اسرائيلياتالواجهة الرئيسيةحواراتشؤون دولية
جوشوا كراسنا لـ”كيوبوست”: نتنياهو حاول شراء الوقت بتأجيله تمرير التعديلات القضائية
كراسنا: قد تظهر انشقاقات داخل حزب الليكود نفسه؛ وهو ما يجعلني أتوقع أن تكون احتمالات استكمال الحكومة الحالية فترتها كاملةً حتى 2026 قليلة جداً، ولن أتفاجأ في حال لم تكمل العام الحالي.

كيوبوست

قال مدير مركز سياسات الطاقة الناشئة في الشرق الأوسط بمعهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، د.جوشوا كراسنا، إن الحكومة الإسرائيلية لم تلغِ فكرة التعديلات على قانون السلطة القضائية، التي أدت إلى احتجاجات غير مسبوقة وصلت ذروتها الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن الائتلاف الحكومي الحالي يمرر تشريعات مثيرة للجدل.
وتوقع كراسنا، في مقابلة خاصة مع “كيوبوست”، عدم استمرار الائتلاف الحكومي بشكله الحالي حتى 2026، مشيراً إلى أن خطوة إرجاء إقرار القانون المثير للجدل بشأن القضاء، جاءت بمثابة “شراء للوقت”؛ وهذا نص الحوار:
* هل تعتقد أن الحكومة الإسرائيلية تراجعت بالفعل عن التعديلات التي ترغب في إدخالها على قانون السلطة القضائية، أم أن قرار الإرجاء في الوقت الحالي يرتبط برغبة نتنياهو في تهدئة الأوضاع مع تزايد الاضطرابات في الشارع؟
– لم تتراجع الحكومة عن تعديلاتها بشأن القانون، أو حتى عن أي من تشريعاتها المثيرة للجدل التي تعمل على إعدادها وإقرارها من خلال الأغلبية الائتلافية في الكنيست؛ بما في ذلك التصويت على إلغاء قانون فك الارتباط الشهر الماضي، الذي جرى بموجبه تفكيك المستوطنات التي أُنشئت عام 2005 بالضفة الغربية، بالإضافة إلى إقرار قانون “العجز الجديد”، الذي يجعل من تنحية رئيس الوزراء دون رغبته بشكل مؤقت أمراً مستحيلاً، مع اشتراطه أغلبية لا يمكن بلوغها، إلى جانب “قانون الخميرة” الذي يحق بموجبه لمديري المستشفيات أن يقرروا حظر أو تقييد إدخال الخبز المخمر إلى المؤسسات الطبية خلال عطلة عيد الفصح التي تستمر أسبوعاً.
اقرأ أيضاً: “مشروع الإصلاح القضائي”.. قراءة في الصحافة الإسرائيلية
* أفهم من حدثيك أن التعديلات على القانون الخاص بالقضاء يمكن أن تعود مجدداً؟
– بالطبع؛ لأن ما جرى الآن هو تعليق للتعديلات، ولكن يمكن طرحها على الجلسة العامة للكنيست في أي وقت؛ فهي لم تُحذف من جدول أعمال الحكومة وإنما جرى تأجيلها. ما حدث أن نتنياهو والتحالف الحاكم قاموا بشراء الوقت من أجل حشد مؤيديهم وتعبئتهم للدفاع عنه؛ ولكي تفقد الاحتجاجات زخمها، وتحولت الساحة الآن إلى مفاوضات بين القادة السياسيين لأحزاب المعارضة الذين لا يشكلون بالضرورة أصوات المحتجين بنسبة 100%، فلقد أثبت نتنياهو عدة مرات براعته في إدارة مثل هذه المواقف، وهناك العديد من الأصوات داخل الائتلاف الحاكم -رغم اختلاف أجنداتهم وتضاربها أحياناً- غضبوا بسبب ما يرونه إقصاء لم يرغبوا فيه.

