجربتَي أفغانستان والعراق؟
– الحرب في أفغانستان مختلفة نوعاً ما عن الحرب في العراق؛ صحيح أن هناك أوجه تشابه، لكن عندما نتحدث عن حلف شمال الأطلسي فنحن نتحدث عن دفاع دول، ورغبتها في حماية أمنها، وإذ كنت أعتقد أنه كان يمكن البقاء في أفغانستان، والحفاظ على الحكومة الأفغانية بدلاً من الانهيار الذي حدث وسندفع ثمنه جميعاً، لكن في نفس الوقت لا يجب أن نصل إلى استنتاجات لا تبررها الواقعية؛ فالحلف لا يزال له دور كبير، وهناك رغبة أوروبية- أمريكية باستمراره كمنتدى مشترك للدفاع، والرؤساء الأمريكيون المتعاقبون ملاحظاتهم الرئيسية بانتقاد أوروبا لكونها لا تصرف كثيراً على قواتها العسكرية؛ وهو الانتقاد الذي برز بشكل واضح خلال فترة حكم دونالد ترامب.

* ما الثمن الذي تقصده؟
– الثمن سيكون من عدة نواحٍ؛ فحركة طالبان حققت انتصاراً حتى لو كان مؤقتاً بالدخول إلى كابول، وانتصرت على الحكومة الأفغانية التي أنفقت واشنطن وحلفاؤها تريليونات الدولارات للحفاظ عليها، وهو أمر يعطي دفعة معنوية كبيرة للجماعات المتطرفة والجهادية عالمياً، وسيطرة “طالبان” تعني أننا أمام توقعات بإعداماتٍ لأعداد كبيرة، حتى مع سيطرتها على كابول من دون تحرك عسكري؛ فإنها ستقوم بالانتقام ممن كان يعارضها، وهناك سلسلة حوادث عنف متوقعة على غرار ما حدث من قبل في التسعينيات؛ مما قد يدفع إلى حرب أهلية، ولا شك أن الحركات الجهادية والإرهابية ستشهد نمواً في الفترة المقبلة، مع اتخاذ أفغانستان كملجأ لها.

* لكن هناك موجة تدفق جديدة من اللاجئين متوقعة، فهل لدى الدول الأوروبية وبريطانيا والولايات المتحدة القدرة على استقبالها؟
– في أوقاتٍ سابقة قبلت أوروبا موجات من اللاجئين، ولم يحدث انهيار سياسي واقتصادي؛ بعض اللاجئين يمكن أن يساعدوا في بناء الاقتصاد، ويحققوا قيمة مضافة للاقتصاد الأوروبي، وأقصد هنا الأفغان المتعلمين ذوي المهارات الذين سيكونون مكسباً لأوروبا وخسارة لبلدهم، وهناك دول كثيرة يمكنها استيعاب الأعداد الكبيرة من اللاجئين والذين سيحاولون الهرب من أفغانستان خلال السنوات المقبلة.

* هل تتوقع قيام الحكومة البريطانية بالتواصل وإقامة علاقات مع “طالبان”؟
– يعتمد الموقف البريطاني من “طالبان” على الأحداث وتطوراتها؛ لكن إجمالاً ليس هناك مصالح بريطانية في أفغانستان، ولا يوجد سبب للتعاون إلا مكافحة الإرهاب، وفي حال قرار الحكومة الحالية أن تقيم علاقات مع “طالبان”، فسيكون هناك ثمن سياسي محرج لها؛ إذا لم تلتزم “طالبان” بمكافحة الإرهاب والالتزامات الدولية.