* في ظل الغضب والاختلافات داخل الائتلاف الحاكم، هل تعتقد أن الحكومة الحالية يمكنها الاستمرار، أم سنرى حلاً للكنيست عما قريب، وإجراء انتخابات مبكرة؟
– في الوقت الذي يبدو فيه الائتلاف الحكومي الحالي موحداً بشكل كبير، على الأقل أكثر من سابقه، إلا أن مكوناته الثلاثة المختلفة؛ الليكود والأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة و”الصهيونية الدينية” المعبرة عن اليمين المتطرف، وهذه الأخيرة تتكون نفسها من ثلاث فصائل لها أجندات مختلفة؛ فإن اثنين من أحزاب الصهيونية الدينية -“القوة اليهودية” برئاسة إيتمار غفير الحائز على 6 مقاعد، وآفي ماعوز رئيس حزب “نوعام” الحائز على مقعد واحد- قد يغادران الحكومة إذا استمر الوضع بالشكل الحالي؛ نظراً لاختلاف أيديولوجياتهما.
الأجندة التشريعية غير مقبولة أيضاً بالنسبة إلى الكثير من يسار الوسط، وحتى بين العديد من ناخبي الليكود. وبالتالي؛ قد تظهر انشقاقات داخل حزب الليكود نفسه، وهو ما يجعلني أتوقع أن تكون احتمالات استكمال الحكومة الحالية فترتها كاملةً حتى 2026 قليلة جداً، ولن أتفاجأ في حال لم تكمل العام الحالي، فاستطلاعات الرأي تقول إن الائتلاف سيفقد أغلبيته لو جرت انتخابات اليوم؛ وهو الأمر الذي يشكل دافعاً لحزب الليكود، على الأقل، للبحث عن حل وسط وإبطاء خطته التشريعية.
*برأيك، كيف سيتصرف نتنياهو مع هذه الأزمة داخل حكومته؟
– باعتقادي أن “بيبي” لديه رغبة في تنويع ائتلافه من خلال ضم بيني غانتس. وبالنظر إلى الحكومات السابقة التي شكلها نتنياهو؛ فإنها ضمت أحزاب الوسط لتحقيق التوازن مع اليمين المتطرف، بحيث لا يضطر إلى الاستعانة بهم للحصول على الأغلبية، على العكس من الحكومة الحالية. في المقابل؛ أعتقد أن غانتس تعلم من تجربته السيئة السابقة مع نتنياهو، وقراره بالانضمام إلى تحالف مع نتنياهو سيؤدي إلى انقسام محتمل داخل حزبه؛ لكن إذا غادر نتنياهو رئاسة الليكود فسيكون لدى الحزب فرصة لتشكيل ائتلاف قوي من يمين الوسط بسهولة.

* هل تعتقد أن التعديلات المقترحة تسببت في انقسام داخل المؤسسات الأمنية في إسرائيل؟
– لن أقول إن الأمر أدى إلى انقسام داخل المؤسسات الأمنية؛ لكن الموقف ضد التغييرات القضائية ارتبط بكونها تهدد التماسك الاجتماعي، ويمكن أن تؤدي إلى تسييس الجيش وقوات الأمن. هناك العديد من أفراد الاحتياط والقيادة العليا في الجيش والأجهزة الأمنية، مع استثناء محتمل للشرطة، ينظرون إلى التحالف الحكومي الحالي بأنه يتكون من أشخاص لم يخدموا أو يسهموا في تقديم الكثير لإسرائيل، وأن لديهم رغبة في فرض آرائهم على الآخرين.
اقرأ أيضاً: من يهدد الديمقراطية الإسرائيلية؟
* هل يعني ذلك أن نشاط اليمين المتطرف سيتأثر بتداعيات ما حدث خلال الفترة الماضية؟
– بالتأكيد؛ هناك قلق شديد من قِبل مؤيدي اليمين المتطرف الذين يشعرون الآن بالإحباط لعدم الأخد بآرائهم ورغباتهم؛ حتى إن جماعات منهم بدأت باستخدام العنف في محيطها ضد المتظاهرين السلميين، وبدأت الحكومة أيضاً في تنظيم تظاهرات مضادة من جانب أنصارها.

* إلى أي مدى قد يؤثر ذلك على وحدة المجتمع الإسرائيلي؟
– الاحتجاجات أو الصدمة التي أحدثتها التشريعات السريعة التي يحاول الائتلاف الحاكم تمريرها، تؤثر بالطبع على وحدة المجتمع في الداخل؛ لأنها سلطت الضوء على الانقسامات الرئيسية التي تقسِّم المجتمع الإسرائيلي اليهودي من الداخل إلى فريقَين، وهو أمر ستكون انعكاساته سلبية على المدى الطويل؛ لأن المواجهة إذا أسفرت عن فوز فريق سينظر الطرف الخاسر إلى الطرف المنتصر كعدو مهدِّد، ومن الصعب التراجع عما تخلفه هذه المعركة من مشاعر مليئة بالقهر للطرف الخاسر.
اقرأ أيضاً: تحذيرات من تنامي نفوذ اليمين المتطرف في إسرائيل على اليهود الأمريكيين
* كيف ترى الموقف الأمريكي مما يحدث في إسرائيل؛ خصوصاً مع إعلان الرئيس الأمريكي معارضته التحركات الحكومية؟
– يدرك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أهمية اليهود في الولايات المتحدة، وأهمية واشنطن بالنسبة إلى إسرائيل؛ لكني لست متأكداً من أن جميع مؤيديه لديهم نفس القناعة، لأن إحدى المشكلات التي يواجهها اليوم مرتبطة بأن العديد من السياسيين في الائتلاف الحاكم وأنصارهم لا يهتمون كثيراً بالقضايا الدولية، ويفضلون التركيز على السياسة المحلية. صحيح أن لكل دولة شؤونها الداخلية؛ لكن هذا الموقف ليس ناضجاً بما يكفي إذا ما نظرنا إلى بعض القضايا من زاوية مستقبلية، خصوصاً مع انخفاض مستويات الدعم بين الشباب والناخبين الديمقراطيين بشكل عام.